تخوض عدة دول بمنطقة الساحل في شمال وغرب أفريقيا حربا ضد الجماعات الإسلامية كما هو الحال في الجزائر ومالي والنيجر ونيجيريا . فهل جاء الوقت الذي يمكن أن تصبح فيه بوركينافاسو قاعدة جديدة للجهاديين؟
ورغم العمليات العسكرية في أنحاء المنطقة لاحتواء أنشطة الجماعات المتشددة إلا أنها تواصل نموها هناك.
فقد أسس المتشددون جبهة في شمال بوركينافاسو وأدت هجماتهم المتكررة في المنطقة وما بعدها إلى اضطراب الحياة الطبيعية.
من هم المسؤولون عن الهجمات؟
ادعى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أنه نفذ هجمات في يناير/كانون ثاني عام 2016 وأسفرت عن مقتل 30 شخصا في واغادوغو عاصمة بوركينافاسو.
ورغم أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي لم تعلن مسؤوليتها عن مقتل 12 جنديا في ديسمبر/كانون أول العام الماضي، فإن المسؤولين يعتقدون انها مسؤولة عن الهجوم.
وهناك مخاوف من أن يكون الهجوم الأخير في العاصمة الذي لقي فيه 20 شخصا على الأقل حتفهم من عمل تنظيم متفرع عن القاعدة وينشط في منطقة الساحل.
كما تنشط في شمال بوركينافاسو أيضا حركة أنصار الإسلام التي يقودها الإمام المتشدد الذي يسميه المسؤولون إبراهيم ديكو وهو من مدينة جيبو الشمالية.
وكانت جماعة أنصار الإسلام قد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات على مركزين للشرطة في شمال إقليم سوم في 27 فبراير/شباط الماضي.
وأفادت الأنباء أن ديكو كان يقاتل في مالي في صفوف الإسلاميين قبل تأسيس جماعته.
وبعد قضائه فترة قصيرة في السجن بمالي عقب اعتقال القوات الأجنبية له عام 2013 عاد ديكو لبوركينافاسو حيث أسس جماعة أنصار الاسلام.
وجاء المقاتلون في صفوف حركته من الجمهور المعجب بخطبه الدينية الحماسية.
ويعتبر ديكو حاليا عدوا للدولة في بوركينافاسو وتسعى الحكومة إلى قتله للقضاء على تأثيره.
ما هو حجم تهديد الجماعات الإسلامية في بوركينافاسو؟
خلال العامين الأخيرين تعرضت بوركينافاسو لسلسلة من الهجمات من قبل الجهاديين مما ضاعف القلق إزاء قدرتهم على الهجوم في أي وقت وأي مكان.
وتضمنت الهجمات الأخيرة:
في يناير/كانون ثاني 2016: هاجم متشددون إسلاميون فندقا بواغادوغو مليئا بالأجانب مما أدى إلى مقتل 30 شخصا من بينهم جنسيات غربية.
في ديسمبر/كانون ثاني 2016: لقي 12 جنديا حتفهم بعد هجوم متشددين إسلاميين في الشمال قرب الحدود مع مالي.
في مارس/آذار 2017: لقي 3 أشخاص حتفهم في هجمات على مركزين للشرطة في الشمال.
في مارس/آذار 2017 تم اختطاف شخصين وحرق مدرسة بعد تهديد الجهاديين للمؤسسات التعليمية. وفي حادث آخر تم إغلاق قاعدة عسكرية بعد استهدافها من قبل مسلحين مجهولين.
في أغسطس/آب 2017 : لقي 20 شخصا على الأقل حتفهم وأصيب 20 آخرون لدى قيام مسلحين بفتح النار على مرتادي أحد المطاعم في واغادوغو.
كيف نجح الإسلاميون في إصابة الحياة في بوركينافاسو بالاضطراب؟
أدت الهجمات المتكررة إلى موجة من الذعر في أنحاء البلاد.
ويخشى الكثيرون أن يكون الشمال مجرد نقطة انطلاق لأنصار الإسلام. وقال أحد سكان المنطقة، والذي رفض الكشف عن هويته، لبي بي سي: “العديد من المنازل هجرها سكانها، والكثير من الأحياء في جيبو باتت خالية”.
وأضاف قائلا: ” إن الأنشطة الاقتصادية توقفت، ولم نعد نسهر، وغادر الغربيون المنطقة”.
ويقوم مسلحون من وقت لآخر بأعمال سلب ونهب للمتاجر وللناس.
وقال أحد سكان قرية إيناتا لبي بي سي: “عندما يأتي المسلحون وهم يطلقون النار في الهواء يهرب الناس من بيوتهم ولا يعودون إلا بعد مغادرة المسلحين”.
وتابع قائلا: ” إنهم عادة لا يقتلون بل غالبا يمارسون السلب والنهب، نحن في حالة ذعر. لقد أغلقت المدرسة المحلية بل أغلقت كل المدارس في إقليم سوم”.
ويقول السكان المحليون إن هناك المزيد من الجنود العاملين في المنطقة ورغم ذلك فإن الإسلاميين يتفوقون عليهم بمعرفة الأرض التي يقاتلون عليها.
ما الذي يزعج المسؤولين في بوركينافاسو؟
يزعج حكومة الرئيس روك مارك كريستيان كابوري أن حركة أنصار الإسلام محلية ولدت ونمت داخل بوركينافاسو ولكن أكثر ما يقلق أن المسؤولين الاستخباراتيين يعتقدون أن جنودا سابقين في قوة النخبة الرئاسية RSP يساعدون مقاتلي الحركة.
ونسبت إحدى الصحف لمسؤولين مؤخرا القول إنهم اعترضوا اتصالا بين بوباكار ساوادوغو، الهارب من قوة النخبة، وزعيم أنصار الإسلام.
وأكد ذلك ما تشك فيه الحكومة منذ وقت طويل من أن أعضاء سابقين بالقوة الرئاسية يشاركون في هجمات في مالي وبوركينافاسو.
ولأكثر من 27 عاما ظلت القوة الرئاسية بمثابة الكابوس في بوركينافاسو. وكان قد أسسها الرئيس السابق بليز كومباوري لضمان أمنه الشخصي.
ويذكر أن القوة الرئاسية سمعتها سيئة في العمل خارج الحدود الرسمية، وبعد الإطاحة بكومباوري علم 2014 وجدت هذه القوة نفسها دون هدف واضح وشعرت بأنها مهددة.
وفي محالة للبقاء قامت بانقلاب قصير ضد الحكومة الانتقالية قبل إجبارهم على تسليم السلطة من قبل جيران بوركينافاسو.
وهربا من العدالة اتجه العديد من اعضاء هذه القوة ومن بينهم بوباكار سوادوغو إلى الحياة السرية، وبتحالفهم الغريب مع الجهاديين في الشمال باتت القوة الرئاسية كابوسا في شكلها جديد.
ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة تهديدات المتشددين؟
يعتقد أغلب سكان بوركينافاسو أن الحكومة لا تقوم بما يلزم للتصدي لخطر جماعة أنصار الإسلام. ويسود شوارع واغادوغو و ومنصات التواصل الاجتماعي شعور بالإحباط إزاء رد فعل الدولة تجاه هذا التهديد.
ودأب المسؤولون على إدانة الهجمات ولكنهم بالكاد ما يفعلونه أكثر من القول إنهم يتخذون خطوات للتصدي لها. ويقول منتقدون إن ما تم بالفعل هو إعادة هيكلة وزارتي الدفاع والأمن وهو أمر غير كاف.
ورغم ذلك فإن أيدي الحكومة مقيدة بقلة الموارد المالية والبشرية.
وعقب هجمات مارس/آذار الماضي بدا وكأن المسؤولين خرجوا بخطة أكثر وضوحا وهي سحب قوات بوركينافاسو المشاركة في مهام حفظ السلام الدولية في مناطق مثل السودان ومالي لتقاتل جماعة أنصار الاسلام في الشمال.
كما ستستفيد بوركينافاسو من وجود قوة غرب إفريقية متعددة الجنسيات تستهدف الجهاديين في منطقة الساحل، ولكن القوة الجديدة لن تعمل قبل أواخر العام الجاري.