اختتم “معهد الشارقة للتراث” أعمال “الورشة الإقليمية لمراجعة مكنز الفولكلور العربي (واصفات الخليج العربي)” التي انعقدت في مقر “مركز التراث العربي” خلال الفترة من 28 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2017، بحضور عدد من الخبراء والباحثين في مجال التراث الثقافي غير المادي بدول مجلس التعاون الخليجي.
وصرَّح رئيس معهد الشارقة الدكتور عبدالعزيز المسلم بقوله: “إنَّ التصدي لتوثيق ذاكرتنا الشعبية وحفظها، يشكل دعوة لمشروع متكامل يحتاج لجهد جماعي علمي، ويحتاج لإرادة لإنجاز هذا المشروع، وقد شهدت المنطقة العربية خلال نصف القرن الماضي محاولات مضنية توقف معظمها بقصد وبغير قصد، وهي قضية أخرى تحتاج للمناقشة. ومنذ عام 2005، عُقد الكثير من المؤتمرات واللقاءات العربية على مستوى وزارات الثقافة العرب والأليكسو، فضلاً عن ورش العمل الوطنية والإقليمية؛ من أجل إعداد نظام موحد لأرشفة وحفظ الفولكلور يجمع مختلف عناصر الثقافة الشعبية العربية، غير أن المحاولات لم تكتمل على النحو المرجو، وظلت فكرة “مكنز الفولكلور العربي” متناثرة في دول عربية عدة، اكتفت بعضها بمحاولات إعداد مكانز وطنية”.
وأضاف “المسلم”: “إننا نكتشف عناصر من الثقافة الشعبية لا تزال تعيش بيننا رغم مرور السنين، وقد نقف على عناصر أخرى كانت حية بين الجماعة الشعبية في زمن ما، غير أنها اختفت من الذاكرة تمامًا، وقد نقف على عناصر تطورت وتحورت وتبدلت وظائفها وعاشت بيننا في ثوب جديد. وعلى المستوى الميداني، تحمل الجماعات روايات متعددة ومتداخلة حول موروثها الشعبي في صورة حكاية، أو سيرة شعبية، أو معتقد، أو ممارسة شعبية، أو فنون، أو حرف تقليدية.. إلخ. كما تحفظ الدراسات المنشورة والوسائط المسجلة بأنواعها كمًّا هائلاً من المواد التي تحتاج إلى منهج توثيق علمي رصين لإتاحتها”.
ويقول الدكتور محمد حسن عبدالحافظ، المدير الأكاديمي لمعهد الشارقة للتراث، إن هذه الورشة حملت ملامح أمل جديد في إطار تبني معهد الشارقة للتراث لتنفيذ حزمة من المشروعات الكبيرة، ومنها “مكنز الفولكلور العربي” الذي عكف على إنجازه الدكتور مصطفى جاد، أستاذ علم الفولكلور بالمعهد العالي للفنون الشعبية بأكاديمية الفنون، وقد سبق أن أنجز “مكنز الفولكلور المصري”، سنة 2007، ثم نهض بإنجاز “المكنز العربي”، منذ هذا التاريخ حتى تم الانتهاء من إعداده خلال هذه السنة (2017). وتشرع “الإدارة الأكاديمية” بمعهد الشارقة للتراث في الإشراف على الورشات الإقليمية لمراجعة المكنز، وتنفيذ نتائجها العلمية، وإعداد المكنز للترجمة وللنشر في صورته الورقية والرقمية، بحلول عام 2019، بالتعاون مع “مركز التراث العربي” بالمعهد، والذي يضطلع بتنفيذ مشروع ضخم لجمع عناصر التراث الثقافي العربي وتوثيقه وأرشفته؛ لإدراجها في قاعدة بيانات مكنز الفولكلور العربي بالمركز.
وأضاف “عبدالحافظ”: ناقشت الورشة الإقليمية الأولى واصفات الثقافة الشعبية المرتبطة بمنطقة الخليج العربي؛ وذلك للاطلاع على “مكنز الفولكلور العربي” ومراجعته من خلال مجموعة من الخبراء الخليجيين، لمراجعة الواصفات التي وردت بالمكنز والمرتبطة بالثقافة الشعبية لمنطقة الخليج العربي، وهو ما سيتم أيضًا في الورش الإقليمية التالية (منطقة الشام- الدول المغاربية – وادي النيل وشرق أفريقيا). وتؤسس هذه الورش الإقليمية لتكوين لجنة علمية موسعة لمراجعة المكنز الذي يمثل أول قاعدة بيانات عربية متخصصة في الفولكلور (التراث الثقافي غير المادي). واشتملت أعمال الورشة الإقليمية الأولى على عرض لمنهج المكنز وتجربة إعداد الواصفات، ثم تحديد آليات المراجعة والضبط بمنهج علمي موحد تم التدريب عليه بالورشة.
جدير بالذكر أن الورشة الإقليمية الأولى ضمت كوكبة من خبراء التراث الثقافي في دول الخليج العربية، ومنهم: علي عبدالله خليفة وإبراهيم سند ود. أنيسة السعدون (البحرين)، وسعيد البوسعيدي وسالم المهيري (سلطنة عمان)، ود. محمد البيالي وخالد العمر (السعودية)، وسعود المسعود (الكويت)، بالإضافة إلى تمثيل العراق (د. صالح هويدي، د. خيرالله سعيد) واليمن (د. عادل الكسادي)، مع حضور بارز للخبراء والباحثين من دولة الإمارات العربية المتحدة، منهم: د. موزة غباش، ود. سعيد الحداد، ود. سيف الجابري، وفاطمة المغني، ود. بدرية الشامسي، وشيخة الجابري، وعلي المغني، ود. خالد الهنداسي، وبدرية الحوسني، ومريم جمعة.
وعن مكنز الفولكلور العربي، أوضح الدكتور مصطفى جاد أنه يحوي ما يقرب من 25.000 واصفة (مصطلح) عربية مصنفة تصنيفًا موضوعيًّا حسب التصنيف الدولي للتراث الثقافي غير المادي الذي اعتمدته اليونسكو، مع بعض الإضافات المسايرة للثقافة الشعبية العربية، وينقسم “مكنز الفولكلور العربي” إلى ستة أقسام رئيسية، هي: الموضوعات العامة، المعتقدات والمعارف الشعبية، العادات والتقاليد الشعبية، الأدب الشعبي، فنون الأداء الشعبي، فنون التشكيل الشعبي والحرف. ويُصنَّف جغرافيًّا بخمسة أقاليم ثقافية، هي: دول الخليج العربية، بلاد الشام، حوض النيل، شرق أفريقيا، الدول المغاربية.