ليس غريباً أن يحقق أبناؤنا يوم 8 أكتوبر 2017 عبورا إلى مونديال 2018 فى ملحمة عشق لمصر جاء من بين غياهب اليأس عندما نجح منتخب الكونغو فى التعادل فى اللحظات الحرجة هذا ذكرنى بما حققه أجدادهم فى 6 أكتوبر 1973 من انتصار عسكرى غير الكثير من المفاهيم الدعائية السائدة فى ذلك الوقت وقلب التوازنات التى كانت فى صالح إسرائيل بعد هزيمة يونيه 67.
نجح الجندى المصرى فى أن يسترد زمام المبادرة ويثبت أكذوبة جيش إسرائيل الذى لا يقهر بل ويؤكد أن الدعاية المعادية قد استندت إلى غير الحقيقة عندما وجهت إلى العمق المصرى أكثر من جبهة القتال للنيل من معنويات المواطن البسيط.
أعاد نصر أكتوبر للشخصية المصرية زخمها وقدرتها على الإنجاز لكن المعجزة من وجهة نظرى كانت تحويل الهزيمة إلى قدرة على إزالة آثار العدوان وإعادة بناء الجيش من جديد وعندما تجاوز المصريون جميعهم عبء الهزيمة النفسى والمادى.
تم الانتقال عام 68 إلى مرحلة الاستعداد لتحرير الأرض وكان التهجير الكامل لمدن القناة الثلاث عام 69 مؤشراً لمرحلة أخرى جديدة على طريق معركة الثأر، ولكن رحيل جمال عبدالناصر فى 28 سبتمبر 1970 كان هزة قوية واختباراً صعباً للشعب المصرى الذى أثبت تحديه الواقع الجديد، وفى الفترة من عام 70 إلى عام 73 استطاع الرئيس أنور السادات أن يكمل مسيرة بناء قوة مصر العسكرية ويعد لخطة نجح فى التمويه والخداع لإخفائها ثم يتخذ فى السادس من أكتوبر قراراً انتظره المصريون بفارغ الصبر بعبور أكبر مانع مائى فى التاريخ وتدمير خط بارليف على الضفة الشرقية لقناة السويس الذى كم ضخمت منه العسكرية الإسرائيلية فى محاولة لإرهاب المصريين.
هكذا نجد أن الانتصار فى حرب أكتوبر فتح صفحة جديدة فى حياة الشعب المصرى وجدناها فى الشارع المصرى تتسم بالقدرة على التحدى وتجسيد ملامح الطابع القومى للمواطن عندما انتقل من روح الهزيمة إلى روح النصر ما انعكس بالإيجاب على أداء الشخصية المصرية.
ويتفق علماء السياسة والاجتماع على أن حرب أكتوبر قد ساعدت المصريين على استرداد هويتهم التى فى حقيقة الأمر لم تفقد ولكنها تعرضت لنوع من الضبابية الاجتماعية والسياسية نتيجة ضغوط الفترة من 1967 حتى 1973.
لكن المشكلة ودعونا نتحدث بصراحة أن عدونا فى 73 كان محدداً وواضحاً، إنما أعداؤنا اليوم كثر ومتلونون وغير واضحين، ومن هنا تصبح المشكلة أعقد نسبياً خاصة إذا أضفنا لصورة الواقع تحديات أخرى مثل الفساد والتخلف بثالوثه الشهير الفقر والجهل والمرض ما يجعلنا فى حاجة ماسة لروح أكتوبر من جديد، وأى متطلع للمستقبل لابد أن يسعى إلى هذه الروح لمواجهة كل التحديات الداخلية والخارجية.. هنيئاً لمصر المشاركة فى مونديال روسيا والمشوار القادم للمنتحب المصرى لا شك هو الأصعب!
* الكاتب: رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالتليفزيون المصري