مدغشقر تكافح أسوأ تفش لوباء الطاعون منذ عقود

آخر تحديث : الإثنين 16 أكتوبر 2017 - 8:28 مساءً
مدغشقر تكافح أسوأ تفش لوباء الطاعون منذ عقود
وكالات:

>> المدارس أغلق أبوابها.. وفي المطارات والشوراع الناس يرتدون القناع الواقي

بإمكانك أن ترى الناس في المطار والبنوك والأماكن العامة وهم يرتدون أقنعة واقية، في الوقت الذي تحظر فيه حكومة مدغشقر التجمعات، فيما لا تزال المدارس مغلقة.

ويتحدث رئيس مدغشقر هيري راجاوناريمامبيانينا عن “حرب” – في مواجهة تفشي وباء الطاعون المميت، الذي ينتشر بسهولة بين السكان، ما دفع بجزيرة مدغشقر إلى الغرق في حالة من الخوف.

وتسبب انتشار وباء الطاعون في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان في قلق بالغ لدى الحكومة.

وفي أوائل أكتوبر الجاري، بدأت الصفوف الطويلة الأولى في الظهور أمام الصيدليات في العاصمة أنتاناناريفو حيث يحاول الناس الحصول على المضادات الحيوية بسرعة لحماية أنفسهم.

ونفدت الإمدادات بسرعة كبيرة، وحثت الحكومة المواطنين على الهدوء.

لكن وزارة الصحة حينها بدأت في إرسال رسائل نصية قصيرة إلى الهواتف النقالة العاملة في العاصمة، تحمل تحذيرا ينص على: “الطاعون، الموت السريع، إذا كان لديك سعال وأي من هذه الأعراض (الحمى، والتهاب في الحلق، وضيق في التنفس والسعال الدموي)- توجه إلى المستشفى”.

وفى الوقت نفسه، لقى حوالى 50 شخصا حتفهم، حيث تضاعفت الارقام في غضون اسبوع. وهناك حوالى 450 مصابا بالمرض – نصفهم في العاصمة انتاناناريفو.

ولا يعتبر تفشي المرض على نطاق ضيق شيء نادر في الجزيرة الواقعة قبالة الساحل الشرقي للقارة السمراء. لكن الارقام هذه المرة أكبر بكثير.

ويتردد أيضا أن سائحا عائد إلى سيشل من مدغشقر حمل المرض معه إلى هناك. ولم تشهد أي منطقة وباء بهذه الخطورة منذ ماشهدته منطقة سورات الهندية فيعام 1994 .

وفي العاصمة التي يقطنها 2ر2 مليون نسمة، أغلقت المدارس أبوابها وأصبحت الأماكن الأخى خاوية بشكل مخيف، أما في الجامعة فقد تم إلغاء المحاضرات.

وتقول أنتسا راندريامانالينا، وهي طالبة جامعية تبلغ من العمر 20 عاما: “الجامعة خالية تماما”.

وتضيف إن عددا قليلا فقط من الطلاب هم من في الحرم الجامعي من أجل العمل في مشاريع جماعية، قالت “انا قلقة للغاية، آمل ألا يزداد الوضع سوءا”.

ومن أجل بث الثقة في نفوس المواطنين خرج الرئيس هيري راجاوناريمامبيانينا للتحدث إليهم.

وقال راجاوناريمامبيانينا، خلال مراسم استلام مواد الاغاثة من منظمة الصحة العالمية، والتي أرسلت حوالى 5ر1 مليون جرعة من المضادات الحيوية، تكفي لعلاج خمسة ألاف متضرر من المرض وتقي 100 ألف أخرين، “إننا في حالة حرب، ولكن اليوم، أنا أعتقد، بأن لدينا الأسلحة والذخيرة اللازمة لقهر هذا الوباء”.

وتقول شارلوت ندياي، رئيسة مكتب منظمة الصحة العالمية في مدغشقر: “كلما تحركنا بسرعة أكبر، كلما زادت الأرواح التي يمكن إنقاذها”.

وتتسبب في وباء الطاعون الدبلي، بكتيريا تسمى “يرسينيا بيستيس” والتي تنتشر في الأساس عن طريق البراغيث وتحملها الفئران. في حال تعرض الإنسان للعض من قبل برغوث مصاب، فإن الأعراض تبدأ في الظهور بعد سبعة أيام، في البداية تكون كما لو أنه أصيب بإنفلونزا حادة ثم تبدأ الغدد الليمفاوية في التورم بكثافة.

أما في مدغشقر، فإن الغالبية العظمى من المرضى تعرضوا لما يعرف بـ(الطاعون الرئوي) النسخة الأكثر فتكا من الوباء، والذي ينتقل من شخص إلى آخر بواسطة الرذاذ المعدي الذي ينتشر عند السعال.

مع التشخيص المبكر، فإن فرص الشفاء مع استخدام المضادات الحيوية مرتفعة. ولكن في المراحل المتقدمة من المرض، يمكن أن يتحول الطاعون الدبلي إلى الطاعون الرئوي في الرئتين. والذي ينتقل عن طريق الرذاذ المعدي في الهواء، على غرار الانفلونزا، وبإمكانه الانتشار بسرعة كبيرة، حيث لا تتجاوز فترة حضانته 24 ساعة. ويتسبب الطاعون الرئوي في وفاة حامله بسرعة إذا لم يخضع للعلاج.

ولم ينشر أي مرض آخر تقريبا في التاريخ البشري الخوف والرعب مثل الطاعون. ففي أوروبا خلال الفترة بين عامي 1347 و1353، حصد الوباء الذي أطلق عليه حينئذ “الموت الأسود” ملايين الأرواح، ما يقرب من ثلث سكان القارة.

والمناطق الفقيرة في أنتاناناريفو هي الأكثر تضررا من الوباء الحالي. فالعديد من الشوارع تذخر بأكوام القمامة، وهو ما يهيئ الظروف المثالية لانتشار الجرذان.

وفي محاولة لمنع الذعر، أقامت السلطات الخيام على مداخل المناطق الفقيرة لتزويد السكان بالمعلومات.

وتعتبر مدغشقر، التي يقطنها ما يقرب من 25 مليون نسمة، على مدى سنوات الدولة صاحبة العدد الأكبر من الإصابات بمرض الطاعون على مستوى العالم، وخاصة الطاعون الدبلي.

وإذا تم الإبلاغ في إحدى القرى عن وجود حالة، فإن السلطات الصحية تمسح المنطقة للقضاء على الفئران وتطهير المنازل وترش المبيدات الحشرية لقتل البراغيث. كما يجري توفير المضادات الحيوية لأقارب الضحايا كتدبير وقائي.

ويتم غسل جثث من قتلوا جراء الطاعون بمحلول الكلور كما يجري فركها بالجير، لان الموتى أيضا بإمكانهم نشر العدوى.

وفي حالات تفشي الوباء تحظر السلطات الطقوس الجنائزية، حيث يتم دفن الجثث بعيدا عن المقابر.

ويقول وزير الصحة مامي لالاتيانا اندرياماناريفو في مقابلة مع شبكة الإذاعة الفرنسية (أر.إف.آي) “إن فرقنا على دراية جيدة بكيفية مكافحة تفشي وباء الطاعون في الريف … لكن هذه المرة مختلفة، فهذا طاعون رئوي – وينتشر في المدينة”.

رابط مختصر
2017-10-16
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر