ستة اشهر تفصلنا عن الانتخابات النيابية والقانون الانتخابي ينص على البطاقة البيومترية لكن الامور تتجه الى عدم انجازها في هذه الانتخابات. أي تعديل ليس بالامر السهل والتعديل قد يجر تعديلا اخر ولذلك لا يمكن اعتبار هذا التعديل اذا جرى انه تقني بل هو اساسي. فكيف ستجري الانتخابات النيابية وعلى أي اساس؟
حتى الان لم يتم اللجوء الى اي نص قانوني للتعديل بل بقي ذلك في الاطار الكلامي والمواقف كما انه لم يتم البحث بشكل جدي في موضوع البطاقة في مجلس الوزراء. ومتى ترفع لجنة الانتخابات تعديلاتها الى الحكومة لاقرارها؟ كلها اسئلة بحاجة الى اجوبة شافية.
وفي هذا السياق، برز في القانون الانتخابي الجديد ثغرات لدى بعض الاحزاب والطوائف خاصة لدى الطائفة السنية حيث يعاني الرئيس سعد الحريري من وجود قوى سنية فاعلة في الشمال، كالرئيس نجيب ميقاتي واللواء اشرف ريفي وفيصل كرامي، وامتدت المعاناة الى قلب كتلته مع تمرد النائب خالد الضاهر و«عنعنات» احمد فتفت الذي وجه انتقادا لحزب الله من اجل احراج الرئيس الحريري. الى جانب ذلك يعاني الحريري من مشكلة اساسية في صيدا واقليم الخروب حيث للجماعة الاسلامية الثقل الاساسي في هاتين الدائرتين.
وبحسب ما نشرته صحيفة “الديار” اللبنانية، تأتي قوة الجماعة الاسلامية بعد الحريري مباشرة، وقد اعلنت انها لن تتحالف مع الحريري اذا لم يكن هناك تحالف معه في باقي المناطق وليس في بيروت فقط لان حجم شعبيتها كبير واكبر من حصولها على نائب واحد هو النائب عماد الحوت. فهل عدم التحالف بين تيار المستقبل والجماعة الاسلامية سيطيح بمقعد النائب فؤاد السنيورة في صيدا وربما محمد الحجار في اقليم الخروب؟
وبحسب الصحيفة، يعاني الحريري المشكلة السنيّة، يبدو الثنائي الشيعي مرتاحا في الجنوب، اما في دائرة بعلبك – الهرمل فسيواجه معركة حقيقية في ظل قوة الناخب السني والناخب المسيحي بعد اعلان القوات اللبنانية مرشحها في هذه الدائرة، وكذلك التيار الوطني الحرّ، فيما النائب اميل رحمة هو المرشح المرجح على لائحة الثنائي الشيعي.
وفي بيروت، يسعى الحريري الى التحالف مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الطاشناق والقوى الارمنية الاخرى وحركة امل. ورغم الحديث عن تحالف الحريري مع جنبلاط بعد اللقاء الثلاثي هناك اشكالية حول المقعد الدرزي في بيروت وعلى خلفية «من يسمي هذا المرشح» الا ان المعلومات تشير الى احتمال اتفاق الحريري وجنبلاط على اسم مشترك للمقعد الدرزي في بيروت.
اما المعركة الكبرى تبقى في قضاء البترون – بشري – زغرتا – الكورة علما ان كلام الحريري عن تحالفه مع الوزير سليمان فرنجية في زغرتا ومع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في البترون اثار استغرابا لان هذه القوى لا يمكن ان تكون في لائحة واحدة، فكيف سيوزع الحريري اصواته، كما ان الحريري فتح معركة مع حليفه السابق الوزير بطرس حرب الذي يتمتع بحضور بارز في منطقة البترون.
في الوقت ذاته، لن تنضج التحالفات بشكلها النهائي في معظم الدوائر وكل فريق سياسي يرتب بيته الداخلي. وعلى هذا الاساس، بعض المرشحين الذين كشفت عنهم بعض الاحزاب قد لا يكون ترشيحهم ثابتاً بل هو قابل للتغيير. والحال ان تيار المستقبل لم ينظم شؤونه الداخلية بعد وما زال بحاجة الى مزيد من الوقت لترتيب وضعه لينشئ تحالفاته مع الاحزاب الاخرى في حين يظهر ان المساكنة هي سيدة الموقف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في التحالفات وفي اسس العلاقة حيث لا طلاق ولا اتفاق بين الجانبين، ولكل دائرة حساباتها وتحالفاتها.
في نطاق متصل تبين ان هناك ثلاثة خيارات امام الحكومة حول اقرار البطاقة البيومترية وهي: الخيار الاول يقضي بعدم اقرار البطاقة في انتخابات 2018 في حين ان الخيار الثاني وهو مبادرة وسطية اطلقها وزير الداخلية نهاد مشنوق وعرفت ايضا بالخطة «ب» تنص على اعطاء البطاقة البيومترية للذين اعتمدوا التسجيل المسبق او بمعنى اخر للمقترعين الذين اختاروا التصويت في مناطق سكنهم وليس مكان ولادتهم. اما الخيار الثالث هو العودة الى استخدام الهوية او جواز السفر على غرار ما حصل في انتخابات 2009 وذلك لانقضاء الفترة الزمنية لانجاز البطاقة البيومترية لانتخابات 2018. وعلمت «الديار» بأن مبادرة المشنوق غير عملية وانه من الغير الممكن اعطاء البطاقة البيومترية لمن يريد كما ان تلزيم البطاقة يجب مناقشته في مجلس النواب وذلك يشير الى ان خيار الهوية او جواز السفر هو المرجح للانتخابات النيابية المقبلة. وبناء على ذلك، اذا لم تنجز البطاقة لن يعود هناك ما يسمى بالتسجيل المسبق بل سيكون على الناخبين التصويت في مكان ولادتهم وهذا يتطلب تعديلاً على القانون الانتخابي في هذا المجال.
ورأت مصادر سياسية، ان القانون الانتخابي الجديد يؤثر على التحالفات القائمة وفي الوقت ذاته يشجع على عدم تحالف «الحلفاء» «لانها مش اخر الدنيا». و اشار الى احتمال تحالف الاضداد انتخابيا بما ان القانون الجديد يحتم احيانا هكذا تحالفات.
*كلام باسيل عن المصالحات
على صعيد اخر، جاء كلام الوزير جبران باسيل عن المصالحة في الجبل سلبياً في العديد من جوانبه ولم يكن شعبيا والاعتراضات محقة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، اذا كان كلام باسيل ضد المصالحة يصب في خانة شد العصب الانتخابي؟ فلماذا هذا الحق ممنوع عليه ومسموح لغيره، ولماذا لم يصدر اي اعتراضات على موقف الاشتراكي من محاولته اعتراض زيارة الوزير السابق وئام وهاب الى الباروك واعتبارها انها امر خارج عن المألوف؟ وبالتالي، فان كل الكلام اليوم هو كلام انتخابي وتحريضي وطائفي من كل الاطراف وهذا يسيء الى اجواء البلد واجراء انتخابات في جو مشحون. وعليه، هل ستشهد البلاد توترات محلية قبل الانتخابات من اجل شد العصب الانتخابي؟
اما عن موقف وزير الخارجية جبران باسيل من المصالحة في الجبل، اعتبرت المصادر السياسية ان موقف باسيل لم يكن موفقا ذلك لانه لم يحصل على تأييد فريق سياسي واحد لا بل على العكس برز اجماع على المصالحة. واضافت ان المصالحة لها رمزية كبرى وهي العودة الى الجبل والحرص على العيش المشترك مشددة ان الخلاف السياسي لا يجب ان ينعكس على الطوائف. وتابعت هذه المصادر ان المصالحة لها رمزية سيادية مهدت الطريق لتأسيس ثورة 14 آذار حيث فتح نداء المطارنة برعاية البطريرك صفير في 20 ايلول 2000 الطريق لتأسيس قرنة شهوان في 3 نيسان 2001 والتي ترجمت تقاربا مسيحيا على الارض.
وهذا المسار السيادي وحّد المسارات السياسية وادى الى لقاء البريستول ومن ثم الى 14 اذار. بيد ان النظام السوري كان يعمل على اساس «فرق تسد» اما البطريرك صفير اراد ان ينهي هذه الحالة عند الافرقاء المسيحيين واللبنانيين ولذلك شدد على اجراء المصالحة لاعادة اللحمة بين المسيحيين والدروز ولازالة خوفهم من بعض. وهكذا اسست المصالحة لمحطة تأسيسية ادت الى خروج الجيش السوري لاحقا من لبنان وفقا لهذه المصادر.
*«قبة باط»
بالمقابل، اشارت اوساط سياسية ان هجوم النائب انطوان زهرا على رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل لم يكن ليحصل لو لم يكن هناك ضوء اخضر من القيادة القواتية. وهذه النبرة العالية التي اعتمدها زهرا تؤكد عمق الخلاف القائم بين الوطني الحر والقوات اللبنانية.
*خطابات شعبوية في مجلس النواب
اما النقاش حول الموازنة، فقد طغى الخطاب الانتخابي الشعبوي على جلسة مجلس النواب في حين ان البعض الاخر ركز على انتقاد الوضع الاقتصادي وسياسة الحكومة بشكل واضح محذرين من كارثة مالية مثل نجيب ميقاتي وقد تميز خطابه بمعارضة صريحة وواضحة.
*المصالحة الفلسطينية تنعكس بانشاء لجنة في عين الحلوة
على صعيد اخر، انعكست المصالحة الفلسـطينية بين حركة فتح وحماس على تشكيل لجنة مختصة بمعالجة ملف المطلوبين اللبنانيين والفلسطينيين واعادة احياء آلية الاتصال بين الفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني. وتجدر الاشارة الى ان المطلوبين يقيمون في مربعات امنية في مخيم عين الحلوة تحت حماية امنية لجماعات اسلامية متطرفة لها علاقة بـ«جبهة النصرة» وتنظيم «داعش». وبعد الاعلان عن المصالحة الفلسطينية، انعكس جو من الارتياح في المخيم بالتزامن مع رفع وتيرة الاتصال مع الجيش حول الوضع الامني بعد قطيعة سجلت بين الطرفين جراء اصرار الجيش على مطالبة القيادة الفلسطينية بالاسراع في معالجة ملف تسليم المطلوبين.