توجه ثلاثة رؤساء عراقيون بخطابات، تحمل كل منها وجهة نظر مختلفة عن الآخر، ففي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن الاستفتاء أصبح من الماضي، بعد سيطرة القوات العراقية على أجزاء استراتيجية في كركوك، وإعلانه بمسؤولية العاصمة بغداد عن كل المناطق العراقية بما يشمل منطقة كردستان، اتهم رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بالتخلي عن مواقعهم، معتبرا أن خط التماس الذي تم الاتفاق عليه قبل عملية تحرير الموصل 2016 أساسا للتفاهم عند نشر القوات العراقية.
فيما، حمل الرئيس العراقي فؤاد معصوم من جهته، قيادة كردستان مسؤولية ما جرى من عملية عسكرية في كركوك، معتبرا أن إجراء الاستفتاء أثار خلافات خطيرة بين بغداد وأربيل وبين القوى السياسية الكردستانية ذاتها، مؤكدا على ضرورة الالتزام بالدستور كأساس لأي خطوات أو إجراءات.
واوضح العبادي في مؤتمره الاسبوعي “الاستفتاء انتهى الآن واصبح ماضيا، حصل في فترة زمنية ماضية وانتهت نتائجه”.
وأوضح “يجب أن تفرض السلطة الاتحادية في كل مكان بالعراق اريد ان اكون عادلا مع كل المواطنين”.
ودعا العبادي إلى إجراء حوار مع إقليم كردستان على اساس “الشراكة في وطن واحد”. وقال “نحتاج ان نتفاهم على أساس سقف الدستور، وعلى اساس الشراكة الوطنية جرت ممارسات خاطئة بالسابق نريد أن نصحح هذه الممارسات التي اوصلتنا الى هذه المرحلة”. وفي كلمة بثها التلفزيون قال الرئيس العراقي فؤاد معصوم إن العملية العسكرية التي أدت الى استعادة القوات العراقية الاتحادية السيطرة على محافظة كركوك وحقول النفط، سببها الاستفتاء على الاستقلال.
وقال معصوم الكردي المنتمي إلى الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس لبارزاني “إن اجراء الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان أثار خلافات خطيرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان كما بين القوى السياسية الكردستانية ذاتها افضت الى عودة القوات الامنية الاتحادية الى السيطرة المباشرة على كركوك”.
في سياق متصل، حمل رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني في كلمة، عصر امس، ما حدث في كركوك الى قيادات في الاتحاد الوطني الكردستاني التي سحبت قوات البشمركة التي كانت تابعة لها من مناطق في كركوك.
وقال البرزاني إن “ما حصل في معركة كركوك، كان نتيجة لقرار انفرادي اتخذه بعض الأفراد التابعين لجهة سياسية داخلية في كردستان، وانتهت نتيجة هذا القرار بانسحاب قوات البشمركة بهذا الشكل والطريقة التي رآها الجميع.
وتابع بالقول ان “شعب كردستان لم يرد يوما أبدا أن يكون مبادرا للقتال وكانت مطالبه دوما على ضوء الحل السلمي وكانت خطوات هذا الشعب ايضا في هذا الاطار، و لم نرد الحرب يوما لكنها فرضت علينا ولم نبادر إلا للحلول السلمية في سبيل بقائنا ووصولنا لأهدافنا، وكانت اهدافنا الاساسية دوما حقوق شعب كردستان وأمنه وأمانه”.
وأوضح رئيس الاقليم اننا “سنبذل كل جهدنا وسنفعل كل ما هو ضروري من اجل الحفاظ على مكتسباتنا وحماية الأمن والاستقرار لشعب كردستان”، مشددا على “الحفاظ على وحدة الصف وصمود شعب كردستان والقوى السياسية”، حسب البيان. واضاف” ان دماء البشمركة لن تذهب سدى ونجدد تأكيدنا على ضرورة وحدة الشعب الكردي وكافة أطرافه السياسية”.
من جهته، رد رئيس الوزراء العراقي على رئيس اقليم كردستان ان استفتاء اقليم كردستان” انتهى، واصبح الآن من الماضي “. وقال العبادي “أبلغت القادة الكرد ان الاستفتاء سيضر مصالح المواطنين الكرد أولا”، مشيرا الى اننا “لن أدخل في حرب داخلية قلتها سابقا وأكررها الآن”. وقال ” احذر أي جماعة في كركوك والمناطق المتنازع عليها من القيام بأي عمل تخريبي”، لافتا الى ان “مواطنين اتصلوا وطالبوا بتخليصهم من الدكتاتورية”. في اشارة الى حكم رئيس الإقليم.
الرئيس معصوم دعا سكان محافظة كركوك الى العودة لحياتهم الطبيعية والتمسك بضبط النفس.
واضاف الرئيس العراقي ان “استمرار الإشراف الأمني لقوات البشمركة على كركوك، لم يكن يتعارض مع الدستور، باعتبارها جزءاً رئيسياً من المنظومة الدفاعية الوطنية العراقية وفق الدستور ومكلفة بدعم القوات العراقية للدفاع عن سيادة وأمن البلاد الى جانب مهمتها الأساسية في حماية إقليم كردستان”.
وأهاب معصوم “بأبناء كركوك احترام سلطة القانون والدولة”، داعيا الى ” عودتهم الى ممارسة أعمالهم وحياتهم الطبيعية مع التمسك بضبط النفس في هذه الظروف، موجها القوات الأمنية الى عدم المساس بحقوق وكرامة أي من أفراد البشمركة والموظفين والسكان الكرد أو سواهم في كركوك”.
وشدد رئيس الجمهورية “على لزوم مضاعفة الجهود من أجل عودة أطراف الخلاف إلى حوار عاجل ومخلص لحل المشاكل السياسية والإدارية المترتبة عن هذه التطورات على أساس التمسك بالدستور والقانون بما يحفظ حقوق الجميع، كما نجدد التنبيه الى خطورة ترك الخلافات تتفاقم الى نزاعات أشد وأعمق مما سيضر الجميع دون استثناء فضلاً عن نتائجها المدمرة على مستقبل العراقيين جميعاً”.
وأكد “في هذا الظرف وحيث تتباين التصورات والاجتهادات والدعوات فإننا من موقعنا وبموجب مسؤوليتنا الدستورية نؤكد وبكل عزم على أهمية الالتزام بالدستور كأساس لأي خطوات او اجراءات وهو ما نحرص على ضمانه بإصرار”.
وتواصل قوافل المدرعات والدبابات العراقية منذ يومين التقدم في محافظة كركوك في عملية قالت السلطات العراقية انها لـ”فرض الأمن” في المناطق التي استولى عليها الاكراد في خضم الفوضى التي أعقبت اجتياح تنظيم “داعش” لمساحات واسعة في شمال العراق وغربه في 2014.
وقال مصور لوكالة فرانس برس ان القوات العراقية قامت بإزالة الاعلام الكردية المنتشرة على مباني حقلي باي حسن وهافانا ورفعت الأعلام العراقية. وقال العقيد أحمد مودي من الشرطة الاتحادية ان “عودة القوات العراقية الى حقول النفط قضية عادلة”، مؤكدا لفرانس برس ان “النفط ثروة وطنية، والثروة الطبيعية في كل المناطق هي ملك للعراق”.
ومثل إنزال علم الاقليم ورفع العلم العراقي بدلا عنه في مبنى محافظة كركوك، رمزا لعودة المحافظة الى سيطرة الحكومة الاتحادية.
وحققت القوات الحكومية هذا التقدم السريعة دون وقوع مواجهات عسكرية.
واعلنت القوات العراقية أمس أيضا استعادة السيطرة على قضاء سنجار ذي الغالبية الايزيدية والواقعة على بعد مئات الكيلومترات من كركوك، وعلى مقربة من الحدود مع سورية، بعد انسحاب قوات البشمركة منه.
في محافظة ديالى، شمال شرق بغداد، اعلن مسؤول امني صادق الحسيني ان “القوات الحكومية دخلت جلولاء ورفعت العلم العراقي فوق مبنى المجلس البلدي”.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي أعطى القوات الكردية مهلة ثلاثة ايام للانسحاب من الآبار النفطية ومناطق متنازع عليها، وأمر بعد انقضاء المهلة “بفرض الامن والسلطة الاتحادية” و”تطبيق الدستور”، اضافة الى “رفع العلم العراقي على جميع المباني الحكومية في البلاد”. ويقول مسؤولون ان تقدم القوات الحكومية من دون وقوع اعمال عنف تم نتيجة انسحاب قسم كبير من قوات البشمركة التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وفقا لاتفاق مع حكومة بغداد.