الدراسات التاريخية تؤكد عمق الحضارة والدور العُماني في إفريقيا

آخر تحديث : الخميس 19 أكتوبر 2017 - 7:40 مساءً
الدراسات التاريخية تؤكد عمق الحضارة والدور العُماني في إفريقيا
العربي الأفريقي - خاص:

يكشف التاريخ دوماً أصالة الحضارات وعمق إسهاماتها الإنسانية في العالم، ومن هذا المنطلق جاءت توجيهات السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان بعقد المؤتمر الدولي الخامس حول “علاقات عُمان بدول القرن الإفريقي”، والذي أقيمت فعالياته في دولة جزر القمر، مؤخرا ، في مسعى حميد لتسليط مزيد من الضوء على هذه العلاقات والحضارة العُمانية في القارة الإفريقية والتي غيرت ملامح هذه البقعة من العالم؛ بفضل الإسهامات المتعددة للعُمانيين.

واللافت للنظر في هذا السياق، الزخم الثقافي الذي صاحب المؤتمر؛ حيث شارك فيه باحثون من 11 دولة قدموا 46 ورقة عمل، علاوة على استعراض ما يربو على 200 وثيقة، تجسد تاريخ العلاقات الثنائية بين عُمان وأفريقيا، على مر العقود والأيام.

اكتسب المؤتمر أهمية خاصة على المستويين الرسمي والأكاديمي؛ فمن جهة يؤصل لجانب بالغ الأهمية في تاريخ عُمان خلال فترات الحكم المتعاقبة على مدى قرون ماضية، والدور العُماني البارز وإسهاماته الإنسانية والحضارية من حيث نشر العلوم والمعارف. ومن جهة أخرى، يساعد الباحثين والأكاديميين في الحصول على قدر هائل من المعلومات الخاصة بتاريخ العلاقات العُمانية- الإفريقية، لاسيما منطقة القرن الإفريقي.

كما أن الاهتمام الرسمي من جانب جزر القمر الدولة التي استضافت المؤتمر، يؤكد مدى التقدير الذي تكنه الدول الإفريقية للسلطنة، ويعكس حجم الروابط التاريخية والوشائج الإنسانية بينهما.

وتؤكد الدراسات التاريخية أن جمهورية جزر القمر المتحدة، كانت موطئًا لحركة عبور واتصال وتواصل وامتداد من عُمان إلى زنجبار مما جعلها شاهدًا على التراث الزاهر والإنجاز الحضاري العماني الممتد عبر المراحل التاريخية المختلفة، حيث تعزز الحضور العماني في إفريقيا والتواصل مع سكانها مع ظهور الإسلام، ما أعطى لهذه العلاقات مزيدًا من الزخم والمكانة في ترسيخ جذور التواصل ومشاعر الألفة والمحبة والتسامح، فتوسعت دائرة اهتمام العمانيين بإخوانهم في الساحل الشرقي الإفريقي، عاكسة الصورة الحقيقية لطبيعة الشخصية العمانية من حيث المواقف النبيلة والمبادئ السامية الرفيعة لحسن التعامل وثوابت المواقف ومد يد المحبة والسلام ونشر الطمأنينة والأمان.

ولا شك أن تنظيم سلطنة عُمان لهذا المؤتمر يأتي في وقت يحتاج العالم فيه إلى التأكيد على قيم التسامح والعيش المشترك والتعاون، فضلا عن تأكيد الدعوة إلى تعزيز العلاقات البينية في مختلف المجالات، والسعي بكل السبل إلى الاهتمام بدروس التاريخ ونقلها إلى الأجيال الجديدة حتى تتمكن من الاستفادة من هذا الميراث الغني.

لقد كانت سلطنة عُمان على مدى القرون الماضية واحدة من أهم دول العالم في نقل الحضارة، بفضل ما تمتلكه من حرص عميق على نشر القيم الأصيلة وبث المعرفة في مختلف الأقطار، وقد زاد ذلك الحرص مع قيام العُمانيين بنشر الدين الإسلامي الحنيف، والعمل على تأسيس ثقافة تقوم على الاحترام والسلام بين المجتمعات.

إن مُخرجات هذا المؤتمر ستسهم بكل تأكيد في دعم وتوطيد العلاقات الثنائية بين عُمان ودول القرن الإفريقي، وتستنهض الدور العُماني في هذه المنطقة؛ بما يؤكد التوجهات الرئيسية للسلطنة فيما يتعلق بنشر مبادئ التآخي والتراحم بين شعوب الأرض قاطبة.

يبقى التأكيد على أن التاريخ والتراث البحري العريق لسلطنة عُمان عاد يتجدد في الوقت الراهن بفضل حكمة السلطان قابوس بن سعيد وإيمانه بأهمية إقامة علاقات قوية ومتينة مع مختلف بلدان وشعوب العالم المعاصر، ومن ثم أعاد للرحلات البحرية العمانية الجماعية والفردية، ولأدوار العمانيين بهاءها وتألقها التاريخي.

تؤكد الدراسات التاريخية أن علاقة عُمان بزنجبار والساحل الشرقي لإفريقيا، علاقة تاريخية موغلة في القدم من خلال استدلال المؤرخين على أن الوجود العُماني العربي في زنجبار سبق ظهور رسالة الإسلام لأن هجرة حاكم عُمان سليمان ابن عباد بن عبد الجلندي وأخيه سعيد إليها بعدتهما وعتادهما لا بد أن يستند على وجود سابق له يأمنان فيه على حياتهما وأموالهما وذويهما وقبل ذلك على دينهما.

وبعد هذه الهجرة، بدأ الوجود العماني في الجزيرة يتوطد أكثر وأكثر خصوصا في عهد دولة اليعاربة (1624-1741م) ثم حكم الدولة البوسعيدية، وبلغ هذا الوجود أوجه في عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي (1806-1856م) الذي جعل من زنجبار بدءا من عام 1832م حاضرة لسلطنته وأصبحت لاحقا مركزا هاما في تجارة العالم آنذاك.

وبالتالي كان للتواجد العُماني في تلك المنطقة دور هام في تقدم وازدهار الجزء الشرقي من القارة الإفريقية لاسيما في الجوانب الاقتصادية والثقافية والعمرانية، كما كان للعُمانيين دور هام في نشر الإسلام واللغة العربية في تلك المناطق.

رابط مختصر
2017-10-19 2017-10-19
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر