في المحاولات المستميتة من جانب الدب الروسي لاستعادة موقعه القديم في ميزان القوى العالمي؛ بحيث لا يجعل الولايات المتحدة الأمريكية تستأثر بالمشهد، فقد استطاعت روسيا أن تأخذ مكانها مجددا في لتكون القوة الثانية عالميا في مواجهة أمريكا، وربما يقودها طموحها لتصبح القوة الأولى. حول واحد من أهم المحددات للاستراتيجية الروسية كتبت الزميلة جاين اسحاق، تقريرا مهما في موقع “الديار” اللبناني.
و”العربي الأفريقي” تنشر نص التقرير في السطور التالية:
بعد إستلامه زمام السلطة في روسيا، أعاد فلاديمير بوتين جزءاً كبيراً من قوة وعظمة الـ “دب السوفياتي”، فقد عمل الأخير على زيادة النمو الإقتصادي كما فرض الوجود الإمبراطوري على الساحة العسكرية تحديدا في الشرق الأوسط، فأضحى معادلة دسمة يهابها المجتمع الدولي و خاصة ندّه الولايات المتحدة الأميركية، لترتفع من جديد وتيرة الحرب الباردة. فقد كسبت الأخيرة ثقة حلفاء الولايات المتحدة وأضحت مركز إستقطاب لبيع الأسلحة المتطورة، كما فرضت وجودها سياسيا وعسكريا في الشرق الأوسط، فبالرغم من تحالفها مع إيران وسوريا، بنت علاقات ديبلوماسية مع السعودية وقطر وتركيا، لتخرج من قوقعتها وتنتشر على مد البحر الأبيض المتوسط. وبسبب تلك النهضة العسكرية والسياسية، تحاول أميركا محاربة روسيا بشراسة بفرض عقوبات عليها وتوجيه تهديدات لتركيا واتهامات لإيران.
بغض النظر عن تطوير الترسانة النووية بين كلا الجانبين الروسي والأميركي ونشر القوات العسكرية التقليدية وأعرابها عن النضال للهيمنة من خلال الحروب بالوكالة في جميع انحاء العالم، خاصة الشرق الأوسط، والحرب النفسية والدعائية والمسابقات التكنولوجية مثل سباق الفضاء، برزت في الآونة الأخيرة صفقات بيع الأسلحة المتطورة. فجذبت روسيا بمعداتها المتطورة كـ إس 400 وكلاشينكوف(AK-47) وسوخوي 35 عدة بلدان، منها حليفة للولايات المتحدة.
السعودية:
أكد ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز آل سعود والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقارب بلديهما من خلال توقيع اتفاقات مهمة في المجال العسكري ومجال الطاقة، ووافقت السعودية على شراء أنظمة صواريخ روسية من نوع S400 الروسي للدفاع الجوي خلال زيارة الملك سلمان إلى موسكو.
تركيا:
وقعت أنقرة اتفاقية مع موسكو بشأن شراء منظومات صواريخ الدفاع الجوي من طراز “إس — 400” ، بكلفة 2.5 مليار دولار، على أن تستلمها عام 2019، ما دفع الناتو لتحذير تركيا من عواقب إتمام الصفقة، ومن تلك العواقب إستبعاد إمكانية انضمام أنقره إلى النظام الموحد للدفاع الجوي الخاص بالحلف. فهل بدأت تركي بالإنسحاب من تحالفاتها ومن إهتماماتها تجاه الإتحاد الأوروبي ووجهت نظراتها للدب الروسي على أمل أن يعيد لها عظمة الدولة العثمانية؟
قطر:
حققت روسيا إنجازا كبيرا في الشرق الأوسط عقب مباحثات، جرى خلالها التوقيع على اتفاقية التعاون العسكري التقني بين قطر وروسيا، ومذكرة تفاهم بين وزارة الدفاع القطرية وشركة روسو بورون أكسبورت الروسية في مجال التعاون العسكري. كما تم توقيع العقد القانوني بين وزارة الدفاع القطرية والشركة الروسية، الذي يحدد الشروط العامة للتوريدات العسكرية بين الجانبين. وقد تشتري قطر كتيبة “إس-400” مقابل 500 مليون دولار. ما شكل صفعة قوية لأميركا خاصة أنه الإتفاق الأول في التاريخ بين قطر وروسيا.
الصين:
تتجه أنظار رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب والعالم إلى زيارة رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف التي ستدفع قدما بالتنسيق والشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا وستحافظ على قوة دفع سليمة للنمو فى العلاقات الثنائية. فهل من صفقة أسلحة جديدة قد تتم؟
الفلبين:
وقع وزيرا الدفاع الروسي سيرغي شويغو، والفلبيني دلفين لورينزانا، يوم الثلاثاء، على اتفاقية للتعاون العسكري التقني بين البلدين. كما وقعا أول عقد بين البلدين لتصدير قاذفات “آر بي جي — 7 في”، وقذائف لها. ووقع الوثيقة عن الجانب الروسي، المدير العام لشركة “روس أوبورون اكسبورت”، ألكسندر ميخييف، وعن الجانب الفلبيني وزير الدفاع دلفين لورينزانا. على أثره، قدمت موسكو لـ مانيلا 5 آلاف بندقية هجومية رشاشات كلاشنيكوف ومليون طلقة لها فضلا عن 20 شاحنة عسكرية، كبادرة لإنطلاق التعاون العسكري الأوسع.
بهذا الإتفاق، دخلت الفيليبين المنظومة الروسية وأصبحت بطريقة أو بأخرى تابعة لروسيا بكامل إرادتها، والنتيجة الرئيسية لهذا، هي أن الولايات المتحدة تفقد نفوذها في العالم! بينما تتسابق الدول بالحصول على أقوى نظام دفاع جوي وبري “إس 400″، خاصة دول الشرق الأوسط لتزيد هيبتها وتقلق أعداءها، تدرس الولايات المتحدة طرق للحد من الإنتشار الروسي في العالم وكبح نفوذ روسيا في الشرق الأوسط ورسم “خطوط فصل”. وكانت واشنطن قد صادقت على عقوبات تطال مجلس الأمن الروسي، وكالة الاستخبارات الروسية وجهاز الأمن الفدرالي الروسي فضلا 33 مؤسسة ومنظمة لها علاقة بمجال الأسلحة والدفاع، منها: “روس أبورون إكسبورت”، “إيزماش”، “كلاشنيكوف”، “روستيخ “، “ميغ”، “سوخوى”، “توبوليف”، أهم شركات الأسلحة في روسيا. بين الحرب الباردة الصغيرة في الشرق الأوسط والحرب الباردة الكبيرة الروسية-الأميركية، والإنتشار العسكري لكلا الطرفين في العالم، ومحاولة الهيمنة على السوق الإقتصادي العالمي، من سينتصر وهل من حرب عالمية ثالثة -نووية- على الأبواب؟