قبل قرابة أربعة عقود، ركب خميني الدجال موجة الثورة الشعبية المعادية للشاه، وسرق الثورة من أصحابها الأصليين، أي القوى الثورية الرائدة للشعب الايراني. وخلال هذه العقود الأربعة لم يقصر عن ممارسة القمع والاعدام ووصل الأمر الآن نتيجة هذه السرقة التاريخية الى الحالة المزرية التي تتمثل في الفقر والفاقة التي يعيشها المواطنون بكل شرائحهم بحيث من المتعذر اعطاء صورة حقيقة وشاملة عن وضعهم المأساوي وهكذا بلغ السكين العظم ودفع الناس إلى الخروج في تظاهرات احتجاجية.
احتجاجات شعبية في طهران
تظاهر يوم الأحد 15 اكتوبر (تشرين الأول) الجاري آلاف من المواطنين الذين نهبت المؤسسات التابعة لقوات الحرس وغيرها من الأجهزة القمعية للنظام أموالهم، في الشوارع المركزية للعاصمة طهران وانطلقوا في مسيرة ليبدوا غضبهم واشمئزازهم للاضطهاد الذي يمارسه نظام ولاية الفقيه.
ففي السنوات الماضية أسست قوات الحرس والسلطة القضائية وقوى الأمن الداخلي مؤسسات «كاسبين» و«بديده شانديز» و«البرز إيرانيان (آرمان)» و«برديسبان» و… تحت غطاء شركات تعاونية ومصارف على شكل متسلسل في عموم المدن الإيرانية وجمعت أرصدة شرائح مختلفة من الشعب ونهبتها.
علما أنّ عددا من المواطنين الذين نهبت أموالهم تركوا البيت والأهل بالرغم مشكلاتهم العديدة والمرض وتحمل ضيق مالي شديد، وقدموا من مدن بعيدة وقريبة إلى طهران لاستعادة ودائعهم المنهوبة وهم يعتصمون منذ أسابيع ليل نهار أمام السلطة القضائية في شارع كشاورز بالعاصمة طهران ويبيتون ليلا في الشارع. وفي تجمعهم الاحتجاجي يوم السبت 14 اكتوبر انهم هتفوا «استخدموا الإسلام ذريعة وجعلوا المواطنين منهوكين!» و«هؤلاء أعداء الشعب، عار على كل إيراني» و«الأمن والاقتصاد أصبحا بيد اللصوص» و«يا حسينا شعارهم والسرقة افتخارهم».
كما وفي يوم الجمعة 13 اكتوبر كانوا يهتفون وهم لبسوا أكفانا : «لا حكم لنا ولا حاكم، والمحاكم هي سارقة» «اختلاسات الحكومة اساءة إلى مقام الشعب» و«عامل فقر الشعب هذه الحكومة فاقدة الغيرة».
احتجاجات طلابية
كانت الاحتجاجات الطلابية قائمة دوما ولكن على ضوء تصاعد الاحتجاجات العامة من قبل كل الشرائح والطبقات الشعبية المختلفة، أخذت الاحتجاجات الطلابية وتيرة تصاعدية حيث ما جرت خلال الأيام العشرين الأولى من بدء العام الدراسي الجديد غير مسبوقة. ونستطيع أن نستنتج أن الاحتجاجات التي جرت خلال الشهور الستة الأولى من العام الايراني كان عددها 2766 حالة، مما يعكس الحالة الملتهبة التي تمر بالمجتمع الايراني وهذا ما يخاف منه النظام للغاية. ومن الأدلة المؤكدة على ذلك أن روحاني لم يسمح هذا العام أثناء كلمته في الجامعة للطلاب الحقيقيين بالمشاركه في جلسته الخطابية بحيث كتبت صحيفة «سياست روز»: «ان حضور الرئيس لم يكن في السياق السنوي كالمعتاد واقيمت الجلسة بحضور 30 طالبا تم انتقاؤهم من قبل في قاعة ذات سعة 400 شخص. وكان المناخ السائد في جامعة طهران مختلفا عن الأيام السابقة وكانت هناك حلقات من الحراسة مقابل بوابة الجامعة والاحتجاجات التي أبداها بعض الطلاب على الأجواء الأمنية المشددة، كانت تلفت الأنظار فيما كان رجال الحراسة يفحصون بطاقات الهوية للطلاب أمنيا».
كلمة ترامب وتفاقم الصراعات بين أجنحة النظام الايراني
الصراع بين الجناحين الرئيسيين للنظام هو الموضوع المستمر المألوف ولكن كلمة الرئيس الآمريكي الأخيرة واعلان استراتيجية أمريكا الجديدة بشأن ايران قد وجهت ضربة موجعة لنظام الملالي وأثارت حالة غير مسبوقة من الفزع والاضطراب داخل النظام مما فاقم الصراعات بين الأجنحة حيث نرى يتهم بعضهم بعضا بهذا الصدد ومنها:
صحيفة كيهان 13 اكتوبر: أكد قائد الثورة مرارا وكرارا على عدم الثقة بالولايات المتحدة وعدم اعتبار الصفقة مع الشيطان الأكبر وسمح فقط وبشكل مشروط بتنفيذ الاتفاق النووي كتجربة للعبرة. القضية هي الزاعمون بالاصلاحية الذين كانوا يجهدون طيلة العقدين الماضيين بتجميل وجه أمريكا واتهام النظام الايراني بالمغامرات وأخيرا ورطوا حكومة روحاني في مصيدة التوهمات ومحاولاتهم للتجميل.
موقع عصر ايران من جناح روحاني 13 اكتوبر: الاتفاق النووي هو الحصن الحصين لايران
اولئك الذين يهاجمون أمريكا ليل نهار في بلدنا عليهم أن يفرحوا الآن على الأقل بهذا السبب، ولكن الآن وخلافا لكل العالم وبدلا من الهجوم على ترامب، وجهوا سهامهم صوب روحاني والحكومة الايرانية.
وكالة أنباء قوات الحرس (فارس) 13 اكتوبر: لا بد أن نسأل، عندما يتحدث شخص مثل السيد ظريف في أمريكا نفسها عن الاهداف الانتخابية للاتفاق النووي أو عندما يبحث وحيدا عن الاتفاق خلافا للعدو، وليس عن اتفاق جيد، فمن المعلوم أن يصل الاتفاق الى هذه النهاية البائسة!
صحيفة اعتماد من جناح روحاني 13 اكتوبر: هل يجب أن نهتف ضد أمريكا أو ننتهج مسار الوحدة؟
الآن اذا شعرنا بالخطر من الذرائع التي يتذرع بها الرئيس الآمريكي، فمن المؤكد ان الحل ليس في تصعيد الهتافات المعادية لأمريكا كما ليس الحل في القاء اللوم على بعضنا البعض، وليس الحل في عرض مقابلات تلفزيونية يأتي قائل ليقول «اننا نرد عليهم بقبضات حديدية».
ياسر جبرائيلي من جناح خامنئي 12 اكتوبر: ليعلم السيد الدكتور حسن روحاني أن نهاية الحوار مع سيد العالم ولعبة ربح- ربح مع العدو قد اتضحت له الآن.
خوف النظام من استهداف «القلب المالي والاقتصادي والعسكري» للنظام
المسألة التي برزت في كلمة الرئيس الأمريكي، قد خطت خطوة عملية علنية تمثلت في تسمية قوات الحرس من قبل وزارة الخزانة الأمريكية. وبموجب هذا القرار أو الأمر الرئاسي فان قوات الحرس برمتها ادرجت في القائمة هذه المرة وليس أفرادا حقيقيقا أو معنويا. وأشار البيان الصادر عن وزارة الخزانة الأمريكية الى القائمة وقال ان التسمية جاءت حسب قانون 13224 المتعلق بما بعد حادث 11 سبتمبر حيث أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك أمرا وحدد قائمة ارهابية ضمت تنظيم القاعدة ومجموعات على شاكلتها وكانت هذه القائمة (13224) أساسا لاجراءات أخرى منها الهجوم العسكري والعقوبات الاقتصادية. ومن الواضح أنه عندما يتم تسمية قوات الحرس بالارهاب من قبل الخزانة الأمريكية وتشملها العقوبات الكاملة فهذا معناه فرض العقوبات على النظام برمته.