بعد الحرب العالمية الثانية، نشأ صراع دولي بين القوى العظمى آنذاك على امتلاك وتجريب أحدث تقنيات الأسلحة وأضخمها وأكثرها دمارا، وتصدر هذا الصراع القوتان العسكريتان الأمريكية والسوفيتية.
وبعد كارثة هيروشيما، تكررت التجارب الأمريكية على مضلع جزر ميكرونيسيا على ساحل المحيط الهادي التي شهدت مئات التجارب النووية والهيدروجينية، الأمر الذي جعلها أكثر مناطق العالم تشبعا بالإشعاع وخلف عليها موروثا ساما قد يمتد لعشرات السنين.
ووفقا لتقرير أعدته سبوتنيك في نسختها الفرنسية، اليوم الخميس 2 نوفمبر/ تشرين الثاني، اختبر الجيش الأمريكي، منذ 65 عاما بالضبط، النموذج الأول من القنبلة الهيدروجينية الأولى في تاريخ البشرية على جزيرة صغيرة تسمى “إنيويتوك أتول” في ميكرونيسيا غرب الفلبين، وذلك بقصفها في تمام الساعة 7:05 صباحا، مأدى إلى حرقها واختفائها بالكامل.
ففي ثوان معدودة، تحولت تلك البقعة الخضراء في المحيط الهادي إلى جحيم حقيقي، حيث ظهر وميض مسبب للعمى بمجرد سقوط القنبلة الأمريكية، تلته هزة جرفت المباني والأشجار، وأخذت الرمال في الذوبان والمياه في الغليان، ثم غطت الجزيرة قبعة من الانفجار الحرار على شكل فطر عيش الغراب بلغ مداها 161 كيلومترا، وبلغت قوة الانفجار 10.4 ميغاوات محطمة الرقم القياسي لقنبلة هيروشيما، قوة حرارية لم يشهدها كوكب الأرض منذ العصر الجليدي قبل 65 مليون سنة.
أطلق الجيش الأمريكي اسم “أيفي مايك” على هذا النموذج، الذي خلف وراءه حفرة قطرها 2 كيلو متر، أكد الباحثون الأمريكيون حينها أن هذا التفاعل يحدث فقط في باطن الأرض أو على سطح الشمس، وقد أمكن تحقيق ذلك من خلال التجربة الأمريكية عن طريق خلط نظائر الهيدروجين والديوتيريوم والتريتيوم لتدفع بطاقة حرارية تبلغ ملايين الدرجات جراء انفجار شحنة ذرية صغيرة داخل الذخائر الرئيسية، حيث لم يرتضي الأمريكيون تسميتها بالقنبلة لأنها تزن 82 طن أي ما يعادل منزل مكون من طابقين.
وتكرر أمر بعد عام ونصف من هذه الكارثة، قام الجيش الأمريكي بتفجير قنبلة H في 1 مارس/ آذار 1954، في جزيرة قريبة وهي “بيكيني أتول” في جزر مارشال، وأطلق على هذه التجربة “قلعة برافو”، حيث كان البنتاغون يستهدف هذا المضلع في اختباراته النووية والحرارية، مستخدما قنبلة أكثر إحكاما وهي “شريمب”، مكونة من أنبوب بطول 4.5 مترا وبعرض 1.5 متر بوزن 10.5 طن، وظلت هذه القنبلة الأمريكية الجديدة في الخدمة حتى عام 1962.
تشكلت بمجرد قصف الجزيرة كرة من اللهب بسرعة بلغت نحو 7 كم في الثانية، امتدت لمسافة 400 كم. محدثة حفرة امتد لألفي متر وبعمق 76 مترا، حيث ارتفع الفطر في دقيقة واحدة لمسافة 14 كيلو متر بقطر 11 كيلومتر، حيث خلف الانفجار تلوثا وصل مداه مايقرب من 12 كيلو متر مربع من المحيط الهادي.
الرد السوفييتي
في 8 سبتمبر 2006، وقعت كازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان على “معاهدة سيميبالاتينسك” حيث تعهدت بموجبها على عدم تطوير أو حيازة أو اختبار أو امتلاك أي أسلحة نووية بذلك المضلع النووي بكازخستان، وهو موقع تجارب نووية للسوفييت. وانفجرت القنبلة السوفياتية الأولى على مضلع سيميبالاتينسك في 12 أغسطس 1953 — أي بعد أقل من عام من القنبلة الأمريكية أيفي مايك. وكانت قوة القنبلة “رديز-6S” أخف وزنا بكثير من سابقتها الأمريكية،حيث بلغ وزنها ما يقرب من 0.4 ميغا طن، ولكنها كانت أكثر إحكاما بكثير ويمكن تحميلها بسهولة على متن طائرة توبوليف 16،و تم تركيب أكثر من 500 جهاز قياس وتسجيل مختلفين في المخابئ وعلى السطح، وقامت 16 طائرة خاصة بتصوير التجربة.
انفجرت القنبلة السوفيتية الساعة 7:30 صباحا، حيث بلغت قوتها 20 ضعف القنبلة الذرية الأولى للاتحاد السوفييتي، نشأ عنها مركزا للزلازل شكل دائرة بلغ نصف قطرها 4 كيلومترات دمرت المباني بالكامل، وتسببت في إزاحة شريط سكة حديد يزن 100 طن ويبعد كيلومتر واحد من الانفجار إلى مسافة 200 متر، كما خلفت القنبلة سحابة مشعة امتدت على مساحة 100×200 كيلو متر.
تسببت هذه التجربة في ذعر الولايات المتحدة، فبينما كان لدى الأمريكيين قنبلة بحجم مبنى، كان لدى السوفييت سلاحا مدمرا يمكن شحنه في اليوم التالي بواسطة طائرة لقصف أي عدو.
وفي اختبار 22 نوفمبر 195/ تشرين الثاني، زاد الباحثون قوة القنبلة المدمجة رديز-37 التي انفجرت بقوة 1.6 ميغا طن.
وتعد قنبلة AN602 السوفييتية أقوى قنبلة هيدروجينية فيفي التاريخ حيث كانت تزن 58 ميغواطن، والتي تم بناؤها مابين عامي 1954-1961،و تم اختبار هذا الوحش الذي كان بطول 8 أمتار وبوزن 26.5 طن في 30 أكتوبر 1961 على المضلع النووي سوخوي نوس في نيو زنت. ونقلت القنبلة الطائرة التي تم تعديلها خصيصا توبوليف 95V.