>> خبير دستوري: الحديث عن اجتماع لمجلس الوزراء (لغو قانوني)
>> رجوع “الحريري” عن الاستقالة مخالفة دستورية.. ولعودته رئيسا للحكومة يجب إعادة انتخابه عبر مجلس النواب
ما تزال استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري (المفاجئة) من العاصمة السعودية “الرياض” تسيطرُ على تفاصيل الحياة السياسية في لبنان، تخيّم على الاجتماعات الأمنية منها والمالية، وتحتلّ الحيّز الأكبر من اللقاءات المُعلَنة وغير المُعلَنة سواء في بعبدا، وعين التينة، أو حارة حريك.
وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع عودة الحريري إلى لبنان لفكِّ شفرات استقالته، حزم الأخير أمتعته متوجّهاً صباح أمس إلى أبو ظبي، للقاء نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي محمد بن زايد، بينما يصرّ الرئيسان الأوّل والثاني ميشال عون ونبيه برّي على التريّث وانتظار الرئيس الثالث علّ رياح الخليج ترمي به ثانيةً في ربوع وطنه الثاني لبنان.
وتشيح الأنظار، تارةً نحو الاجتماع الأوروبي، الذي سبق وحضّر الرئيس الحريري أوراقه لبنانيّاً لحضوره قبل تفجير قنبلة الاستقالة في السعودية، وتارةً أخرى نحو مجلس الوزراء، وتحديداً يوم غد الخميس، الموعد العادي لمجلس الوزراء. وتُثار الأسئلة حول هذين الاستحقاقين وما إنْ كان الرئيس الحريري سيظهر في إحداهما أم لا.
بينما يسأل آخرون عن احتمال ترؤس رئيس الجمهورية ميشال عون لجلسة الخميس، والسير بالجلسة وكأنَّ شيئاً لم يكن، على اعتبار أنَّ عون ما يزال يتصرّف وكأنَّ الاستقالة لم تحصل، في ظلِّ الظروف التي رافقتها، وعلى اعتبار أنَّ رئيس مجلس النوّاب نبيه بري اعتبر استقالة الحريري إعلانيّة لا دستورية، وبموقفٍ لافت له رأى أنّه من المُبكر جدّاً وجدّاً الكلام عن استقالة الحريري.
ولكن ماذا يقول الدستور هنا؟ وهل يحقّ لرئيس الجمهوريّة أو نائبه أن يترأسان جلسة مجلس الوزراء بظلِّ “غياب” الحريري؟ وماذا لو عاد الحريري نفسه، ولو تحوّلت أمنيات البعض غير المنطقيّة لحقيقة، بما أنّنا دخلنا عهد المفاجآت السياسيّة؟
وبحسب موقع “ليبانون ديبايت” يُؤكّد الخبير الدستوريّ المحامي الدكتور ماجد فياض على أنَّ “ليس هناك حكومة بعد استقالة رئيسها، وفور إعلان رئيس الحكومة استقالته، تصبحُ الحكومة بحكم المستقيلة، ما لم تكن هناك ظروف تجعل قرار الاستقالة قد حصل بالإكراه، والجولة التي يقوم بها الحريري إلى دول الخليج تُؤكّد أن حريّته، خلافاً للشائعات، ليست مُقيّدة وفي جميع الأحوال البلد لا يمكن إلّا أن يتبع المسار الدستوري”.
و”إذا تمّ جلاء ملابسات إعلان الاستقالة أو بقيت هذه الملابسات قائمةً يمكن الانتظار بُرهة من الزمن، ولا يُفترض أن تزيد عن أيّام، حتى صدور مرسوم قبول الاستقالة وهو يصدرُ عن رئيس الجمهوريّة وحده بحسب المادة 53 من الدستور”.
لذلك، يرى فياض في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت” أنّ الكلام عن اجتماعٍ لمجلس الوزراء هو لغوٌ قانوني إذ إنّه في حال حصوله، يمكن أن يكون لقاءً يستطيع رئيس الجمهورية أن يُجريه مع أيّ ممّن يشاء ويريد سواء بصورةٍ مشتركةٍ أمّ بصورةٍ منفردةٍ ولكنّه لا يكون اجتماعاً لمجلس الوزراء، وفي جميع الأحوال وبغض النّظر عن جميع الملابسات التي رافقت هذه الاستقالة ليس من مجلس للوزراء اذا لم يكن رئيسه حاضراً”.
وعليه، لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يترأس مجلس الوزراء حتّى لو بوجود نائب رئيس الحكومة واعتبار الحريري في زيارة عمل، علماً أنّ “رئيس الجمهورية أساساً ليس مرغماً ولا حتّى مطلوباً منه أن يحضر جميع جلسات مجلس الوزراء، لكنّه إذا حضر يترأس المجلس لا أكثر.
ما يعني أنّ الدستور لم يلحظ انعقاد مجلس الوزراء في ظلِّ غياب الرئيس تحت أيِّ سبب من الأسباب، ويَذكر فياض على ذلك مثالاً أنّه عندما كان يعتكف رئيس الحكومة كانت تتوقف اجتماعات مجلس الوزراء عن الانعقاد مهما طال هذا الاعتكاف.
وعن دستورية عودة الحريري ورجوعه عن الاستقالة، يلفت فياض إلى أنّه “بحسب المبدأ الدستوريّ العام تكون الحكومة مستقيلةً فور إعلان رئيسها استقالته، وفي كلِّ الحالات يجب أن يكون إعلان الاستقالة نهائياً. وبالتالي مسألة العودة عن الاستقالة غير مقبولةٍ دستوريا، ولا يمكن أن يعود الحريري إلى منصبه إلّا في حال إعادة انتخابه عبر الاستشارات النيابية من جديد. أمّا ما نسمعه من تمنّيات فهو من باب المناشدات السياسيّة لا أكثر”.
ولكن لا ينفي فياض حصول أيٍّ من المخالفات الدستورية سابقة الذكر، مطلقاً، لأنَّ لبنان اعتاد على مخالفة الدستور بمناسبةٍ أو غير مناسبة وقد يحلو للبعض اليوم مستفيداً من الجوِّ السياسيِّ المحيط أن يخالف الدستور مجدداً أو يبرر مخالفته.