في الوقت الذي أعلنت فيه عدد من الصحف والمواقع اللبنانية عن عودة رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري إلى لبنان وأن طائرته غادرت من العاصمة السعودية، الرياض، في طريقها إلى بيروت، نشر موقع “ليبانون ديبايت” تقريرا تضمن مقترحا بتشكيل وفد لبناني يتجه إلى الرياض لمقابلة “الحريري” للتعرف منه مباشرة على ملابسات الاستقالة ولرسم خارطة المرحلة الجديدة على ضوء تلك الاستقالة.
وبحسب “ليبانون ديبايت”، في الوقت الذي باتت فيه حركة المرور من وإلى السرايا الحكومي معدومةً، والطريق مقطوعةٌ نتيجة “المَطبّات” السياسيّة، تشهد مداخل القصر الجمهوري، ودار الإفتاء “زحمة زيارات”، بسبب توافد القيادات الوطنيّة والشخصيّات السياسيّة والحزبيّة، للقاء رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، ومفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان، في إطار المشاورات والبحث بالنتائج المتأتيّة عن إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته من الرياض.
وفي هذا السّياق، نوّه بعض زوّار قصر بعبدا ودار الإفتاء، لـ”ليبانون ديبايت”، بالدور الكبير الذي يقوم به الرئيس عون والمفتي دريان في جمع القوى السياسيّة كافةً، بمشهد مُميّز، ولافت، واستثنائيّ، عنوانه “التوافق المحلّيّ” للمحافظة على الاستقرار الداخليّ وتحصينه، بوجه “الاتّفاق الخارجيّ” بتحويل لبنان إلى ساحةٍ تُقام عليها معارك المنطقة. واعتبروا أنّ “كيفيّة إدارة الأزمة، والتعاطي فيها بهدوء ورويّة وحكمة، خلقت أجواءً مُريحةً جدّاً وإيجابيّةً رغم خطورة خطوة الحريري، ما فاجأ الكثيرين الذين كانوا يتوقّعون ذهاب الأمور إلى تفكّك وانهيار، وإذ بها تُؤدّي إلى تماسك الصفوف والتضامن ولمّ الشمل السياسيّ، حول اعتبار الاستقالة غير نافذة إلى حين عودة الحريري ليُبنى على الشيء مُقتضاه”.
ولفت هؤلاء الزوّار إلى أنّ “استقالة الحريري حوّلت “المُستحيل” إلى “مُمكن”، فجمعت الرئيس عون برئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجيّة من جديد، وكذلك شَهِدَت على زيارةٍ جديدةٍ لرئيس حزب الوطنيّين الأحرار النائب دوري شمعون إلى القصر الجمهوريّ، وأعادت وجوهاً غائبةً إلى الظهور الإعلاميّ. ووحّدت الرئيس عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في خطوةٍ نادرةٍ حول موقفٍ ثابتٍ تمسّك به الرئيسين عند دعوتهما إلى التريّث والتروّي. وكذلك أعادت “المُعارضة” الكتائبيّة” إلى الحوار وجلسات التشاور، وغيرها الكثير من الخطوات التي أحدثت راحةً نفسيّةً في ظلّ الظروف الصعبة، والتي يجب أخذها كدليل، إلّا أنّ “الجلوس معاً” هو الحلّ الوحيد لمعالجة كلّ الأزمات، وأنّ ليس هناك أيّ مانع في عقد طاولة حوارٍ تضمّ كلّ أفراد السّلطة والمعارضين والمستقلّين”.
في المقابل، أكّد الزوّار أنّ “لا أحد يعلم حيثيّات الاستقالة وما يحصل مع الحريري، ولا يملك أيّة معطيات، حتّى أنّ دائرة 14 آذار ومن ضمنها “المستقبل” تعيش حالة ضياع، فمفتاح الحقيقة هو بيد الحريري فقط لا غير، حتّى أنّ أحداً لم يكن يعلم بتوجّه رئيس الحكومة إلى إعلان استقالته”. وكشفت عن أنّ “المٌشاورات تقتصر على البحث في التطوّرات، من دون طرح بدائل، أو حتّى أسماء الخلف، على اعتبار أنّه لا يمكن تشكيل حكومة الآن في ظلّ غياب مُكوّنٍ أساس، ما يُعتبَرُ إهانةً لجمهورٍ عريض، وتخطيّاً له، حتّى أنّ الذهاب باتّجاه حكومة تكنوقراط يُعدّ شبه مستحيل، وأيّ حكومةٍ من خارج حزب اللّه مستحيلة بدورها، فمن سيسمّي حقائب ومقاعد الشّيعة؟ بالإضافة إلى أنَّ هناك قراراً بوجوب الحفاظ على التسوية، ولكن يبقى الاجماع الوطنيّ في ضرورة التهدئة والتوافق، خصوصاً أنّ الأزمة قد تطول”.
وبين كثرة الشائعات حول “إقامة الحريري الجبريّة” في الرياض، والنفيّ المستمرّ لهذه “الواقعة” التي يُؤمن بها غالبيّةٌ لافتةٌ من اللبنانيّين، وبعد مرور أيّام عدّة على استقالة الحريري، في ظلّ إصرار رئاستي الجمهوريّة والبرلمان والقِوى السياسيّة على التروّي وبقاء الحكومة، تساءلت مصادر مطلعة: “لِمَا لا تُشكّل لجنةٌ وطنيّةٌ تضمّ وفداً رسميّاً لبنانيّاً فيه مُمثّلين عن الأحزاب والقوى السياسيّة الأساسيّة، للذهاب إلى الرياض حيث يوجد الحريري وسماع الوقائع منه مباشرةً، ليُبنى على الشيء مُقتضاه. فإذا كان يتعذّر عليه الحضور “لأسبابٍ أمنيّة”، فليذهب الوفد الرسميّ إليه ويبحث معه كلّ هذه المستجدّات ويُطمئن إلى حاله ويُريح اللبنانيّين والمُحلّلين والسياسيّين من “التخمينات”.
لكن تبقى المُعضلة، والتي من شأنها أن تحلّ نصف اللّغز القائم، عمّا إذا كانت الرياض ستسمح لهذا الوفد بزيارة الحريري، وفاقاً للمصادر ذاتها.