كانت الرسالة الواردة في تسجيل مصور على الإنترنت واضحة تماما أنصار الدولة الإسلامية الذين لا يستطيعون السفر إلى الخارج للانضمام إلى التنظيم عليهم أن ينفذوا هجمات سواء كانوا في الولايات المتحدة أو أوروبا.
واتبع مهاجر من بنغلادش يدعى عقائد الله ويبلغ من العمر 27 عاما هذه التعليمات الاثنين عندما حاول تفجير قنبلة محلية الصنع في واحدة من أكثر المحطات استقبالا للركاب في نيويورك في هجوم يبرز مدى صعوبة الهجمات “الفردية” لمتشددين يتصرفون من تلقاء أنفسهم.
وفي حين أن من الصعب منع تلك الهجمات مقارنة بالهجمات المنسقة التي ينفذها مجموعة من الأشخاص الذين قد يكون من السهل على جهات إنفاذ القانون أو وكالات المخابرات مراقبة اتصالاتهم، فإنها عادة ما تكون أقل ضررا.
كان عقائد الله هو من أصيب بأخطر الجروح عندما اشتعلت قنبلته لكنها لم تنفجر في نفق تحت الأرض يربط محطة حافلات بورت أوثوريتي بمحطة قطارات أنفاق تايمز سكوير. وأصيب ثلاثة آخرون بجروح أخف.
وقال شيماس هيوز المستشار السابق بالمركز الوطني لمكافحة الإرهاب التابع للحكومة الأمريكية إن الهجمات الفردية “عادة ما تكون أضعف تنظيما وأقل فتكا هذا لأنك تتعامل مع هواة”.
وتصاعدت موجة الهجمات الفردية في الولايات المتحدة حسبما أفاد بحث أجراه برنامج مكافحة التطرف في جامعة جورج واشنطن حيث يشغل هيوز منصب نائب المدير.
وشهدت الولايات المتحدة 19 هجوما نفذها أشخاص استلهموا نهج الدولة الإسلامية منذ أن أعلن التنظيم “خلافة” في يونيو حزيران 2014 بعد سيطرته على مناطق واسعة من العراق وسوريا. ووقع 12 هجوما من تلك الهجمات في عامي 2016 و2017 بزيادة بمعدل المثلين تقريبا مقارنة بالعامين السابقين.
وقال هيوز “سنشهد المزيد من المخططات وكذلك الهجمات بكل أسف”.
ويقول ممثلو الادعاء الذين وجهوا لعقائد الله اتهامات تتعلق بالإرهاب إنه بدأ يهتم بشكل كبير بدعاية تنظيم الدولة الإسلامية منذ أوائل عام 2014 أي بعد ثلاثة أعوام من وصوله إلى الولايات المتحدة كمهاجر بشكل قانوني.
وقالوا في أوراق القضية إن سجلات كمبيوتر عقائد الله كشفت أنه شاهد تسجيلات فيديو بثها تنظيم الدولة الإسلامية وحث فيها أنصاره على شن هجمات حيثما يعيشون.
ويقول خبراء إن نجاح الحلفاء الغربيين في استعادة معظم الأراضي التي استولت عليها الدولة الإسلامية قد يحفز على شن المزيد من الهجمات من منطلق الغضب أو الانتقام.
وقال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي كريستوفر رأي في شهادة أمام الكونغرس الأسبوع الماضي “ما من جماعة نجحت في اجتذاب أشخاص إلى أيديولوجيتها الجانحة بقدر ما نجحت الدولة الإسلامية”.
وأضاف “يستطيع الإرهابيون الآن من خلال الإنترنت الوصول إلى مجتمعاتنا المحلية لاستهداف مواطنينا وتجنيدهم”.
ويقسم محللو الأمن القومي بوجه عام هؤلاء الأشخاص إلى ثلاث فئات. فبعض المهاجمين يتصرفون بإيعاز من جماعة، مثل المتشددين المدعومين من الدولة الإسلامية الذين نفذوا هجمات منسقة في باريس عام 2015 أدت إلى مقتل 130 شخصا. وهناك آخرون لهم اتصالات محدودة بمنظمة ما لكنهم يتصرفون بشكل كبير من تلقاء أنفسهم. أما الفئة الثالثة فليس لها اتصال بأي جماعة لكنها تقوم بأعمال عنف بعد اعتناقها أفكارا متشددة تأثرا بمواد منشورة عبر الإنترنت.
وقالت يوتا كلاوزن الأستاذة بجامعة برانديز والخبيرة في شؤون التطرف إن من الأسهل على المقاتلين المتدربين والمتمرسين على القتال السفر من الشرق الأوسط إلى أوروبا عن الوصول إلى الولايات المتحدة. وهذا يفسر السبب في أن الهجمات التي شهدتها الولايات المتحدة من تنفيذ إرهابيين “صنعوا أنفسهم بأنفسهم”.
وأضافت “لم نشهد في الحالات التي وقعت في الآونة الأخيرة دلائل تذكر على وجود أي نوع من التدريب المباشر”.
والأصعب بالنسبة للمحققين هو تحديد الجناة الذين يعملون من تلقاء أنفسهم. ومن بين هؤلاء الفئة عقائد الله بالإضافة إلى اثنين آخرين نفذا هجمات في نيويورك في الآونة الأخيرة هما أحمد رحيمي الذي أصاب 30 شخصا بعد تفجير قنبلة محلية الصنع في مانهاتن في سبتمبر أيلول 2016 والآخر سيف الله سيبوف المهاجر الأوزبكي المتهم بقتل ثمانية عندما قاد شاحنة مستأجرة واندفع بها بسرعة في طريق مخصص للدراجات في أكتوبر تشرين الأول.
وفي حين أن الهجمات التي ينفذها هذا النوع من المهاجمين أقل تدميرا فإن لها استثناءات. فقد لقي 168 شخصا حتفهم في تفجير أوكلاهوما الذي نفذه تيموثي مكفاي وتيري نيكولز، كما قتل عمر متين 49 شخصا بالرصاص في ملهى ليلي للمثليين في أورلاندو العام الماضي.
وقال ماكس أبراهامز الأستاذ بجامعة نورث إيسترن والمتخصص في شؤون الإرهاب “يمكن لشخص واحد أو اثنين إحداث الكثير من الأضرار، لكن هذه الفئة لا تستطيع شن حملات إرهابية مستدامة”.