احتوت الجزائر أزمة دبلوماسية مع المملكة العربية السعودية، بعد تجاوز الاحتقان الذي خلفته حادثة لافتة ملعب عين مليلة في محافظة أم البواقي شرقي البلاد، وذلك عقب اعتذار قدمه رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى لرئيس مجلس الشورى السعودي عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ الذي يزور الجزائر والتقى مع مسؤولين كبار في الدولة.
وكشف السفير السعودي في الجزائر، سامي بن عبدالله الصالح، أن رئيس الوزراء الجزائري قدم اعتذار بلاده عن حادثة اللافتة التي رفعتها جماهير ملعب عين مليلة بمحافظة أم البواقي، خلال مباراة كرة قدم قبل أسبوع واعتبرتها الرياض مسيئة للمملكة وللعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
وكادت الحادثة تعكر صفو العلاقات بين البلدين إذ أحدثت تلاسنا بين ناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، مما جعل شخصيات سياسية ورسمية تحذر من تبعات ذلك.
ونشر السفير السعودي تغريدة بحسابه على تويتر قال فيها “قدم دولة رئيس الوزراء الجزائري بعد لقائه معالي رئيس مجلس الشورى في المملكة اعتذار الجزائر قيادة وحكومة وشعبا عما بدر من تصرفات غير مسؤولة في أحد الملاعب”.
وأضاف “أويحيى أبلغ الصالح أن تلك الصورة لا تنم عن أخلاق الشعب الجزائري الأصيل وجار اتخاذ اللازم تجاه من قام بذلك وضمان عدم تكراره”.
وصرح وزير العدل حافظ الأختام طيب لوح، لوكالة الأنباء الجزائرية، بأن “وكيل الجمهورية (هيئة قضائية) المختص أمر بفتح تحقيق في واقعة رفع اللافتة المسيئة للعاهل السعودي بملعب عين مليلة بولاية أم البواقي وأن النتائج الأولية لهذا التحقيق أثبتت أن الواقعة معزولة وانفرادية”.
كما أصدرت لجنة الانضباط التابعة للرابطة الجزائرية لكرة القدم، عقوبة في حق النادي الرياضي بسبب تصرف أنصاره ورفع لافتة مسيئة للمملكة العربية السعودية حيث قررت إجراءه مبارتين دون حضور الجمهور، فضلا عن استدعاء رئيسه الهادي بن صيد للاستماع إليه في قضية اللافتة.
وأفادت مصادر بأن ناشطين في تيار الإخوان المسلمين وراء الحادثة في إطار الصراع المذهبي والسياسي المتفجر منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل. لكن الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري نفى أي علاقة للأحزاب بما وقع في مدارج ملعب عين مليلة.
وصرح “ما حدث في ملعب عين مليلة هو موقف مشجعي ناد رياضي ولا يمت بصلة لأي حزب سياسي أو هيئة رسمية في الدولة الجزائرية”، في تلميح إلى براءة حركة “حمس” مما روجته أوساط سياسية وإعلامية حول ضلوع ناشطين موالين لها في حادثة اللافتة.
وتميزت العلاقات الجزائرية السعودية في المدة الأخيرة بحالة من التذبذب، بسبب تضارب مواقف البلدين في عدد من القضايا العربية والإقليمية.
لكن مسؤولي البلدين تفاديا تطور الأوضاع حد الوصول إلى أزمة دبلوماسية، خاصة مع إعلان الجزائر تضامنها مع الرياض بشأن محاولة استهدافها من قبل الجماعة الحوثية بصاروخ باليستي صدته دفاعات التحالف العربي.
وصرح آل الشيخ لدى وصوله الجزائر بأن “زيارته التي تدوم أربعة أيام طبيعية جدا وسيعقد خلالها عدة لقاءات وأن مثل هذه اللقاءات توحد وتقرب، خاصة وأن الوضع السائد صعب جدا في سائر العالم وليس فقط في العالم العربي والعالم الإسلامي”.
وأضاف “الأمور ليست كالسابق وإذا لم تكن هناك لقاءات مكثفة وتعاون، لا نستطيع التغلب على هذه العقبات” وأنه من خلال هذه اللقاءات المباشرة ستتضح الصور والحاجة إلى التعاون والمجالات التي يحتاجها الجميع.
وأدانت الجزائر بقوة إطلاق صاروخ باليستي من الأراضي اليمنية على مدينة الرياض استهدف المناطق الآهلة بالسكان، وأعربت عن “تضامنها الكامل” مع حكومة وشعب المملكة العربية السعودية.
وقال الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية عبدالعزيز بن علي الشريف، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية “ندين بقوة إطلاق صاروخ باليستي من الأراضي اليمنية على مدينة الرياض واستهداف المناطق الآهلة بالسكان”.