“جوع” إيراني يهدّد “مونة” حزب الله

آخر تحديث : الأربعاء 3 يناير 2018 - 11:44 مساءً
غير معروف
بقلم: فيفيان الخولي

“إلى الأغبياء الذين يعتقدون أن حزب الله ينهار مادياً بعد فرض العقوبات الأميركية، أقول: ليس لدينا مشاريع تجارية أو مؤسسات استثمارية كبنية تنظيمية وجهادية، نحنا وع المكشوف يا خيي موازنة حزب الله ومعاشاتو ومصاريفو وأكلو وشربو وسلاحو وصواريخو من الجمهورية الإسلامية في إيران، ومالنا يصل بنفس الطريقة التي تُرسل فيها صواريخنا”. لكن الأمين العام للحزب حسن نصرالله الذي استهزأ من خلال هذه العبارة بالمحللين الذين ربطوا العقوبات الاقتصادية بضعفه مادياً اعترف أنّ هذه الإجراءات ضغط معنوي لا مفر منه.

لكن الهزّة هذه المرّة ليست أميركية بل إيرانية ومن داخل المصرف الذي يموّل حزب الله. وإن كان البعض يقلّل من أهمية التظاهرات القائمة في مدن إيرانية عدة، باعتبار أنها حالات مشاغبة تنطفئ بعد أيام، هناك قناعة تامة لدى أكثرية أنّ ما يجري اليوم في البلاد الفارسية يُعتبر بداية لقطع الرأس المتمددة في المنطقة في حال مواصلة التحركات التي لا يُستهان بها. فإنْ لم تنجح في إسقاط النظام يكفي أنّها هزّت الأمن القومي، وجعلت الرئيس الإيراني حسن روحاني يهدّد بإنزال مليونية بوجه هؤلاء المعارضين للوضع الاقتصادي وسياسة نظامه.

ولا تُنبئ التطورات على الساحة الإيرانية بالتراجع مع ارتفاع أعداد القتلى إلى 21، حتى لحظة كتابة هذه السطور، ومئات الجرحى، وحوالي 500 معتقل، فضلاً عن القمع عبر مواقع التواصل وسط مؤشرات إلى تدخل عناصر الحرس الثوري لقتل الاحتجاجات، ما يطرح علامات استفهام عدة، يكمن أبرزها بوضع الفصائل التي تدعمها إيران بالمال والسلاح في المنطقة، وتحديداً حزب الله. فهل لا يزال الضغط معنوياً أم انتقل إلى مرحلة أخطر، في ظلّ اشتعال جبهات سورية عدة، مع تشكيل “الجيش الوطني السوري” للمعارضة، ويبلغ عديده 20 ألف مسلح في الشمال السوري، فضلاً عن تصاعُد وتيرة المعارك بين الحوثيين وقوات الشرعية مدعومة بالتحالف العربي وسط اليمن وشماله وشرقه.

انتقلت العقوبات إلى مباركة أميركية للتظاهرات، ووصف الرئيس دونالد ترامب (التوّاق إلى فسخ عقد الاتفاق النووي) النظام الإيراني بـ”الوحشي والفاسد”، في حين يبدو أن الخطوات تجري كما يشتهيها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، للمرة الأولى، “بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني”، وهو ما يقلق المرشد الأعلى علي خامنئي الذي اتهم المحتجين بالارتهان والعمالة لجهات خارجية.

صحيح أن تعاظُم نفوذ إيران في الشرق الأوسط أولوية لكن الأمن القومي يُعتبر أهم قضية بالنسبة للنظام الإيراني، ما سيدفعه إلى اللجوء لأكثر من خطة لتجنب الوقوع أمام المجتمع الدولي ودول أخرى تنتظر هذا السقوط المدوي، على الرغم من احتمالات عدم تمكّنه من تغيير سياسته الخارجية، باعتبار أن هذا النظام بُني على هذا الأساس.

وفي مقدمة هذه الاستراتيجيات، قبل أن تتحوّل الاحتجاجات إلى ساحات دموية، تخفيض الميزانية العسكرية التي ساهمت في تأجيج تحرّكات حملت شعارات ” لا لسوريا، لا لغزة، لا للبنان، حياتي لإيران”، وذلك على خلفية رفع طهران ميزانيتها العسكرية 1.3 مليار دولار لتصل إلى حوالى 11.6 مليار دولار هذا العام، ومنها لدعم فصائلها المقاتلة في الخارج. وخصصت مليار و300 مليون دولار لتعزيز القدرات الدفاعية، وارتفعت الموازنة المخصصة للحرس الثوري إلى 6.9 مليار دولار، مقابل 11 مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر، وارتفاع البطالة إلى حوالى 12%، أضف إلى الضرائب، وتردي الأوضاع الاقتصادية بعدما بنى الايرانيون أمالهم على تداعيات الاتفاق النووي الإيجابية، بحسب وعود روحاني الانتخابية.

ومن شأن إعطاء الأولوية للداخل لتحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية على حساب الخارج أن يُضعف أذرع إيران في سوريا واليمن، والعراق، ولبنان. وإن لم تستجب إيران لاحتياجات مواطنيها، فإن التصعيد قابل لإشعال فتنة داخلية ستُشغل طهران عن المنطقة، ما يتيح الفرصة أمام السعودية للعودة، وهو ما ظهر في التسليح سورياً، أخيراً.

أما لبنانياً، فإن هذا الانشغال يقلق حزب الله جنوباً، وليس فقط سورياً، في ظلّ التعزيزات الإسرائيلية على الحدود، وإن كان يحسب الحزب لأية حرب مقبلة حساب، فعليه هذه المرّة أن يفكّر ألف مرّة بعدد الأيام التي يمكنه الصمود فيها، باعتبار أنّه في حال تواصلت الاحتجاجات الإيرانية وصرفت طهران نظرها عن جماعاتها، فسلاح الحزب، وإن كان لا يُحصى، لكنه في نهاية المطاف لن يدوم ما لم تتحرّك إيران للإغاثة.

ولن تجدي نفعاً مجاهرة الحزب بالدعم الإيراني، في حال وقعت إيران بمصيدة الداخل، باعتبار أن سقوط طهران يعني سقوط الحزب، فضلاً عن سلسلة العقوبات التي تحضرها الولايات المتحدة، وقد تستغل، وفقاً لمصادر دبلوماسية، الوضع القائم في إيران، وهي التي كانت تنتظر الفرصة المناسبة، للانقضاض على حزب الله، الذي تعتبره واشنطن ذراع إيران الأقوى.

المصدر - ليبانون ديبايت
رابط مختصر
2018-01-03 2018-01-03
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر