أزمات فساد عاصفة تجتاح حزب الليكود الإسرائيلي الحاكم نتج عنها عدة تحديات سياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي بات محاصرًا بقضايا الفساد، تلك القضايا لم تقف أمام شخص نتانياهو وحده، بل جاوزته لتشمل أفراد أسرته، سواء أكانت زوجته سارة أو نجله يائير .
فزوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي سارة نتانياهو متهمة من قبل الأوساط السياسية في إسرائيل بالتعامل السيئ مع الخدم المتواجدين في مقر رئيس الحكومة، فضلا عن إنفاقها الكثير من الأموال في غير موضعها، فيما تتهم أوساطا أخرى نجل نتنياهو “يائير” بإهانة النساء في إسرائيل من خلال تسجيل صوتى له، والتأكيد بأن والده يدير منظومة من العلاقات الاقتصادية التي يُثار حولها تهم الفساد في الداخل الإسرائيلي.
تصريحات نجل نتانياهو الأخيرة زادت من التحديات السياسية المُحملة بواقع الفساد، خاصة أن التسجيل الصوتي ليائير يحوى تفاصيل حول صفقة مشبوهة للغاز مررها والده، كما حملت إشارات أخرى اعتبرت مسيئة للمرأة في إسرائيل، ما أثار غضب جمعيات حقوق المرآة هناك، فاجتمع لدى “آل نتانياهو” تهم الفساد والإساءة للمرأة.
وفى ظل هذا المشهد السياسي المرتبك في إسرائيل، يراهن الكثير على إمكانية حصول انتخابات مبكرة في إسرائيل، وهو الرهان الذي حملته بعض من وسائل الإعلام المختلفة، والتي توقعت إجراء الانتخابات هذا العام في ظل الأزمات التي تحيط بنتنياهو، والأهم من هذا تورط كبار مستشاريه في تحقيقات الشرطة واتهامهم بالفساد.
ظاهريا لا تشير التحديات الجيوسياسية الآن في إسرائيل إلى تغيير محتمل، فالكثير من الاستطلاعات السياسية، سواء التي تجريها الصحف أو القنوات التليفزيونية المختلفة أو حتى شركات الاستطلاعات تؤكد جميعها قوة وتفوق الليكود.
غير أن التساؤل المطروح وبقوة الآن: هل يمكن أن تؤثر هذه الأحداث في القاعدة السياسية داخل حزب الليكود ؟ .
استبق صقور “الليكود” من أعضائه البارزين الدفاع عن الحزب، واستدعت اتهامات الفساد التي توجه لـ “آل نتانياهو” من جديد ذات الاتهامات التي وجهت من قبل إلى رئيس الوزراء الأسبق إرئيل شارون، حيث اتهمت أوساط سياسية نجليه جلعاد وعومري بالتورط في الفساد ، ومع ذلك فاز شارون في الانتخابات، وكانت له كلمة شهيرة عقب فوزه في آخر انتخابات لرئاسة الوزراء في إسرائيل، حيث قال إنه يعلم تماما أن الكثيرين يرغبون في الإطاحة والإساءة له ولعائلته، إلا أنه سيحرص على مواجهة هذا الأمر.
ورغم حرص كبار قادة الليكود على عدم الحديث عن أزمة نتنياهو، إلا أن عددًا من “الليكوديون” تحدثوا عن هذه الأزمة ليؤكدوا أن الليكود قادر على امتصاص هذه اللكمات السياسية التى توجه إليه، ولعل من أبرز من تحدث ، تساحي هنجبي -وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي، والذي يعد أحد أبرز أعضاء الليكود، حيث أشار من خلال حديثه لوسائل الإعلام أو التغريدات التي يكتبها عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلى أن الليكود في النهاية هو مؤسسة واسعة له الكثير من العلاقات، ومن الطبيعي أن يتم توجيه سهام الانتقادات و الاتهامات إلى أعضائه.
غير أن هنجبي، وهو ناشط على منصات التواصل الاجتماعي، قال أن ما تمت إثارته أخيرا بشأن يائير نتنياهو، أو عائلة رئيس الوزراء هو حديث في غالبه لا قيمة له أو أساس من الصحة، مؤكدا نجاح الليكود رغم حجم التحديات الماثلة أمامه.
وأشار هينجى إلى الربط السياسي الدائم بين الليكود والاتهامات التي توجه في الغالب إلى رئيسه بالفساد وبين نجاح الحزب في الانتخابات، وأن الإسرائيليين دائمًا ما ينتخبون الليكود بسبب تصريحات “شخص” رئيس الحزب، وليست سياساته كما هي العادة مع بقية الأحزاب الإسرائيلية.
وعلى سبيل المثال رفع الليكود في الانتخابات الأخيرة التي خاضها شارون شعار “الشعب يريد شارون” ، ولم يرفع مثلا شعار “الشعب يريد انتخاب الليكود”، وهو ما يعني الإطاحة بأي ملمح حزبي أو سياسي خاص بالحزب لصالح رئيسه.
ويقول هينجبي أن هذا الأمر في السياسة الإسرائيلية اقرب منه للسياسة للأمريكية، بمعنى أن الناخب وفي النهاية ينظر إلى زعيم الحزب، وسياسات هذا الزعيم في النهاية هي التي تحدد لمن الفوز، ويزعم هنجبي أن الإسرائيليين هنا يتشابهون مع الأمريكيين الذين اختاروا ترامب أكثر من اختيارهم للحزب الجمهوري مثلا.
غير أن الواضح أن البعض في إسرائيل يراهن على إمكانية حصول انتخابات مبكرة في إسرائيل، وهو الرهان الذي حملته بعض من وسائل الإعلام المختلفة والتي توقعت إجراء الانتخابات هذا العام في ظل الأزمات التي تحيط بنتنياهو، والأهم من هذا تورط كبار مستشاريه في تحقيقات الشرطة واتهامهم بالفساد.
عموما فإن “اتهام” نتنياهو بالفساد يفتح الباب الآن أمام الكثير من الاحتمالات، ومعها قد يطرأ العديد من التطورات السياسية قد تغير من صورة المشهد السياسي الحالي في تل أبيب.