استراتيجية ترامب لإطباق الحصار على “حزب الله”

آخر تحديث : السبت 13 يناير 2018 - 2:00 مساءً
غير معروف
بقلم: فيفيان الخولي

يقلّل دبلوماسيون غربيون من أهمية قرار وزارة العدل الأميركية بإنشاء وحدة خاصة مكلّفة بالتحقيق حول تمويل حزب الله واتجاره بالمخدرات لغايات إرهابية والأفراد والشبكات الذين يقدمون دعما له وملاحقتهم، باعتبار أن الخطوة هي استكمال لقرارات سابقة في هذا الشأن لم تستطع لغاية اليوم تحقيق هدفها بتقويض نفوذ الحزب داخل الولايات وخارجها.

لكن على الرغم من واقعية الكلام والعمل الاستخباراتي المجدي، أحياناً، والمستمر لكشف أسماء وشبكات وفرض عقوبات على كيانات وشخصيات تابعة لإيران وللحزب تموّله وتدعمه منذ إصدار الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش العام 2007 مرسوماً يقضي بمصادرة أملاك “أشخاص يقوضون سيادة لبنان”، في إشارة غير مباشرة إلى حزب الله، لغاية اليوم، لا يمكن غض الطرف عن تأثير هذه العقوبات على طهران، والتي ظهرت معالمها في الشارع الإيراني، أخيراً.

أضف إلى انعكاسها على حزب الله، إذ أثّرت هذه الإجراءات على الاقتصاد اللبناني، والمصارف تحديداً، ما جعل السلطة اللبنانية ترسل وفداً إلى واشنطن لإيقاف هذه العقوبات. ومن شأن هذه الملاحقة والضغط بفرض مزيد من العقوبات أن يزعزع استقرار الاقتصاد والنظام المصرفي اللبنانيين.

كما يتزامن هذا القرار مع التحولات القائمة في المنطقة وإيران. وهو ما يستغله الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتنفيذ أجندته، وتحديداً ملف إيران وأذرعها، على الرغم من استبعاد مسؤولين عدة تحقيق الأمر، باعتبار أن السياسة الأميركية الخارجية لا تتغيّر مع تغيُّر الشخصية. وهو ما يحاول ترامب إثبات عكسه، وبأنه ليس الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، الذي اتهمه مرات عدة، بالتقاعس في التعامل مع الملف الإيراني والحزب على حساب إقرار الاتفاق النووي، ما جعل طهران تبسط نفوذها في المنطقة، ويتعاظم دور حزب الله.

تتفاقم حجج ترامب للضغط على إيران ومن خلالها حزب الله، عبر فرض عقوبات اقتصادية تزعزع هيكلية هذا الكيان، مقابل الإبقاء على الاتفاق النووي الذي يرفض إلغاءه القسم الأوروبي المشارك في إتمام هذه العملية، أضف إلى نصائح مستشارين أميركيين ترامب بتجاهُل الاتفاق والتركيز على الإجراءات العقابية الأكثر نفعاً، وفقاً للمحلل السياسي سامي نادر.

وهو ما تقرر الامس، اذ أبقى ترامب العقوبات على ايران المرتبطة بالنووي مجمدة للمرة الاخيرة، مطالباً الدول الاوروبية بمساعدته على تعديل الاتفاق لسد ثغراته. كما فرضت واشنطن عقوبات على 14 كياناً وشخصية إيرانية بينها رئيس السلطة القضائية لانتهاكهم حقوق الانسان.

ومن شأن هذا القرار القديم الجديد الذي سبقه مشروع قرار آخر لفرض عقوبات إضافية على طهران لقمعها الاحتجاجات الإيرانية واعتقال آلاف المعارضين أن يطبق الحصار على حزب الله عبر تقليص مصادر تمويله الذي يستخدمه في شراء الأسلحة لتمويل عملياته في سوريا، وإرسال الأموال لجماعة “أنصار الله” في اليمن، لكن لن يتمكّن من القضاء عليه، بعدما بات يشكل مصدر قلق للإدارة الأميركية، باعتباره تنظيماً عابراً للقارات، من خلال تبييض الأموال وتهريب المخدرات في الولايات المتحدة، وكولومبيا، وبنما، وأماكن أخرى، ووجوده العسكري في المنطقة، وتوسُعه سياسياً في لبنان.

ولا يمكن فصل هذه المستجدات عن استراتيجية إدارة ترامب بالعودة الأميركية إلى المنطقة، والتي التزمت بعقد الشراكة الذي ظهر في قمة الرياض، لمواجهة التمدد الإيراني. وتكمن العودة اليوم لزيادة الضغط على حزب الله ونظام بشار الأسد في الداخل السوري، في ظلّ الحديث عن إعادة الإعمار الذي بدأم يعوّم نفسه وفتح شهية أميركا وروسيا والدول الأوروبية، بحسب نادر.

انتهى الجزء الأول من الاستراتيجية عبر انهاء تنظيم “داعش”، وتثبيت الوضع على الأرض، ينتقل اليوم إلى تمتين الشريك السني في سوريا، الذي بدا من خلال إعادة واشنطن تسليح المعارضة بعدما أوقفت هذا الدعم، وزيارة بعض قادة المعارضة العاصمة الأميركية لإيجاد حلّ جذري ينهي أي وجود للجماعات التي تدعمها إيران في سوريا، فضلاً عن بحث الحل السياسي. أضف إلى زيارة مرتقبة لدبلوماسيين أميركيين إلى سوريا للمساعدة على نزع الألغام، وقيادة عملية الإعمار.

سحب السجادة من تحت أرجل إيران في سوريا، حيث مصدر قوتها، اقتصادي بالدرجة الأولى، وباتت معالمه واضحة، عبر مزيد من الضغوط على اللاعب الأساسي من المنظومة الإيرانية هناك ألا هو حزب الله، في حين تُترك المعركة العسكرية بيد إسرائيل التي تتولى ضرب مواقع عسكرية تابعة لإيران وحزب الله والنظام السوري.

المصدر - ليبانون ديبايت
رابط مختصر
2018-01-13 2018-01-13
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر