يشترك الإنسان والنبات فى الحاجة لنفس العناصر الغذائية مثل النتروجين والفوسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم والحديد والمنجنيز والزنك وغيرهما .. وإن أختلفت صور تلك العناصر ومصدرها وكمياتها بين كل من الإنسان والنبات. التسميد الارضى بالعناصر السمادية الكبرى يحقق نتائج إيجابية .. بينما إضافة العناصر الصغرى للتربة خاصة إذا كانت فى الصورة المعدنية غالباً تكون محدودة الإستفادة منها ؛ نظراً لإن هذه العناصر تكون فى صورة كاتيونات موجبة الشحنة والتى تثبيت إما بتآكسدها أو تحولها إلى هيدروكسيل العنصر .. وبذلك فإن كفاءة الإستفادة من هذه العناصر الصغرى بواسطة المحاصيل المختلفة تتراوح ما بين 5-10 % فقط .. وقد أمكن التغلب على هذه المشكلة جزئياً بإستخدام هذه العناصر فى الصورة المخلبية. أيضاً هناك مشكلة تعوق الإستفادة من العناصر الصغرى رشاً على الأوراق بسبب وجود طبقة الكيوتيكل الشمعية على الأوراق والتى تثبت كمية كبيرة من هذه العناصر ولا يتم الإستفادة منها .. وعموماً فإن معدل الإستفادة من الرش الورقى لأسمدة العناصر الصغرى سواء معدنية أو مخلبية يتراوح ما بين 2.5- 5 %. العناصـر الغذائـية الصغـرى ، بالرغــم من إحتياج المحاصيل الزراعية لكميـات صغيرة منها فى حـدود 1.3 كيلوجرام/فدان ، تعتبر هامة جداً فى عالم الزراعة وصحة الإنسان وأحد العوامل المحددة للإنتاجية الزراعية ومسئولة جزئياً عن نقص الطعام فى العالم .. لذلك كان من الضرورى إيجاد طرق جديدة تمكن المحاصيل من امتصاص الكميات المثلى من العناصر الغذائية الصغرى من التربة أو من خلال الرش الورقى .. حتى يمكن التغلب على مشكلة نقص العناصر الغذائية الصغرى فى غذاء الإنسان والمسببة لظاهرة الجوع الخفى التى ينشأ عنها العديد من أمراض سوء التغذية للإنسان. إستخدام تكنولوجيا النانو الخضراء فى تسميد المحاصيل بالعناصر الغذائية الصغرى يهدف فى المقام الأول إلى توفير العناصر الغذائية الصغرى فى غذاء الإنسان وتحقيق زيادة فعلية فى الإنتاج الزراعى. والمقصــود بالنانو تكنولوجـى هو المعالجــة الدقيقة الميكانيكيــة للمادة للوصول بها إلى أبعـاد تتراوح من 1-100نانو متر .. والنانو متر عبارة عن جزء من بليون جزء من المتر. تكنولوجيا النانو الخضراءتهدف إلى تحسين جودة الغذاء عن طريق زيادة كفاءة إستخدام أسمدة العناصر الصغرى بإستخدام الميكروكبسولات أو كبسولات النانو أو جزيئات ومواد النانو كمصدر للعناصر الغذائية الصغرى. أولاً:الميكروكبسولات:عبارة عن نوع من الاسمدة يتم إنتاجها عن طريق عملية تغليف أسمدة العناصر الصغرى التجارية باستخدام طبقة رقيقة من مادة بوليمر بهدف حماية العناصر الصغرى من التثبت السريع بالتربة والتحكم فى انطلاقها إلى محلول التربة خلال موسم النمو .. ميكانيكية انطلاق العناصر الصغرىمن الميكروكبسولات تتم من خلال الانتشار المباشر للعناصر الصغرى من طبقة البوليمر الرقيقة .. ومركبات البوليمر الحاملة للعناصر الصغرى تذوب بقلة فى الماء ولكنها تذوب فى الأحماض العضوية وهذا يعنى الإستفادة من تلك المركبات مع النشاط الحيوى بالتربة .. ومن امثلة مواد التغليف (البوليمر) ، الشيتوسان – الجينات – لجنو سلفونات – بكتين – إيثيلين فينيل اسيتات. ثانياً:نانو كبسولات العناصر الصغرى: عبارة عن مركبات صناعية مكونة من السليكا أو سليكا والمونيوم تتميز بالمسامية الداخلية ولها مساحة سطح كبيرة ولها مواقع للأدمصاص والتبادل الأيونى وتقوم هذه الكبسولات بتقليل معدل انطلاق العناصر الصغرى منها إلى التربة والنبات .. ويمكن لبعض المركبات الطبيعية مثل البنتونيت والصابونيت والميتاكاؤولين أن تقوم بنفس عمل النانو كبسولات فى تقليل معدل انطلاق العناصر الصغرى إلى النبات لتشابه تركيبها مع المواد المصنعه المكونة لكبسولات النانو. ثالثاً:جزيئات ومواد النانو للعناصر الصغرى: عبارة عن تجمعات لذرات أو جزيئات يتراوح قطرها من 1-100 نانو متر لآكاسيد الحديد والمنجنيز والزنك والنحاس والبورون والموليبديوم تستخدم كمصدر مباشر لزيادة كفاءة امتصاص العناصر الغذائية الصغرى من التربة إلى النبات أو استخدام تلك الآكاسيد فى الرش الورقى. وقد تم ترتيب المنتجات السمادية التى تزيد من كفاءة استخدام أسمدة العناصر الصغرى على النحو التالى: جزيئات ومواد النانو (=) كبسولات النانو (≥) الميكروكبسولات (>) المخلبيات (>) املاح العناصر الصغرى. تطبيق تكنولوجيا النانو الخضراء :أكد التقرير المشترك الصادر من بعض الجامعات ومراكز الأبحاث الامريكية فى شهر مارس 2015 والخاص بتطبيق النانو تكنولوجى للعناصر الغذائية الصغرى فى نظام التربة – النبات. وما نشرته مجلة العلوم الدولية بماليزيا عام 2014 .. أنه يوجد الآن أكثر من 800 منتج سمادى مصدره نانو لآكاسيد العناصر الصغرى بمعظم دول العالم ويتوقع زيادة هذا العدد فى السنوات القليلة القادمة وأنه خلال عام 2014 أصبح 15% من جميع المنتجات على مستوى العالم تحتوى على العناصر الصغرى والتى مصدرها جزيئات ومواد وكبسولات النانو ؛ حيث ثبت أن استخدام مركبات أسمدة النانو للعناصر الصغرى والتى توجد فى صورة غروية إما رشاً على أوراق النبات أو إضافه أرضية أو نقعاً لبذور المحاصيل أدى إلى : • زيادة نشاط عمليات التخليق الضوئى. • زيادة تحمل المحاصيل لظروف الإجهاد المختلفة. • زيادة مقاومة المحاصيل للامراض. • المحافظة على الصفات الجينية المطلوبة للمحاصيل الزراعية. وطبقاً للدليل الإرشادى لمنظمة الزراعة والأغذية (FAO) الخاص بالاستنزاف المحصولى من العناصر الغذائية الصغرى من التربة وكذلك طبقاً للدراسات المحلية فإنه يمكن حساب الاحتياجات السمادية من أسمدة العناصر الصغرى وذلك بحساب الاستنزاف المحصولى للعناصر الصغرى للانتاج الأمثل من المحاصيل المختلفة سواء صيفية أو شتوية كما هو مبين بالجدول الآتى :-
متوسط الأستنزاف المحصولى من العناصر الغذائية الصغرى من التربة بالجرام / فدان
مقارنة الاستنزاف المحصولى السنوى من العناصر الغذائية الصغرى بالجرام من خلال مصادر أسمدة تقليدية لاملاح معدنية ومصادر جزيئات نانو لأكاسيد العناصر الصغرى تتضح من بالجدول التالى:-
يتبين من هذا الجدول أن كميات الاسمدة للعناصر الصغرى المستنزفة فى الصورة النانو أقل كثيراً من تلك الكميات المستنزفة فى الصورة المعدنية .. بالإضافة إلى أن أسمدة النانو فرصة تثبيتها بالتربة قليلة جداً .. وبذلك تكون الكميات المستنزفة من أسمدة النانو مقاربة تماماً للكميات الواجب أضافتها للتربة .. بينما تكون الكميات المضافة للأسمدة فى الصورة المعدنية كبيرة جداً نظراً لتثبيت جزء كبير منها بالتربةبالمقارنة بالكميات المستنزفة من تلك العناصر فى صورة أملاح .. وبالتالى يزداد الفارق بين الكميات المضافة إلى التربة فى صورة أملاح العناصر الصغرى إلى أكثر من 15 ضعف عن تلك الكميات من أسمدة العناصر الصغرى فى الصورة النانو.
تطبيقات استخدام جزيئات النانو لأسمدة العناصر الصغرى:
(1) الرش بمعلق أكسيد الزنك (Zn NPs) بتركيز أقل 15 مرة عن التركيز الموصى به للرش بكبريتات الزنك أدى إلى زيادة 30% لمحصول الفول السودانى. (2) معاملة بذور الفول السودانى نقعاً فى معلق اكسيد الزنك (Zn NPs) بتركيز 1000 جزء فى المليون أدى إلى زيادة نسبة الإنبات وتبكير التزهير وزيادة محتوى المحصول من عنصر الزنك. (3) الرش بتركيز 20 جزء فى المليون (Zn NPs) لمحصول الطماطم أدى إلى تحسن النمو وزيادة المحصول. (4) الرش بتركيز 10 جزء فى المليون (Zn NPs) على أوراق نبات الفول عمر 14 يوم أدى إلى زيادة المحصول بمقدار 27% وزيادة المحتوى من الكلوروفيل بنسبة 276%. (5) أجمعت معظم البحوث والتجارب الحقلية أن التركيز المناسب للرش الورقى من أسمدة العناصر الصغرى النانو هو : 20 جزء فى المليون (Zn O) – 50 جزء فى المليون (Fe2o3) – 50 جزء فى المليون لمخلوط أكاسيد الحديد والزنك والنحاس.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن التنمية الزراعية ,تتطلب بالضرورة القصوى الاهتمام بالتسميد بالعناصر الغذائية الصغرى والمحدد لجودة الحاصلات الزراعية وكمياتها .. كما يتطلب الامر تدقيق النظر فى كيفية الإستفادة من الخبرات العالمية فى مجال تكنولوجيا النانو الخضراء والتى أكدت ضرورة التسميد بأسمدة النانو لآكاسيد العناصر الغذائية الصغرى الغروية تحت ظروف الإجهاد البيئى والمائى.
* كاتب المقال: أستاذ الأراضي والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية
رئيس قسم خصوبة الأراضى وتغذية النبات الأسبق
رئيس الإدارة المركزية للاراضى والمياه والبيئة الاسبق