انفجار البركان بين “بري” و”عون”

آخر تحديث : الخميس 25 يناير 2018 - 9:32 صباحًا
انفجار البركان بين “بري” و”عون”
بيروت:

درجة الحرارة بين عين التينة وقصر بعبدا، وصلت الى ذروتها، بعدما رصدت أجهزة السيسمومتر أول تحرُّك في الأرضيتين من خلال مرسوم الأقدمية لضباط دورة 1994 في الجيش اللبناني.

أزمة “الضباط”، كغيرها من الملفات التي تُفتح بروتوكولياً، وتتحوّل صراعاً طائفياً سياسيّاً، سحبت معها هزات عدة، عبر احتجاجات الموظفين الناجحين من حراس الاحراج، ومقاطعة مغتربي حركة أمل في أبيدجان مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي يقوده وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في شباط المقبل، وتعيين مفتشين تربويين وآخر مالي من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء، بغياب وزير المال علي حسن خليل.

لكن “الشق” الذي من شأنه تفجير البركان المرتقب، بحسب تقرير لموقع “ليبانون ديبايت”، يكمن في قانون العفو العام الذي تم تعويمه تزامناً مع انطلاق صافرة الانتخابات النيابية. ويبدو أنّ “البعبع” الطائفي الذي يحوم حوله قد يعيد هذا الملف إلى حيث تقوقعه. وفي حال تمّ إغراقه، “فلتستعد السلطة لبركان غضب شعبي”، وفقاً لأحد البقاعيين المعنيين بمتابعة هذا الملف.

يلوح الخلاف بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري، بعد تجميد مرسوم الضباط، حول مشروع القانون العام الذي قدمته اللجنة المعنيّة بطبخ المسودّة إلى وزير العدل سليم جريصاتي، ليقدّمها بدوره إلى الرؤساء الثلاثة.

وفي الوقت الذي تتباين فيه المعطيات حول هوية المشمولين في العفو وأنواع جرائهم، والاستثناءات بين تجار المخدرات، والعملاء في إسرائيل، والموقوفين الإسلاميين، طفت الرائحة الطائفية السياسية، باعتبار أنّ هؤلاء المعفى عنهم، ويتراوح عددهم بين 36 و38 ألف، يحق لهم قانونياً، التصويت، في أيار المقبل.

ووفقاً لمعلومات “ليبانون ديبايت”، وافق الثنائي الشيعي، قبل أزمة مرسوم الأقدميّة، على أن يشمل العفو 36 ألف شخص، 5000 ما بين عملاء وعائلاتهم، مع بعض الاستثناءات للعملاء الذين لن يشملهم العفو، المتورطون بجرائم قتل أثناء خدمتهم لصالح العدو الإسرائيلي في لبنان.

هذا التوافق نقله الثنائي إلى التيار الوطني الحر، باعتبار أنه معني بملف العملاء الموزعين بين الطائفة الشيعية ومسيحيين، الأمر الذي اقتنع به التيار حتى بدأت الأزمة بين عون وبري، فتمّ تجميد بند العملاء من المسودّة.

في ما يخصّ الموقوفين الإسلاميين البالغ عددهم حوالي 1200 شخصاً، يؤكد المحامي محمد صبلوح وكيل عدد منهم لـ”ليبانون ديبايت” أنّ العفو يستثني “الإسلاميين”، لافتاً إلى أن التوقيفات كانت عشوائية. وعلى الرغم من الوعود التي تلقوها بشمل عدد منهم، ممن لم يتورطوا بدماء المدنيين والعسكريين، تبقى الطائفة السنيّة الأكثر تضرراً من هذا القانون، وفقاً لعدد المشمولين من الطائفة السنيّة مقابل الشيعية والمسيحيين. ويشير صبلوح إلى أن الاقتراحات المقدّمة استنسابية، إذ لم تأخذ بعين الاعتبار تجار المخدرات الذين قتلوا أبرياء أثناء عملياتهم.

أما جرائم المخدرات التي تشمل الزراعة والاتجار والترويج والتعاطي، بالإضافة إلى المتهمين بأعمال سرقة وسلب وخطف واعتداء، وإطلاق نار، يبلغ عدد مذكرات التوقيف بحقهم حوالي 32 ألف. رئيس مركز التنوير الثقافي والإنمائي في البقاع الدكتور مدحت زعيتر، الذي يتابع الملف، يؤكد لـ”ليبانون ديبايت” أنّ العمل جار على قدم وساق في هذا الملف، لكنه يطالب بعدم التصعيد بين الأفرقاء السياسيين وإدخال المشروع في تجاذباتهم، ما سيؤدي حتماً إلى التراجع عن العفو العام.

ويوضح أن أهالي البقاعيين (الأوسط والشمالي) ينتظرون إقرار العفو ليتثنى لهم إعادة الحركة الإنمائية إلى مناطقهم، باعتبار أنّ الوضع الاجتماعي في ظل عدد كبير من العاطلين عن العمل لم يعد مسموحاً. ويلفت إلى أنّه في حال تراجع السياسيون عن القرار، فإنّ بركاناً اجتماعياً سيتفجّر بوجه المعنيين.

في ظلّ هذه التجاذبات والتراشق الإعلامي بين مسؤولي الطرفين، لا يبدو أنّ هذا القانون سيبصر النور، وسينضم إلى مرسوم الأقدميّة، الأمر الذي لن يصبّ لصالح السياسيين في الاستحقاق المقبل، إذ إن قتل العفو العام في مهده، بعدما كان يتأمل أصحاب السلطة منه خيراً انتخابياً، سينعكس عليهم سلباً، عبر غضب شعبي وبركان سياسي لن يستثني هذه المرة أحداً.

رابط مختصر
2018-01-25 2018-01-25
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر