في كلمته أمام ملتقى “مخاطر التكنولوجيا الحديثة في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وسبل مكافحتها”، والذي انطلقت أعماله، اليوم، في مدينة الأقصر، قال جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي: يأتى ذلك الملتقى متناغماً مع الرسالة التى يؤديها اتحاد المصارف العربية بوصفه مركزاً مرجعياً للمجتمع المصرفى والمالى العربى والذى يعمل على دعم الروابط بين أعضائه والتنسيق بين أنشطتهم ومطوراً للفكر المالىالعربى والصناعة المصرفية العربية على أسس سليمة ومستدامة.
وأكد “نجم” أن اختيار موضوع هذا المنتدى”مخاطر التكنولوجيا الحديثة فى عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وسبل مكافحتها ” يأتي على جانب كبير من الأهمية نظراً لما يفرضه التطور التكنولوجى المتنامى الذى شهده العالم فى الآونة الأخيرة من صعوبة التحديات التى تواجه الدول فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وزيادة خطر هاتين الجريمتين فى ضوء تشعب الابتكارات والوسائل التكنولوجية الحديثة وإتخاذها أكثر من شكل والتى منها:
• التحول الرقمى (Digital Transformation) • وسائل التواصل الاجتماعى (Social Media) • حشد الأموال (Crowd Funding) • العملات الرقمية مثل البيتكوين (Crypto currencies like Bitcoin) • البلوك تشين (Block chain) • التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الرقابية (FinTech and RegTech)
وقال “نجم”: إن التوسع فى استخدام الانترنت وبخاصة شبكات التواصل الاجتماعى بالإضافة إلى عدم التعرف على مستخدميها أدى إلى اساءة استخدامهما من قِبل الجماعات الإرهابية فى جمع تبرعات من المتعاطفين من تلك الجماعات، كما يستخدم الإرهابيون شبكات الاتصالفى الإعلان عن أعمالهم وكذا فى تجنيد أفراد آخرين، بالإضافة إلى التواصل مع أعداد كبيرة من جماهير شبكات الاتصال مثل (فيس بوكوتويتر)، وبرامج المحادثة من خلال الهاتف مثل (واتس آب، ڤايبر).
ولفت “نجم” إلى أن شبكة الانترنت توفر للشركات والمنظمات امكانات ضخمة لجمع التبرعات أو لتمويل شركات من أفراد متعددين، وهو ما يعرف بحشد الاموال Crowd funding، هذا وقد تختفى الجماعات الارهابية وراء ستار الجمعيات الخيرية والجمعيات التى لاتهدف للربح وتقوم ”بحشد الاموال“ من خلال مواقع غير رسمية على شبكة الانترنتوالتى تعرف بـDarknetالتى تسمح بجمع الأموال لعدة أفعال غير قانونية من بيع المخدرات وتمويل الإرهاب والاغتيالات.
إن وسائل الدفع الحديثة مثل البطاقات المدفوعة مقدماً تشكل مخاطر كبيرة لنظم مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب، لأن الكثير منها لا يسمح بالتعرف على هوية مستخدميها كما هو الحال فى العملات الافتراضية، لاسيما فى الدول التى لاتتمتع بنظم قوية لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب، بالإضافة إلى امكانية الوصول إلى الأموال فىأى مكان بالعالم من خلال إستخدام ماكينات الصرف الآلىATMs.
كما أوضح “نجم” أن انتشار استخدام العملات الرقمية وعلى رأسها البيتكوينBitcoinالتى يتم تداولها من محفظةٍ إلى أخرى دون وسيطٍ أو مراقبٍ من خلال التوقيع الإلكترونى عن طريق إرسال رسالة تحويل مُعَرَّف فيها الكود الخاص بهذه العملة وعنوان المُستلم، وتُحْفَظَ فيما يُعرف بسلسلة البلوكات (Block Chain)، وبدون اشتراطالإدلاء عن أي بيانات أو معلومات تُفصح عن هُوية المتعامل الشخصية، مما يجعلها تتمتع بالسرية وعدم الارتباط ببلد أو موقع جغرافى محدد، كما يمكن استخدامها فىأى بلد تماماً كالعملة المحلية بالإضافة إلى عدم ربط المعلومات الشخصية بالمعاملة.
وهذا كله من شأنه أن يؤدى إلى استحالة تتبع عمليات البيع والشراء أو مراقبتها أو التدخل فيها، مما يعزز الخصوصية ويحد من سيطرة المصارف على تلك المعاملات، وحتى فى حالة اكتشافها تكون آثارها السلبية قد انتشرت على نطاق واسع،فعلى سبيل المثال كانت المحفظة الرقمية للمتهم الرئيسىفى قضية Silk Road تضم74 ألف وحدة بيتكوين بما يعادل نحو 34 مليون دولار فى ذلك الوقت ، وبلغ حجم مبيعات صفحته حوالى 60 ألف بيتكوين.
وأكد “نجم” أن تطبيق المنهج القائم على المخاطرمن شأنه أن يزيد من نطاق وفعالية ضوابط مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب، كما أنه يؤدى إلى مساعدة المؤسسات المالية على التخلص من سلوك الإسراف فىالإلتزام ”Over-Compliance“ بمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث أن قيام المؤسسات المالية بالإسراف فى الالتزام يؤدى إلي تفاقم الإقصاء المالي الذى يعتبر أحد المخاطر المباشرة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب فى حد ذاته، هذا وقد أصدر البنك المركزىالمصرى معايير القبول الإلكترونى للمدفوعات عن طريق تقنية QR Code عبر تطبيقات الهاتف المحمول، وهذه المعايير تندرج تحت مفهوم الشمول المالى نظراً لتأثيرها المباشر على جوانب كثيرة سواء على مستوى زيادة فرص النمو المستدام وترسيخ الاستقرار المالى، أو على المستوى الاجتماعى من خلال خلق فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.