حققت قمة السيسي وقابوس “قمة الحكماء” وفق توصيف وسائل الإعلام في سلطنة عُمان، وما ارتبط بها من مباحثات وتفاهمات شهدها الجانبان العُماني والمصري، والأجواء التفاؤلية التي اتسمت بها اللقاءات، نتائج إيجابية على كافة المستويات والأصعدة وتحديداً على المستويين الاقتصادي والسياسي.
وجاء لقاء الرئيس السيسي بوفد ضم أكثر من 40 من رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمستثمرين العُمانيين، ليفتح صفحة جديدة في مستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين تدفع نحو شراكة مستقبلية، حيث أشار السيسي في هذا اللقاء ، إلى ما يوفره السوق المصري من فرص استثمارية كبرى، من خلال التقدم المحرز على صعيد الإصلاح الاقتصادي والمالي، وتطوير البنية الأساسية وزيادة مصادر الطاقة، فضلاً عن الإجراءات التي تم اتخاذها لتوفير مناخ جاذب للاستثمارات.
وقد عرض الرئيس – خلال اللقاء – ما يجرى تنفيذه فى مصر من مشروعات قومية كبرى، مؤكداً أن ما تشهده حالياً مصر من تقدم وتطور يرجع بالأساس إلى رغبة وإرادة الشعب المصري وإصراره على تحقيق التقدم والنمو والحفاظ على الاستقرار.
ويرى المحللون الاقتصاديون أن أساس الشراكة التجارية والاقتصادية بين البلدين الشقيقين ترتكز على قيام رجال الأعمال والصناعة بدور كبير ومحوري في تنمية وتعزيز العلاقات الثنائية من خلال الاستثمار في مشروعات مشتركة تعود بالفائدة على الدولتين وتحفز النمو الحقيقي لاقتصادهما وتوفر فرص العمل للأجيال القادمة.
وتتطلع الحكومة المصرية لأن تكون مصر قاعدة للاستثمارات العُمانية في أفريقيا من خلال قيام مجتمع الأعمال العماني بضخ المزيد من الاستثمارات في السوق المصري لإنتاج العديد من السلع تمهيدا لتصديرها إلى أسواق عدد كبير من الدول الإفريقية والعربية والتي تمنح الصادرات المصرية إعفاءات جمركية بموجب اتفاقات التجارة التفضيلية الموقعة بين مصر وهذه الدول خاصة في ظل تنمية محور قناة السويس والذي سيكون نموذجاً يحتذي به لمستثمري دول العالم الراغبين في الاستثمار بمصر.
ومن أجل تفعيل التعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك مستقبلاً، يعد الجانبان المصري والعماني لعقد مؤتمر اقتصادي لرجال الأعمال من البلدين قريباً في مسقط، بحضور وزراء التجارة والصناعة والمالية المصريين لتذليل أية عقبات أمام الاستثمار العماني في مصر. كما يجري إعداد اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي بين البلدين، لإبرامها خلال اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة القادمة.
وهناك رغبة مصرية ـ عُمانية مشتركة لتنشيط اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين لتعقد خلال العام الحالي سعيا إلي توقيع عدد من الاتفاقيات وتفعيل الاتفاقات القائمة بالفعل والعمل على زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، وتم الاتفاق المصري العُماني على دراسة إنشاء صندوق استثماري مشترك بين الجانبين لهذا الغرض.
الجدير بالذكر أن اللجنة المصرية – العُمانية المشتركة تمثل آلية مهمة ضمن آليات تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين ، وكانت اللجنة قد عقدت اجتماعها الرابع عشر في مسقط خلال عام 2017، ومن قبل اجتماعها الثالث عشر في القاهرة في عام 2016، الأمر الذي يمثل نقلة أخرى مهمة في خطوات تنشيط وتفعيل أطر ومجالات التعاون بين مصر وسلطنة عمان بشكل أكبر وفي كل المجالات وبما يدعم جهود التنمية في الدولتين، ويعود بالخير على شعبيهما.
توافق الرؤى السياسية
أكدت المباحثات المصرية العُمانية التوافق المصري العُماني في الرؤى وفي وجهات النظر تجاه الأوضاع والعلاقات الإقليمية فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية وخاصة الوضع فى اليمن وليبيا وسوريا، ويرجع هذا التوافق إلي الانسجام في المواقف والسياسات تجاه تطورات الأوضاع في المنطقة، حيث يدعو البلدان دائما إلى حل جميع مشاكل وقضايا المنطقة بالحوار.
وقد أكدت الدبلوماسية العُمانية دعم مصر ومساندتها في حربها ضد الإرهاب، لأن مصر تقف حجر عثرة أمام جماعات الإرهاب والتطرف، ومخططات ونزعات التقسيم والتفتيت للمنطقة، وتؤمن سلطنة عُمان بأنه في قوة واستقرار مصر أمان لعُمان، وأن في قوتها حفظ لأمن واستقرار المنطقة برمتها.
وقد أحسن يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العماني، التعبير عن هذا المعنى عندما قال: “إن علاقتنا بمصر صافية بلا مشكلات أو عقبات وتخلو من الشكاوى”، مؤكداً أن مصر بالنسبة لسلطنة عمان هي كل شيء في العالم العربي وهو أمر واضح و مؤكد وأثبتته التجارب” ، وأضاف ” إن زعامة مصر في المنطقة أزلية وأبدية لا ترتبط بتوقيت ولا تعرف التقلبات، وأن السلطنة تنظر الى مصر على أنها “عكاز الأمة العربية” وهي “المنصة” التي تجمع الأمة العربية ودورها مشهود ويتعاظم”.
إجمالا يمكن القول أن زيارة الرئيس السيسي لسلطنة عمان، تمهد لبدء مرحلة جديدة للعلاقات الاستراتيجية بين البلدين ، وتحقق نقلة نوعية في مسار التعاون المشترك بينهما على المستويين الثنائي والإقليمي وفي مختلف المجالات، وتؤكد ضرورة المضي قدما في تعزيز منظومة العمل العربي المشترك وتسريع وتيرة مشروع التكامل الاقتصادي العربي وتحقيق الاستفادة القصوى من الميزات التنافسية لكافة الدول العربية.