أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات تحليلا، تلقت “العربي الأفريقي” نسخة منه، فندت فيه عددا من الأكاذيب التي تناولتها بعض أجهزة الإعلام الذي يستقي معلوماته من تنظيم الإخوان والدول الداعمة للتنظيم بخصوص العملية العسكرية الشاملة “سيناء 2018” والتي انطلقت فجر الجمعة الماضية للقضاء على البؤر الإرهابية في سيناء، والتي وصفها الخبراء العسكريون بأنها العملية الأكبر للقوات المسلحة منذ حرب 1973.
كما تطرق التحليل إلى عدد من أجهزة الإعلام التي تعمدت التعتيم على العملية “سيناء 2018″، بالرغم من الاهتمام الذي أولاه الإعلام الدولي بالعملية.
وفيما يلي نص التحليل:
انطلقت أول أمس (9 فبراير 2018) العملية العسكرية – الأمنية الشاملة “سيناء 2018″، لكي تضع نهاية للعمليات الإرهابية التي تصاعدت فى مصر منذ أن أسقط شعبها بثورته في 30 يونيو 2013 حكم الإخوان وتحالفهم مع جماعات التطرف والإرهاب. وقد حظيت هذه العملية باهتمام كبير ومستمر من معظم وسائل الإعلام الدولية سواء بالتغطية أو بالتحليل. في ظل هذا الاهتمام الإعلامي الدولي، تطرح الهيئة العامة للاستعلامات ملاحظات رئيسية على تغطيات بعض وسائل الإعلام الدولية خلال الفترة الماضية لمجموعة قضايا ذات صلة بعملية “سيناء 2018″، أبرزها:
= ما يثار حول القوات المسلحة
وفق دستور البلاد في ديباجته التي تعد مع جميع نصوصه نسيجاً مترابطاً وكلاً لا يتجزأ، ظل الجيش المصري الوطني منذ تأسيس محمد على الدولة المصرية الحديثة، هو “عماد هذه الدولة”، وهو “الذي انتصر للإرادة الشعبية الجارفة في ثورة “25 يناير – 30 يونية” التي دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية، واستعادت للوطن إرادته المستقلة”.
من هنا تأتي عملية “سيناء 2018” التي يقوم بها الجيش ووزارة الداخلية بالتعاون الوثيق مع جميع مؤسسات الدولة، لكي تؤكد عملياً الوجه الأول للدور التاريخي والدستوري لجيشنا الوطني كعماد للدولة، باعتباره “اليد التي تحمل السلاح”، لحماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها. وتؤكد العملية أيضاً زيف وكذب كل التشكيك الذي يشيعه الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم، وتردده بعض وسائل الإعلام الدولية، حول الوجه الآخر للدور التاريخي والدستوري للجيش “عماد الدولة” باعتباره “اليد التي تبني”، وزعمهم طغيانه على دوره الدفاعي من حيث القدرة والأداء.
فالجيش المصري يواصل خلال السنوات الأربع الأخيرة تطوير قدراته العسكرية الشاملة، مما رفع ترتيبه لعام 2017 لأول مرة إلى عاشر أقوى جيوش العالم وفق التصنيف الدولي، ولم تؤثر بذلك الجهود التنموية الكبيرة التي يقوم بها الجيش المصري لإعادة بناء الدولة الحديثة بوصفه “عمادها” وأنه جيش قوامه الرئيسي من المجندين الذين هم أبناء الشعب المصري، على تطويره لقدراته العسكرية وقيامه بوظيفته الدفاعية، بل زاد تقدمه بين ترتيب جيوش العالم على هذا الصعيد.
= ما يثار حول سيناء
تداولت بعض وسائل الإعلام الدولية مؤخراً بعض الإشاعات التي مصدرها الرئيسي هو الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم، حول الأوضاع في سيناء، والتي تؤكد عملية “سيناء 2018” زيفها وكذبها، وأهمها:
– تؤكد عملية “سيناء 2018” أن السيادة المصرية على كامل شبه جزيرة سيناء كاملة وشاملة وتامة، فالقوات المسلحة المصرية ومعها وزارة الداخلية ومؤسسات الدولة الأخرى، تنتشر في كافة أرجاء سيناء باسطة عليها كل مظاهر السيادة الوطنية بدون منازع ولا قيد واحداً على ممارستها لها من أي طرف كان.
– تؤكد عملية “سيناء 2018” بحجمها الهائل التي يقودها الجيش المصري وحده متعاوناً مع جهات الدولة المصرية الأخرى، الكذب التام لكل ما تداولته بعض وسائل الإعلام الدولية مؤخراً، حول تدخلات عسكرية مزعومة لأطراف إقليمية في سيناء لمكافحة جماعات الإرهاب. فالدولة المصرية من ناحية، لا تحتاج في ظل امتلاكها للجيش العاشر في ترتيب أقوى جيوش العالم لأي مساعدة خارجية، وهي من ناحية أخرى لا يمكن أن تسمح بأي تدخل يخل بسيادتها الكاملة والشاملة والتامة على كل شبر من سيناء.
– في نفس السياق السابق، تؤكد عملية “سيناء 2018” أيضاً ثبات الموقف المصري من محاولات بعض القوى الدولية الكبرى فرض رؤيتها للقضاء على الإرهاب في سيناء على مصر، وإصرار قيادتها على قيامها به مستقلة عبر القوات المسلحة والشرطة وبقية أجهزة الدولة المصرية. وقد أشار لهذا الرفض بوضوح مقال نشرته صحيفة النيويورك تايمز مؤخراً وجاء به أن “القاهرة تجاهلت العروض الاميركية بتدريب القوات المصرية على تكتيكات الرد على عمليات الإرهاب في سيناء وبالتالي دحره”، وهو ما دفع كاتبى المقال إلى اعتبار مصر “حليفاً مزعجاً”.
– تؤكد عملية “سيناء 2018” عملياً وبصورة لا تحتمل التأويل، الكذب الصريح الذي يشيعه الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم، وتتابعهم فيه بعض وسائل الإعلام الدولية، حول مزاعم توطين الفلسطينيين في سيناء. فإذا كان هدف العملية هو القضاء على الإرهاب في سيناء، فهو يأتي ضمن تأكيد كامل السيادة المصرية عليها بدون تفريط في أي شبر منها. وقد سبق لمصر أن أكدت عدة مرات على كذب هذه المزاعم، فضلاً عن مؤشرات أخرى تؤكد هذا الكذب منها:
في 31 يناير 2015، وعقب عملية إرهابية غادرة ضد قوات الجيش المصري قتلت وأصابت عشرات منهم، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي بحسم أمام الكاميرات وبحضور القيادات العليا للجيش المصري: “إحنا مش حانسيب سينا لحد، يتبقى بتاعة المصريين يا نموت”.
في 23 فبراير 2017، أكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية بعد اجتماع عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع قيادات المجلس الأعلى للقوات المسلحة والمجلس الأعلى للشرطة، في إشارة إلى أكذوبة توطين الفلسطينيين بسيناء، أنه “من غير المتصور الخوض في مثل هذه الأطروحات غير الواقعية وغير المقبولة، خاصة وأن أرض سيناء جزء عزيز من الوطن، شهد ولا يزال يشهد أغلى التضحيات من جانب أبناء مصر الأبرار”. ودعا المتحدث الرسمي إلى “عدم الالتفات إلى مثل هذه الشائعات”، التي وصفها بأنها “لا تستند إلى الواقع بأي صلة، ويُثيرها البعض بهدف بث الفتنة وإثارة البلبلة وزعزعة الثقة في الدولة”.
وفي 28 فبراير 2017 أعلن الرئيس السيسي بنفسه في لقاء مع طلبة البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب على القيادة أن: “في سيناء أناس قدمت ومازالت تقدم أرواحها كي تظل مصر، وسيناء ستبقى ملكاً لمصر، وليس كما يحاول البعض أن يؤثر عليكم يا مصريين ويقول كلاماً آخر”.
في صبيحة البدء بعملية “سيناء 2018″، أعلنت حركة حماس أن وفداً رفيعاً منها يقوده إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، وصل إلى القاهرة في زيارة تأتى ضمن ترتيبات مسبقة، فى إطار التشاور مع مصر للتخفيف عن أهل قطاع غزة واستكمال تنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية، وضمن الجهود المشتركة من أجل القضية الفلسطينية ومواجهة القرار الأمريكي الأخير بشأن القدس ومواجهة الاستيطان. ويكفي هنا التساؤل لتأكيد كذب وزيف كل ما يشاع عن توطين الفلسطينيين في سيناء وربط هذه الأكذوبة بعملية “سيناء 2018”: هل زيارة وفد حركة حماس الرفيع بقيادة رئيسها لمصر في ظل هذه العملية وقبلها زيارة على نفس المستوى في سبتمبر 2017، يمكن أن تتسق مع تلك الأكذوبة إلا إذا كانت حركة حماس شريكاً في هذا التوطين المزعوم الكاذب؟ وإذا كان الموقف المعروف لحركة حماس هو رفض هذا التوطين المزعوم، فهو نفسه رأي السلطة الفلسطينية الذي أعلنه رئيسها محمود عباس مرات عديدة مؤكداً على أن الفكرة لم تطرح أبداً من الرئيس السيسي، وهو ما أكد عليه مرات عديدة أيضاً المتحدث الرسمي باسمه، ومنها ما ذكره في 5 أبريل 2016 من أن هذه الأنباء عارية عن الصحة تماما “فمصر والرئيس السيسي لا يدخران جهدا من أجل اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو لعام 1967”. فهل تكذب بعض وسائل الإعلام الدولي الجانبين الفلسطينيين وتصدق الدعاية السوداء التي يبثها الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم؟
= ما يثار حول مواجهة الإرهاب في مصر
تداولت بعض وسائل الإعلام الدولية مؤخراً بعض التحليلات المغلوطة عن مواجهة ظاهرة الإرهاب الدموي في مصر، وركزت فيها على قضيتين رئيسيتين:
1- الحل السياسي للإرهاب ونعني به الربط غير المنطقي ولا المفهوم بين ما تشهده مصر من عمليات إرهاب أسود، في سيناء وخارجها، أودت بحياة وأصابت آلاف من المصريين، وبين ما تزعم أنه “حلولاً سياسية” لهذه الظاهرة الدموية، تدعي أن السلطات المصرية لم تقم بها. ويكفي هنا لتأكيد زيف هذه المزاعم طرح بعض التساؤلات على كل من يتبناها في وسائل الإعلام الدولية:
منذ بدء ظاهرة الإرهاب الدولي مع تنظيم القاعدة في تسعينيات القرن الماضي ثم مع ظهور تنظيم داعش، هل سبق لأية دولة في العالم أن قبلت التفاوض مع هذه التنظيمات الإرهابية ومثيلاتها، أو أن طرحت وسائل الإعلام الدولي على حكوماتها أن تفتح لها مجالات العمل السياسي لكي تتوقف عن ممارساتها الإرهابية الدموية؟
فإن لم يكن هناك من سابقة واحدة في العالم لهذا، وكان سبيل المواجهة الوحيد لهذه التنظيمات الإرهابية من كافة دول العالم وعلى رأسها الغربية منها هو السبل الأمنية والعسكرية وحدها، فلماذا يطلب البعض من مصر ما لم يقم به أحد من قبل؟
وألم تقم الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة الديمقراطية الأكبر في العالم، بغزو عسكري لأفغانستان والعراق بذريعة مواجهة الإرهاب بدون أي إجراءات سياسية مع حكومتي الدولتين؟ وأخيراً، ألم تتوحد نحو سبعين دولة من مختلف مناطق العالم منذ عام 2014 في تحالف عسكري محض لمواجهة تنظيم داعش، لا إجراء سياسي واحداً فيه موجه للتحاور أو التفاوض مع هذا التنظيم الإرهابي؟
2- التعتيم الإعلامي
ويقصد به ما يدعيه البعض في وسائل الإعلام الدولية بأن المعلومات المتاحة حتى الآن شحيحة بشأن العملية العسكرية “سيناء 2018″، مطالبين السلطات بإتاحة تفاصيل بشأن عدد القوات المشاركة وتسليحها والمدى الزمنى والجغرافي للعمليات. كما انتقد البعض منع مراسلي الصحافة المصرية والاجنبية من الوصول لمناطق العمليات في شمال سيناء لمتابعتها ميدانياً. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي ترد فيها تلك الانتقادات، فهي قد تكررت مرات عديدة خلال الفترات الماضية منذ بدء المواجهة العسكرية والأمنية للإرهاب في سيناء. والحقيقة أنه من ناحية أولى، فيما يخص عملية “سيناء 2018″، فالدولة أعلنت في بيانات رسمية عن بدء العمليات والهدف العام لها وتتابع ما يستجد في بيانات رسمية تراعى المتطلبات الأمنية والعسكرية حفاظا على حياة المقاتلين ونجاح العمليات وسلامة الصحفيين. من ناحية ثانية، فإن هناك عدداً من مراسلي بعض الصحف ووسائل الإعلام المصرية والأجنبية مقيمين في سيناء، يقومون بعملهم وفق الاعتبارات السابقة. ومن ناحية ثالثة، فالمساحة المتاحة في مناطق العمليات بسيناء في ظل الاعتبارات السابقة، هي بلاشك أوسع مما تتيحه كثير من دول العالم الديمقراطية في حالات الحروب، حيث لا تسمح بتغطية عملياتها إلا للمراسلين العسكريين الذين تدمجهم ضمن القوات المقاتلة ويخضعون لرقابة صارمة بحيث لا يبقى لهم إلا نشر البيانات الرسمية، وقد عوقب بعض الصحفيين والاعلاميين الذين انتهكوا هذه القيود الصارمة التى وضعتها تلك الدول. ومثال ما جرى أثناء الحربين الأمريكيتين في العراق ليس ببعيد ولا يزال ماثلاً في الذاكرة الصحفية والإعلامية العالمية.
3- الخسائر المدنية في مكافحة الإرهاب
سعى الإخوان وحلفاؤهم الإرهابيون والدولتان المساندتان لهم وتبعهم في هذا بعض وسائل الإعلام الدولية، لترويج أكاذيب ومزاعم حول تأثر المدنيين في سيناء وممتلكاتهم من عمليات مكافحة الإرهاب الجارية هناك وتدور حالياً ضمن عملية “سيناء 2018”. والحقيقة أن هناك زاويتين لتوضيح زيف هذه المزاعم والأكاذيب:
الأولى: أنها تأتي ضمن حرب دعاية سياسية سوداء يشنها هؤلاء في معركتهم اليائسة لاستهداف الدولة المصرية ونظامها السياسي الذي اختاره شعبها. وبالنسبة لوسائل الإعلام الدولية، فإن ترديد هذه المزاعم يستلزم وجود أدلة كافية عليها، وهناك مئات الآلاف من المقيمين بسيناء من المصريين وغيرهم من العاملين والزائرين، يمكن لهذه الوسائل التأكد منهم من كذبها. كما أن وقوع وسائل الإعلام الدولية في فخ الدعاية السوداء المشار إليها، بتوصيفها المصابين والقتلى من العناصر الإرهابية باعتبارهم “مدنيين”، إنما يخل من الناحية المهنية بالمعايير الواجب اتباعها في تأكيد الصفات، كما أنه يتصادم مع حقيقة أن القانون الدولي والقوانين المحلية كافة لا تعطي الإرهابيين وتنظيماتهم الصفة العسكرية، فهم “مدنيون” خارجون عن القانون ينضمون ويقودون ميليشيات عسكرية لا شرعية لها.
ثانياً: أن الرئيس السيسي حرص دوماً على تأكيد حقيقة أن القوات المسلحة المصرية وقوات إنفاذ القانون تلتزم باستمرار في عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء وغيرها بالحفاظ على أرواح وممتلكات المدنيين وألا تتأثر بهذه العمليات. ومن بين هذه التصريحات ما جاء في 11 يناير 2017 في اجتماع للرئيس مع القيادات العليا للجيش والشرطة، حيث وجه بمواصلة خطط استهداف البؤر الإرهابية بأقصى درجات الحزم، مع الحفاظ في الوقت ذاته على سلامة المدنيين في مناطق الاشتباكات. وفي 7 نوفمبر 2017 في حواره مع شبكة CNBC الأمريكية، أعلن الرئيس أنه “خلال مواجهتنا لهذا الإرهاب نحرص على عدم الإضرار بأي شخص من المدنيين والأبرياء الذين ليس لهم ذنب في هذه الحرب”. وفي 19 يناير 2018 أعلن الرئيس أن “الحرص على حياة المواطنين الأبرياء والمدنيين هو سبب طول مدة المواجهة ما بين الدولة والإرهابيين”.
بينما تقوم بعض وسائل الإعلام الدولية بترديد وإبراز أكاذيب الإخوان وحلفائهم الإرهابيين والدولتين المساندتين لهم لتشويه الحرب النظيفة التي تخوضها مصر ضد المجموعات الإرهابية في سيناء بحرص بالغ على المدنيين الأبرياء، نجد صمتاً أو همساً خافتاً منها حول الفظائع التي يتعرض لها المدنيون في سوريا والعراق من جراء هجمات التحالف الدولي لمواجهة داعش. فتقديرات بعض المنظمات المتخصصة مثل منظمة “إيروارز” “Airwars” أن عدد القتلى من المدنيين الأبرياء في البلدين خلال عام 2017 قد تراوح بين نحو 4000 و6000 قتيل إلى جانب عشرات الآلاف من الجرحى.