ضخ إعلان اليابان تخفيف حظر السفر عن رعاياها وعودة شركة “توماس كوك” البريطانية لتنظيم الرحلات، دماء جديدة في السياحة التونسية، التي تعتبر إحدى أبرز الوجهات الجاذبة للزوار في حوض المتوسط.
وعمّ التفاؤل الأوساط السياحية في تونس بعد أن أعلنت الحكومة اليابانية أمس عن تعليق جزئي لحظر السفر الذي فرضته منذ الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها تونس خلال 2015، ما يعطي أملا كبيرا بانتعاش القطاع الذي مرّ بأزمات حادة في الأعوام الأخيرة.
وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان على موقعها الإلكتروني إن “مراجعة تحذير السفر الياباني يشمل تغيير تصنيف 17 ولاية تونسية من بين 24، من المستوى الثاني إلى المستوى الأول، ما يعني أن الوجهات التي شملتها المراجعة أصبحت آمنة اليوم”.
ولم تعلن أي شركة سياحية يابانية حتى الآن عن خطط لتسيير رحلات إلى تونس، لكن يتوقع وصول أول الوفود خلال الفترة القليلة القادمة على الأرجح.
وارتكزت اليابان في قرارها على التحسّن الملحـوظ للـوضع الأمني في عدد من المناطق في تونس. ويبـدو أن عـودة الرحلات السياحية الأوروبية إلى تونس كان دافعا قويا لطوكيو لاتخاذ هذا القرار، بحسب المختصين.
وتسعى تونس حاليا إلى إقناع الحكومة اليابانية من أجل توسيع إلغاء تحذير السفر ليشمل كافة الولايات وخاصة المناطق الجنوبية التي اعتاد السياح اليابانيون زيارتها مثل توزر وتطاوين.
وتزامن هذا الدعم الجديد من اليابان مع وصول أول رحلتين سياحيتين قادمتين من بريطانيا إلى مطار النفيضة الدولي وعلى متنهما 440 سائحا، للمرة الأولى منذ عامين ونصف العام إثر هجوم تعرض له فندق بمدينة سوسة راح ضحيته 30 بريطانيا.
ومن المتوقع أن تصل الرحلة الثالثة، التي تنظمها “توماس كوك” اليوم الأربعاء، إلى المطار نفسه، وعلى متنها 220 سائحا بريطانيا. وأوضحت شركة الرحلات البريطانية في بيان أمس أن “الرحلات السياحية الثلاث باتجاه مطار النفيضة محجوزة بالكامل”.
وستنظم الشركة ثلاث رحلات طيران أسبوعيا بما يسمح للبريطانيين بالانضمام إلى زبائن الشركة من ألمانيا وفرنسا وبلجيكا الذين ظلوا يزورون تونس خلال العامين الأخيرين.
وقال بيتر فانكهاوزر الرئيس التنفيذي لتوماس كوك لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن “الشركة فعلت كل ما بوسعها في ما يتعلق بموضوع الأمن”. وأضاف “سيكون من الحماقة أن أقول إن أي وجهة آمنة مئة بالمئة لكن ما يمكنني قوله هو أننا تريثنا في اتخاذ القرار بإعداد برنامجنا”.
ويتفق معظم خبراء الاقتصاد على أن هذه الخطوات ستؤدي إلى تعزيز انتعاش القطاع السياحي الذي شهده في الأشهر الأخيرة مع استئناف الكثير من الشركات العالمية لرحلاتها إلى تونس.
وأعلنت كل من الدنمارك والنرويج وأيسلندا أواخر يونيو الماضي، عن تعليق حظر السفر إلى تونس بغرض السياحة. وكانت دول أخرى على غرار السويد وفنلندا وبلجيكا، قد اتخذت نفس القرار قبل ذلك بأشهر.
والشهر الماضي، أكدت مجموعة توي، منظمة الرحلة السياحية التي سقط فيها ضحايا في منتجع القنطاوي السياحي في مدينة سوسة، أنها تخطط لعرض قضاء العطلات في تونس من جديد بداية من مايو المقبل.
وقال الرئيس التنفيذي فريدريك يوسن بعد أن أعلنت الشركة نتائج الربع الأخير من العام الماضي “فتحنا الوجهة لأن هناك طلبا. هذا واضح جدا”.
ويرى خبراء أن انضمام تونس لاتفاقية “السماوات المفتوحة” مطلع ديسمبر الماضي، تشكل فرصة كبيرة لازدهار القطاع السياحي الذي أخذ طريقه نحو التعافي بفضل سياسة الإصلاح الاقتصادي التي تتبعها الحكومة والهادفة إلى رفع معدلات النمو بعد سبع سنوات من الركود.
وقالت وزيرة السياحة، سلمى اللومي، في مؤتمر صحافي السبت الماضي، إن “تونس تخطط لاستقطاب حوالي 8 ملايين سائح خلال هذا العام”، مؤكدة أن بلادها أصبحت تراهن على أسواق جديدة غير مكتفية بالأسواق الأوروبية التقليدية.
وبلغت عائدات السياحة العام الماضي نحو 2.8 مليار دينار (نحو 1.16 مليار دولار) بعد أن تمكنت من استقطاب سبعة ملايين سائح، وفق اللومي.
وكان للسياح الروس الذين قدموا إلى تونس دور كبير في إنعاش القطاع حيث تظهر بيانات جمعية منظمي الرحلات الروس أن أكثر من 623 سائحا روسيا زاروا البلاد في عام 2016، وهو رقم قياسي لم يسبق أن وصلته تونس من قبل.
وعمليا استفادت تونس بشكل غير مباشر من الأزمة السياسية بين روسيا وتركيا، ومن سقوط الطائرة الروسية في سيناء المصرية في أكتوبر 2015، ما ساهم في فتح أبواب تونس على مصراعيها لوكالات الأسفار الروسية.
وتمثل صناعة السياحة نحو 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس، لكن تعدّ من أهم القطاعات لأنها توفر أكبر نسبة من فرص العمل بعد القطاع الزراعي، إذ تشير البيانات أن نحو 400 ألف شخص يعملون في السياحة.