قال الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الأحد، إن بلاده أضحت آمنة رغم الوضع الخطير في الجوار، في إشارة إلى ليبيا ومالي، حيث يهيمن الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي في الأولى وتنشط جماعات متطرفة موالية للقاعدة في الثانية.
أما بالنسبة لتونس التي تنسق جهود مكافحة الإرهاب مع السلطات الجزائرية، فهي تشهد استقرارا أمنيا بعد نجاح قوات الأمن والجيش في احباط العديد من الاعتداءات الارهابية لكن خطر الإرهاب لم ينته بعد.
وأشار الرئيس الجزائري إلى أن الفضل في عودة الأمان للجزائر يعود لما وصفها بـ”جهود الجيش وميثاق المصالحة بعد الأزمة الأمنية في تسعينات القرن الماضي”.
وتعزف السلطة في الجزائر منذ سنوات على وتر ترهيب الشعب من الإرهاب مستحضرة في كل وقت وحين العشرية السوداء التي قتل فيها حوالي 200 ألف شخص.
لكن في السنوات الأخيرة كانت تستحضر على الدوام الفوضى التي شهدتها تونس وليبيا ودول أخرى مثل مصر وسوريا وقبلها العراق، في تحذير مبطن من أي انتفاضة قد تدفع الجزائر إلى مصير مشابه.
كما تستحضر الجزائر مقولات الاستقرار الأمني وسط دعوات متكررة بتفعيل المادة 102 من الدستور حول شغور منصب الرئاسة لأسباب تتعلق بمرض الرئيس.
وأصيب بوتفليقة في 2013 بجلطة دماغية استوجبت ايداعه لأشهر في مستشفى عسكري بفرنسا. وظل الرئيس الجزائري بعيدا عن الأضواء منذ ذلك الحين دون ظهور علني للشعب أو في المناسبات الرسمية إلا بشكل نادر.
وطالبت أحزاب معارضة على اثر ذلك بظهور علني للرئيس وسط شكوك حول أهليته للحكم واتهامات لأوساط بالرئاسة بمصادرة أختام الجمهورية واتخاذ اجراءات ربما لا يعلم به الرئيس أصلا.
وجاءت التصريحات الأخيرة لبوتفليقة في رسالة للجزائريين بمناسبة يوم الشهيد وهي ذكرى سنوية تقام في 18 فبراير/شباط لتكريم من قتلوا على يد الاستعمار الفرنسي خلال ثورة التحرير (1954- 1962)، وفق الوكالة الجزائرية الرسمية للأنباء.
وحسب الرئيس الجزائري فإن “الأمن أضحى معززا اليوم في شتى ربوع البلاد رغم الوضع المتأزم والخطير المحيط بها بفضل الوئام والمصالحة الوطنية وتضحيات الجيش الوطني الشعبي”.
وخلال السنوات الماضية، حشدت الجزائر عشرات الآلاف من الجنود على حدودها مع مالي والنيجر (جنوب) وليبيا وتونس (شرق)، لمنع تسلل الجماعات الإرهابية وتهريب السلاح من هذه الدول المضطربة أمنيا، كما تقول السلطات.
ويعلن الجيش الجزائري باستمرار عن عمليات ضبط أسلحة على الحدود الجنوبية.
وتقول قيادة الجيش إنها تواجه آخر جيوب الإرهاب في الداخل وإن الظاهرة “أصبحت من الماضي”، بعد مواجهات دامت أكثر من عقدين.
وفي 29 سبتمبر/أيلول 2005 أجرى بوتفليقة استفتاء دستوريا حول ميثاق للسلم والمصالحة الوطنية، تضمن عفوا مشروطا عن المسلحين في الجبال مقابل ترك العمل المسلح.
واستثنى قانون المصالحة المتورطين في المجازر الجماعية والتفجيرات في الأماكن العامة وجرائم الاغتصاب.
وساهمت تلك الإجراءات في نزول حوالي 15 ألف مسلح من الجبال، استجابة لنداء العفو، وفقا لإحصائيات رسمية.
ومثل ذلك بداية لإنهاء أزمة أمنية وسياسية اندلعت مطلع تسعينات القرن الماضي بين النظام الحاكم وجماعات مسلحة، بعد إلغاء قادة الجيش نتائج انتخابات نيابية فاز بها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (الفيس) وخلفت تلك الأزمة قرابة 200 ألف قتيل، حسب أرقام رسمية.