دعا حزب نداء تونس أنصاره والناخبات والناخبين التونسيين إلى التعبئة العامة لنصرة المشروع الوطني المؤمن بقيم الحداثة خلال الانتخابات البلدية القادمة فيما أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أنها تلقت 2176 مطلب ترشح بعد غلق باب الترشحات.
ويراهن النداء على الناخبين المؤمنين بمشروع دولة الاستقلال المدنية ومكاسبها وفي مقدمتها حرية المرأة للانتصار على حساب مشروع الإسلام السياسي ممثلا في النهضة.
ومساء الخميس أكد أنيس الجربوعي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة تلقت بعد غلق باب الترشحات 2176 مطلب ترشح.
وتتوزع المطالب إلى 1101 قائمة حزبية و175 قائمة ائتلافية و900 قائمة مستقلة
استأثرت فيها جهة المنستير الساحلية بـ 190 مطلبا وبلغت نسبة التغطية مئة بالمئة.
وبحسب تقرير لموقع “ميدل إيست أونلاين”، حث النداء في بيان له مساء الخميس “أنصار المشروع الوطني المؤمن بقيم الحداثة والوسطية وقيم دولة الاستقلال للعمل معا وتجاوز الخلافات والحسابات الشخصية والتعبئة العامة من أجل كسب نتائج الاستحقاق لفائدة المشروع الوطني”.
وأعلن الحزب أنه أنهى إيداع قائماته في كل الدوائر البلدية البالغ عددها 350 دائرة لافتا إلى أنها معروضة للمنافسة من قبل القائمات الأخرى وخاصة قائمات النهضة.
وتمثل قائمات النداء وقائمات النهضة نحو 90 بالمئة من القائمات التي تسلمتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهو ما يعني أن الاستحقاق سيشهد منافسة شرسة بين الحزبين.
وكان برهان بسيس المسؤول عن الشؤون السياسية في النداء حمل الشعب التونسي مسؤوليته خلال الانتخابات بين الانتصار للمشروع الوطني ومدنية الدولة وحرية المرأة ممثلا في النداء أو التصويت لمشروع الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة.
وحرص النداء على إعداد قائمات تتكون من مرشحي الجهات من كفاءات لها إشعاعها الجهوي والمحلي وتحظى بثقة الأهالي كما حرص على ترشيح كفاءات نسائية قيادية.
ووفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمثل المرأة نحو 49 بالمئة من الجسم الانتخابي ما يعني أن أصوات الناخبات سيكون لها التأثير الكبير في حسم نتائج الانتخابات.
ومن جهته أعلن الائتلاف المدني الذي يضم 11 حزبا أنه تقدم بـ 382 قائمة انتخابية في كامل الدوائر منها 48 باسم الاتحاد و144 قائمة باسم الأحزاب و190 قائمة مستقلة.
ويقدم الاتحاد نفسه كقوة انتخابية بديلة لقائمات النهضة والنداء مراهنا على استقطاب الناخبات والناخبين الغاضبين على فشل الحزبين الكبيرين في إدارة الشأن العام.
وقال أنيس الجربوعي لمراسل ميدل ايست أونلاين إن “الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لاحظت أن هناك تنافسا بين الأحزاب السياسية على استقطاب أكثر ما يمكن من المرأة خاصة منها الكفاءات المتخصصة مثل الطب والمحاماة ومراكز القرار الإداري”.
وتتميز قائمات الأحزاب بالحضور القوي للمرأة سواء كأعضاء في القائمات المترشحة أو كرئيسات للقائمات حيث تقدر نسبة تواجد المرأة في قائمات النداء بنحو 30 بالمئة.
وقال أنيس الجربوعي إن “تركيز الأحزاب على ترشيح المرأة وانفتاح القائمات عليها مرده أن المرأة في تونس تعد رمز الحرية والحداثة وانفتاح المجتمع التونسي”.
وتعد قائمات النداء الأكثر مراهنة على أصوات الناخبات باعتبارهن الأكثر تحمسا للدفاع عن حرياتهن وحقوقهن المدنية والسياسية المهددة من قبل مشروع النهضة.
ويستحضر مراقبون هنا نتائج الانتخابات الرئاسية العام 2014 التي حسمها أكثر من مليون صوت امرأة لفائدة السبسي على حساب المرزوقي مرشح الإسلاميين.
وفيما استنجدت قائمات النهضة بعدد من المستقلين الذين يدورون في فلكها لتمنحهم غالبية رئاسة قائماتها في مسعى إلى مخاتلة الناخبين راهن النداء على قياداته وكوادره في الجهات لرئاسة قائماته لما يحظون به من إشعاع وثقة أهالي الجهات.
وتتكون قائمات النداء من كفاءات وطنية وجهوية ومحلية مثقفة ثقافة عصرية تنحدر غالبيتها من الطبقة الوسطى وهي طبقة علمانية مستنيرة تؤمن بمدنية الدولة.
وعلى الرغم من أن عملية إعداد ملفات الترشح تمت بصفة عامة في أجواء عادية إلا أن ذلك لا ينفي حصول بعض الهنات تمثلت خصوصا في حالات انحياز من قبل بعض محافظي الجهات وبعض المؤسسات الإدارية إما لقائمات النداء أو لقائمات النهضة.
وأبدى السبسي حزما في تهيئة المناخ الملائم لسير عمليات الترشحات حيث أصدر تعليمات لتأمين حياد الإدارة والوقوف على نفس المسافة من جميع القائمات.
ويبدو أن الأوضاع العامة التي تغلب عليها الاحتقان قد ألقت بتداعياتها على عمليات تسجيل الناخبين حيث أكد عادل البرينصي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لميدل ايست أونلاين أن نسبة المسجلين تمثل نحو 30 بالمئة من الجسم الانتخابي.
وتعكس النسبة المتدنية، كما يرى محللون سياسيون، نوعا من العزوف وشكلا من أشكال الاحتجاج الانتخابي خاصة ضد النداء والنهضة المهيمنان على الحكومة.
ويقول خليل الرقيق المحلل السياسي إن “الاحتجاج الانتخابي يأخذ عدة أشكال لعل من أهمها العزوف إما عن التسجيل أو عن التصويت وكذلك التصويت العقابي لفائدة قائمات أخرى غير قائمات الأحزاب الحاكمة التي تتحمل مسؤولية فشلها”.
ولا يستبعد الرقيق وهو يتحدث إلى مراسل ميدل ايست أونلاين أن “تستفيد قائمات الائتلاف المدني وقائمات المستقلين منتصويت الناخبين ضد النداء والنهضة”.
ومع إعلان الهيئة العليا للانتخابات بأن النداء والنهضة استأثرا بـ 90 بالمئة من القائمات الانتخابية باتت غالبية التونسيون أكثر اقتناعا بأن الاستحقاق المحلي تم تحويل وجهته إلى استحقاق حزبي وسياسي بعيدا عن تطلعاتهم إلى تركيز حكم محلي ممثلا لهم.
ويشدد مراقبون على أن نتائج الانتخابات ستمثل مفصلا من مفاصل التاريخ التونسي باعتبارها ستحسم اختيار الناخبين بين مشروع النداء الذي يعد تواصلا مع مشروع دولة الاستقلال المدنية وبين مشروع النهضة التي تأسست أصلا لمعاداته.
وهم يرون أن “عمق المنافسة بين النداء والنهضة يتجاوز الاستحقاق البلدي ليشمل الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة” ملاحظين أن “مشروع النهضة مسقط على تاريخ البلاد ومرجحين أن” تحسم “المنافسة الشرسة” لفائدة المشروع الوطني”.