تمكن الجيش السوري، اليوم، من عزل مدينة دوما عن باقي الغوطة الشرقية قرب دمشق، إثر تقدم جديد أدى إلى تقسيم المنطقة المحاصرة لثلاثة أجزاء ما يضيق الخناق أكثر على الفصائل المعارضة والمدنيين.
ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، استطاع الجيش السوري تقسيم الغوطة الشرقية إلى ثلاثة أجزاء: دوما ومحيطها شمالاً، حرستا غرباً، وباقي المدن والبلدات التي تمتد من الوسط إلى الجنوب.
وتُعد الغوطة الشرقية أحدى بوابات دمشق وتشكل منذ 2012 معقل الفصائل المعارضة قرب العاصمة ما جعلها هدفاً دائماً لقوات النظام.
وفي إطار عملية عسكرية برية بعد حملة قصف عنيف، سيطرت قوات النظام السوري مؤخراً على أكثر من نصف مساحة الغوطة الشرقية.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “عزلت قوات النظام دوما، أبرز مدن الغوطة الشرقية، بعد سيطرتها على الطريق التي يربطها بحرستا غربًا وعلى مدينة مسرابا إلى الجنوب منها”.
وتعد مدينة دوما معقل فصيل “جيش الإسلام” الأكثر نفوذًا في الغوطة الشرقية.
وأفاد مراسل فرانس برس في مدينة دوما عن قصف جوي ومدفعي على المدينة التي يختبئ سكانها في الأقبية، وبدت شوارعها خالية من الحركة، وهي التي استقبلت أصلاً نازحين فروا من المعارك.
وأشار المراسل إلى أن سيارات الإسعاف التي تذهب لإجلاء الجرحى تجد صعوبة في العودة إلى المستشفيات جراء القصف.
وبعزل دوما، تمكنت قوات النظام، وفق عبدالرحمن “من تقطيع أوصال الغوطة الشرقية”.
– “نداء استغاثة” – ووجه المجلس المحلي لمدينة دوما “نداء استغاثة” للمنظمات الدولية، مشيراً إلى أن “اكتظاظ الملاجئ والأقبية، حيث أصبح الناس ينامون في الطرقات والحدائق العامة” بعد وصول أعداد كبيرة من النازحين من مناطق مجاورة.
كما أشار إلى “صعوبة دفن” القتلى بسبب القصف الذي طال أيضًا مقبرة المدينة.
ومع انتشال المزيد من الضحايا من تحت الأنقاض، ارتفعت حصيلة القتلى منذ بدء الحملة العسكرية في 18 فبراير إلى أكثر من 975 مدنيًا بينهم 200 طفل، كما أصيب أكثر من 4300 آخرين بجروح، وفق المرصد.
وتدور اشتباكات عنيفة أيضًا بين قوات النظام وفصيل “فيلق الرحمن” في محيط بلدة مديرا “غرب” وقرب بلدات حمورية وسقبا وافتيريس “جنوب”.
وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن “الجيش يكثف عملياته” على جبهات عدة.
ونقل بثًا مباشرًا من مدينة مسرابا أظهر عشرات المدنيين في أحد الأقبية المظلمة، حيث بكى رجل عجوز وهو يروي كيف عائلته فرت إلى دوما من شدة القصف.
وتتزامن الاشتباكات مع هدنة إنسانية أعلنتها روسيا، تنص على وقف الاعمال القتالية لخمس ساعات يومًا. ويتخللها فتح “ممر إنساني” لخروج المدنيين.
وتحدث الإعلام الرسمي السوري، عن استحداث معبرين جديدين منذ الخميس، الأول قرب بلدة جسرين جنوبًا، والثاني في مدينة حرستا الخاضعة لسيطرة قوات النظام على أجزاء منها.
– “وجوه خائفة” – ودخلت الجمعة 13 شاحنة تحمل مواد غذائية الى مدينة دوما بعدما تعذر إفراغ حمولتها جراء القصف الاثنين، حين كانت في عداد أول قافلة مساعدات دخلت المنطقة منذ بدء التصعيد.
ولم تحمل قافلة المساعدات الجمعة أي مستلزمات طبية. وكانت السلطات السورية منعت القافلة الاثنين من ادخال بعض المواد الطبية الضرورية.
واعتبر ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا سجاد مالك الجمعة أن الغوطة الشرقية على “وشك أن تتحول إلى كارثة كبرى”، مشيراً بعد زيارته دوما مع القافلة الأولى إلى “رائحة نفاذة” نتيجة الجثث التي لا تزال مدفونة تحت الأنقاض.
وقال، وفق موقع المفوضية، “لم أر في حياتي وجوهاً خائفة كالتي رأيتها هناك”.
ويعيد ما يحصل في الغوطة الشرقية الى الاذهان معركة مدينة حلب، التي حاصرت قوات النظام أحياءها الشرقية قبل أن تشن هجوماً برياً تخلله عدة هدن مؤقتة، إلى أن انتهت المعركة بإجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين إلى مناطق تسيطر عليها الفصائل المقاتلة شمال غرب سوريا.
وعلى هامش تقدم الجيش السوري، تجري مفاوضات محلية بين قوات النظام ووجهاء من الغوطة الشرقية للتوصل إلى عمليات أجلاء.
وإلى جانب تلك المبادرة، خرج 13 مقاتلاً من هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقًا” كانوا معتقلين لدى “جيش الإسلام” من الغوطة الشرقية أثر مشاورات بين هذا الفصيل والأمم المتحدة.
وعلى جبهة أخرى في سوريا، باتت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها السبت على مشارف مدينة عفرين في شمال سوريا وسط استمرار للمعارك العنيفة مع المقاتلين الأكراد، وفق ما أفاد المرصد السوري.