خلافات حول ملفي إيران وكوريا الشمالية تعجل بإقالة تيلرسون

آخر تحديث : الأربعاء 14 مارس 2018 - 12:29 صباحًا
خلافات حول ملفي إيران وكوريا الشمالية تعجل بإقالة تيلرسون
واشنطن:

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء في تغريدة صباحية إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون وتعيين المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) مايك بومبيو خلفا له.

وأشار ترامب إلى خلافات بينه وبين تليرسون حول الملف النووي الإيراني، ملمحا إلى أن وزير خارجيته أبدى تساهلا حيال إيران هذا الملف.

وذكر مسؤول أميركي كبير أن ترامب أراد تغيير فريقه قبل المفاوضات المرتقبة مع كوريا الشمالية وذلك في معرض تفسيره لأسباب الاقالة، إلا أن القرار لا يخرج عن سياق خلافات متراكمة بين الرئيس ووزير خارجيته.

وسبق لترامب أن وصف تحرك تليرسون لحل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية بأنه “مضيعة للوقت”.

كما عين ترامب جينا هاسبل على رأس وكالة الاستخبارات المركزية لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب.

وكتب ترامب في تغريدته “مايك بومبيو مدير سي آي ايه سيصبح وزير خارجيتنا الجديد وسيقوم بعمل رائع! نشكر تيلرسون على خدماته! جينا هاسبل ستصبح المديرة الجديدة لسي آي ايه وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب. مبروك للجميع!”

وتابع “استحق بومبيو عندما كان مدير سي آي ايه ثناء الحزبين على تعزيزه جمع المعلومات الاستخباراتية وتطويره قدراتنا الهجومية والدفاعية واقامته علاقات وثيقة مع حلفائنا في أوساط الاستخبارات”.

وقد عبر بومبيو عن “امتنانه العميق” لترامب لتعيينه على راس وزارة الخارجية.

ويأتي هذا التغيير الحكومي بعد أيام على الاعلان المفاجئ عن قمة بين الرئيس ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون والتي لم يحدد موعدها ولا مكان انعقادها.

ودعا ترامب إلى تثبيت تعيين بومبيو بسرعة فيما تتجه ادارته إلى المحادثات مع كوريا الشمالية.

وبعد الاعلان عن القمة، اختصر تيلرسون جولته الافريقية قائلا انه “ليس بخير” وعاد إلى واشنطن.

وقال ترامب “لقد تم انجاز الكثير في الأشهر الـ14 الماضية وأنا اتمنى له ولعائلته التوفيق”.

وأوضح “كنا متفقين بشكل جيد لكن اختلفنا حول بعض الأمور”، مضيفا “بالنسبة إلى الاتفاق (النووي) الإيراني اعتقد أنه رهيب بينما اعتبره (تيلرسون) مقبولا وأردت إما الغاءه أو القيام بأمر ما بينما كان موقفه مختلفا بعض الشيء ولذلك لم نتفق في مواقفنا”.

قرار مفاجئ

وقال مسؤول آخر بارز إن وزير الخارجية الأميركي المقال ريكس تيلرسون لم يتحدث إلى الرئيس (دونالد ترامب) قبل اقالته الثلاثاء، كما لم يتم له توضيح أسباب اقالته.

وقال مساعد وزير الخارجية للشؤون الدبلوماسية ستيف غولدشتاين في سلسلة تغريدات “الوزير لم يتحدث إلى الرئيس صباح اليوم لا يعلم سبب اقالته، إلا أنه يبدي امتنانا لحصوله على فرصة للخدمة ولا يزال يؤمن بقوة بأن الخدمة العامة أمر نبيل لا يندم عليه”.

وعاد تيلرسون إلى واشنطن قبيل فجر الثلاثاء بعد جولة في عدد من الدول الافريقية وبعد ساعات قليلة أعلن ترامب فجأة على تويتر اقالته وتعيين مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) مايك بومبيو مكانه.

وأضاف غولدشتاين “نتمنى للوزير المعين (مايك) بومبيو كل التوفيق”.

وأكد ان تيلرسون “كان يعتزم البقاء بسبب التقدم الملموس الذي تم احرازه في قضايا الأمن القومي الحساسة. وقد أقام علاقات مع نظرائه”.

وتابع أن الوزير “سيفتقد زملاءه في وزارة الخارجية واستمتع بالعمل مع وزارة الدفاع التي أقام معها علاقة قوية استثنائية”، في إشارة إلى العلاقات الوثيقة بين تيلرسون ووزير الدفاع جيم ماتيس.

وعلى اثر ذلك، قرر ترامب طرد غولدشتاين من وظيفته وهو أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية بسبب تصريحاته التي بدت متعارضة مع رواية البيت الأبيض.

وصرح مساعد وزير الخارجية المقال “لقد كان عملي في الوزارة أعظم شرف في حياتي، وأنا ممتن للرئيس ولوزير الخارجية على هذه الفرصة واتطلع للحصول على فترة راحة”.

وكانت شائعات سرت سابقا عن خلافات بين تيلرسون وترامب. وخلال توليه مهامه على رأس الخارجية الأميركية واجه تيلرسون انتقادات من معارضي ترامب ودبلوماسيين سابقين ومن نخبة واشنطن السياسية.

وخلال توليه مهامه، واجه تحديات كبرى في مجال السياسة الخارجية من كوريا الشمالية وصولا إلى ازمة التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية وهجمات على دبلوماسيين أميركيين في كوبا.

وفي العام الماضي ظهرت بوادر توتر بين ترامب وتليرسون، حيث عمد الرئيس الأميركي إلى تحجيم دور وزير خارجيته رغم أنه أثنى عليه مرارا.

وأفادت تقارير بأن تيلرسون وصف ترامب في أحاديث خاصة بأنه “أحمق” في يوليو/تموز 2017 بعد أن اقترح الرئيس زيادة الترسانة النووية الأميركية بواقع عشرة أمثالها.

ورفض تيلرسون الحديث بشكل مباشر عما إذا كان أدلى بالتصريح لكن متحدثة باسم الخارجية أصدرت نفيا في وقت لاحق. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن ترامب طلب من تيلرسون التنحي يوم الجمعة لكنه لم يرد إعلان الأمر بينما كان تيلرسون في جولة بأفريقيا.

وجاء إعلان ترامب بعد ساعات قليلة فحسب من وصول تيلرسون لواشنطن بعد أن قطع جولته لأفريقيا.

وذكر المسؤول أن ترامب يعمل بانسجام مع بومبيو وهو عضو جمهوري سابق في الكونغرس من كانساس وأراده في المنصب قبل محادثات الرئيس المرتقبة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والمفاوضات التجارية.

ولم تكن لدى تيلرسون أي خبرة دبلوماسية أو سياسية قبل توليه المنصب، وبدا أنه أخذ على حين غرة عندما أعلن ترامب أنه سيجتمع مع الزعيم الكوري الشمالي.

شعور بالإحباط وخيبة أمل

وكانت تقارير اعلامية سابقة نقلت عن أصدقاء مقربين من تليرسون تأكيدهم أن الأخير يشعر بإحباط كبير وخيبة أمل من الرئيس الأميركي وأنه يفكر جديا في الاستقالة.

لكنه خرج لاحقا عن صمته ونفى أي نية للاستقالة وأنه موجود في منصبه طالما أنه يحظى بثقة الرئيس.

وترامب الذي يعرف بقراراته المفاجئة والمزاجية في أحيان كثيرة والتي أثارت انقسامات حتى داخل فريقه الحكومي وخلقت حالة من الفوضى في البيت الأبيض، أشاد بدوره مرارا بوزير خارجيته.

لكن يبدو الخلافات بين الرجلين حول الملف النووي الإيراني وملف كوريا الشمالية عجلت برحيل تليرسون.

ويعتقد محللون أن الخلافات التي لم يعلن عنها رسميا بين ترامب وتليرسون في العام الماضي، تعود بالأساس إلى تهميش الرئيس الأميركي لوزارة الخارجية قاطرة السياسة الخارجية الأميركية، ما أنتج صداما بين البيت الأبيض والخارجية.

‬وكان أليكس فاتانكا وهو باحث في معهد الشرق الأوسط قد أوضح في يوليو/تموز 2017 أن “تيلرسون هو قبطان سفينة مهمشة بدأ طاقمها يغادر شيئا فشيئا”، حيث باتت جميع الملفات المهمة بين أيدي البيت الأبيض بداية من ملف السلام في الشرق الأوسط إلى الملف النووي الإيراني إلى ملف كوريا الشمالية وصولا إلى ملف الحرب على الإرهاب ومن ضمنه الحملة العسكرية الواسعة على تنظيم الدولة الإسلامية.

وأصبح وزير الخارجية مهمشا على الساحة الدولية وفي الولايات المتحدة بينما كان هذا المنصب يعد في الادارات السابقة المحرك الأساسي للسياسات الأميركية.

أزمة قطر

ومن ضمن بوادر الخلاف التي طرأت على العلاقة بين الرجلين تباين موقفهما من أزمة قطر على اثر قرار السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات مع الدوحة لدعمها وتمويلها الإرهاب.

وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن تقود الوساطة الأميركية بقيادة تليرسون إلى حلحلة الأزمة على أساس القطع مع مسبباتها ودفع قطر للتخلي عن سياسات دعم الإرهاب، تحامل وزير الخارجية الأميركي (المقال) على دول المقاطعة وتغاضى عن مسببات الأزمة بأن وقع اتفاقية مع الدوحة لمكافحة الإرهاب وصفتها الدول الأربع بأنها غير كافية ولا تعني تخلي القيادة القطرية عن ارتباطها الوثيق بجماعات مصنفة ارهابية وعن تقاربها مع إيران المتورطة بدورها في دعم الإرهاب.

ويؤكد متابعون أن تليرسون انحرف بمبدأ الحياد ما عقد جهود حل الأزمة وربما أثار غضب ترامب الذي أبدى منذ البداية حزما في مواجهة سجل الدوحة وإيران في دعم الإرهاب.

وانضم تيلرسون إلى قائمة طويلة من كبار المسؤولين الذين إما استقالوا أو أقيلوا منذ تولى ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني 2017.

ومن بين هؤلاء الخبير الاستراتيجي ستيف بانون ومستشار الأمن القومي مايكل فلين ومدير مكتب التحقيقات الاتحادي جيمس كومي وكبير موظفي البيت الأبيض رينس بيربوس ووزير الصحة توم برايس ومديرا الاتصالات هوب هيكس وأنتوني سكاراموتشي والمستشار الاقتصادي جاري كوهن والمتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر.

سخرية روسية

وعلقت روسيا ساخرة على اقالة تيلرسون وتساءلت ما اذا كانت ستلقى على عاتقها مسؤولية هذا القرار، في إشارة إلى اتهامها بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وتساءلت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “ألم يتهم أحد بعد روسيا بالمسؤولية عن تبدل المناصب في واشنطن؟”.

وتؤكد أجهزة الاستخبارات الأميركية أن السلطات الروسية شنت عملية مدروسة للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة لصالح الرئيس دونالد ترامب خصوصا عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ونشر “أخبار كاذبة”، الأمر الذي نفته موسكو على الدوام.

وكان تيلرسون عمل قبل تسلمه الخارجية الأميركية لنحو عشرين عاما رئيسا لشركة اكسون موبيل النفطية الأميركية العملاقة وكان على اتصال دائم بمسؤولين روس وعلى رأسهم فلاديمير بوتين الذي التقاه مرارا.

ورغم تسلم تيلرسون وزارة الخارجية والكلام الكثير عن احتمال تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن، فإن العكس هو الذي حصل وتسارع التدهور بعد اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية.

ويواصل المسؤولون الروس نفي أي تدخل في هذه الانتخابات. وقال بوتين الثلاثاء لشبكة التلفزيون الأميركية ان بي سي “لماذا قررتم أن السلطات الروسية وأنا من ضمنها اعطينا الاذن بالقيام بذلك؟”

وردا على سؤال حول توجيه التهمة إلى 13 مواطنا روسيا وثلاث شركات روسية بالتدخل في العملية الانتخابية الأميركية قال بوتين “انهم روس، حسنا، لكنهم ليسوا موظفين رسميين. هناك 146 مليون روسي”.

وأضاف “نحن لا نريد التدخل ولا نرى أي هدف كان يمكن أن نحققه عبر هذا التدخل. لا يوجد أي هدف”.

رابط مختصر
2018-03-14 2018-03-14
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر