ساد التأهب قطاع غزة، أمس، مع استعداد عشرات آلاف الفلسطينيين، لتنظيم مسيرات شعبية غير مسبوقة على الحدود بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، اليوم الجمعة، أُطلق عليها اسم «مسيرة العودة الكبرى» للتأكيد على التمسك بحق العودة. جاء ذلك بينما نشر جيش الاحتلال الإسرائيلى القناصة تحسبا لاندلاع مواجهات مع الفلسطينيين.
وجرى خلال الساعات الأخيرة نصب عشرات الخيام على طول السياج الفاصل الذى أقامه الاحتلال بين القطاع والضفة، استعدادا للحشد الشعبى بدعوة من لجنة تنسيقية مشكلة من الفصائل الفلسطينية ومؤسسات حقوقية وقطاعات شعبية، كما تم إقامة سواتر ترابية قبالة تلك الخيام فى ستة مناطق رئيسية من أقصى جنوب القطاع حتى شماله وتبعد مسافة 700 متر عن السياج الفاصل.
ويطالب القائمون على الفاعليات بعودة اللاجئين إلى أراضيهم التى هُجروا منها عام 1948، وكسر الحصار الإسرائيلى المفروض على القطاع منذ منتصف عام 2007. وقال الناطق باسم اللجنة التنسيقة لمسيرة العودة عصام حماد لوكالة الأنباء الألمانية إن اختيار توقيت تنظيم المسيرة يأتى بالتزامن مع يوم الأرض الفلسطينية ولتأكيد التمسك بالحقوق الفلسطينية، مؤكدا أن المسيرة نشاط سلمى بحت تستمد قوتها من قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية.
ويأمل القائمون على الفاعلية ألا يقتصر الاعتصام على يوم واحد بل أن يكون مفتوحا، على أن تشهد الخيام سلسلة أنشطة ثقافية وجماهيرية «تبرز الهوية الفلسطينية وتؤكد تمسك المعتصمين بمطالبهم». وبحسب القائمين، ستتواصل هذه المسيرات فى 15 مايو المقبل الذى يصادف ذكرى (النكبة) الفلسطينية.
فى غضون ذلك، أعلنت فصائل فلسطينية دعمها ومشاركتها فى مسيرة العودة. حيث دعت حركة «حماس»، العالم إلى «التقاط رسالة مسيرات العودة الكبرى والعمل على الاستجابة للمطالب الفلسطينية المشروعة».
كما أكدت حركة «فتح» دعمها للمسيرات. وقال المتحدث باسم الحركة فى غزة عاطف أبو سيف، فى بيان، إن «المسيرة لتأكيد الشعب الفلسطينى على تمسكه بحقه الذى لا تنازل عنه فى العودة إلى أرضه التى هُجر منها».
ومقابل هذه التحضيرات، فرض جيش الاحتلال الإسرائيلى إغلاقا شاملا على الضفة الغربية وقطاع غزة ابتداء من مساء أمس ولمدة أسبوع فى محاولة لتطويق «مسيرات العودة». كما أعلن جيش الاحتلال تعزيز قواته فى المنطقة ونشر ما يزيد على 100 قناص على امتداد السياج الفاصل مع غزة.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعى أن قوات الجيش «ستتصدى لأى محاولة للمساس بالجدار الأمنى أو اجتيازه فى إطار المسيرة».
كما هددت إسرائيل بالعودة إلى سياسة الاغتيالات ضد قادة حركة «حماس» فى حال وقوع تصعيد مع الفلسطينيين فى غزة. وقال أدرعى: «لن نسمح أن يواصل قادة حماس الاختباء فى غزة بينما يتم إرسال النساء والأطفال إلى الجدار الحدودى»، وأضاف: «إذا لزم الأمر سنرد فى الجدار وأيضا فى عمق القطاع ضد من يقف وراء هذه المظاهرات العنيفة». بدوره، قال وزير البناء والإسكان، يؤاف جالانت: «إذا تصاعدت الأوضاع على حدود غزة فإن اغتيال قادة حماس هو خيار على الطاولة»، مضيفا: «فى وقت القتال فإن كل شىء مشروع»، بحسب موقع «والا» الإخبارى الإسرائيلى.
فى المقابل، حملت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أمس، الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو المسئولية الكاملة عن نتائج وتداعيات التهديدات العلنية بالقتل والإعدام الميدانى بحق أبناء الشعب الفلسطينى. وأكدت الوزارة، فى بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أن «هذا التفويض المفتوح بالقتل لشعبنا عامة، ولأهلنا فى قطاع غزة بشكل خاص، هو امتداد لعقلية الاحتلال الداعشية والعنصرية والفاشية، القائمة على القوة العمياء والعنف».
وفى سياق متصل، قال السفير الأمريكى فى إسرائيل، ديفيد فريدمان، إنه إذا لم يقبل الرئيس الفلسطينى محمود عباس، العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، فإنه «سيأتى من يقبل بها».
ونقلت القناة العاشرة الإسرائيلية عن فريدمان قوله: «الوقت لا يقف ساكنا، وإذا لم يكن (عباس) مهتما بالتفاوض، أنا متأكد من أن شخصا آخر سيفعل».
وتابع: «الولايات المتحدة مساعدة للشعب الفلسطينى، إذا لم تكن القيادة على نفس الطريق معنا فليكن الأمر كذلك، لكننا لن نتخلى عن الرغبة فى تحسين حياة الفلسطينيين».
بدوره، ندد الناطق الرسمى باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، بتصريحات فريدمان، قائلا إنها «تدخل سافر ومستهجن وغير مقبول فى الشأن الداخلى الفلسطينى»، مؤكدا أن «الشعب الفلسطينى لن يسمح لأية جهة خارجية أن تقرر مصيره».
وقبل أسبوع، هاجم الرئيس الفلسطينى محمود عباس، بشدة السفير الأمريكى ونعته بأنه «ابن كلب» على خلفية مواقفه الداعمة لإسرائيل خصوصا نشاطها الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية.