>> قيس العزاوي: الصوفية لعبت على مدى التاريخ الإسلامي أدوارا متعددة وكانت حاضرة في أحداثه الكبرى
>> صلاح فضل: الصوفية أصبحت قضية محورية في السنوات الأخيرة
>> عالة فؤاد: الصوفية غير قادرة على الإجابة على أسئلة الحاضر لكونها نصوص غارقة في الماضي
>> جابر عصفور: المرحلة الحالية تشهد حالة اشتباك ما بين الصوفية والسلفية
>> عصام شرف: الصوفية نشاط روحي خاص مابين الفرد وخالقه.. ومن المفترض ألا يستجيب النشاط الروحي للمسائل المادية او المصالح السياسية
بحضور وزراء وسفراء ومفكرين ناقش الصالون الثقافي العربي في جلسة عقدها في مباني الاوبرا المصرية موضوع “البديل الصوفي واسئلة المستقبل” الذي قدمته الدكتورة هالة فؤاد استاذة الفلسفة في جامعة القاهرة والباحثة المتخصصة بالصوفية.. وادار الندوة كالعادة الامين العام للصالون الثقافي السفير الدكتور قيس العزاوي الذي قال انه يفخر لكونه قد درس الصوفية في بداية سبعينات القرن الماضي في معهد الدراسات الاسلامية على يد الاستاذ الكبير الدكتور عبد الحليم محمود وهو ابرز اعلام الفكر الصوفي.
واشار العزاوي الى ان الصوفية لعبت على مدى التاريخ الاسلامي ادوارا متعددة وكانت حاضرة في احداثه الكبرى، فهل تعلمون بأن الجيش الانكشاري الذي تأسس في القرن الرابع عشر وحقق اكثر انتصارات الدولة العثمانية وفتح دول وولايات كما شكل بعض افراده الحرس الخاص للسلطان يتبارك بانتماءه الى الطريقة الصوفية البكتاشية الشيعية التي اسسها الخرساني علوي النسب الحاج بِكْتَاش وَلِيّ الذي كان يبارك الانكشاريين بهلال وسيف علي ذو الفقار ويدعو لهم بالنصر، وكان يطلق عليهم اولاد الحاج بكتاش . تصوروا ان اكبر الجيوش فعالية في التاريخ الاسلامي وهو الجيش العثماني السني يتبارك بالطريقة الصوفية الشيعية !! لقد كان البكتاشيون ينشرون الاسلام في المدن المفتوحة وهم يذكرون على عكس قول المسيحيين الاب الابن وروح القدس، يذكرون الحق اي الله محمد علي.
لقد لعب الصوفيون ومازالوا يلعبون ادوارا رئيسة في تركيا فحزب العدالة والتنمية الحاكم ومن قبله حزب الرفاه وحزب العدالة منطلقاتها صوفية نقشبندية.. ويذكر احد الكتاب الجزائريين المنتمين الى اسرة المصلح الكبير عبد الحميد بن باديس ان الرئيس بوتفليقة عندما تولى رئاسة الجزائر بعد الحرب الاهلية التي اودت بحياة 200 الف من ضحايا فتوى الذبح سأله كيف السبيل لمحاربة الفكر السلفي الارهابي المتطرف وكانت نصيحته ان يطلق يد الطرق الصوفية في كل ارجاء الجزائر لكي يحاولوا اعادة بناء الاخلاق التي دمرتها السياسة الاخوانية.
تناولت الدكتورة هالة فؤاد النصوص الصوفية والسرديات الكبرى منذ نشأتها مشيرة الى الغزالي والسهروردي ومحيي الدين بن عربي وكتابه الانسان الكامل ونصوص ابو حيان التوحيدي والادب الصوفي لدى نجيب محفوظ وتطرقت الى تأثيرات الفكر الصوفي في بلدان التجاور مشيرة الى القديسة تريزا.
وفي اجابتها عن السؤال المركزي الذي طرحته محاضرتها قالت ان هذه النصوص غير قادرة على ان تصبح بديلا او تشكل منهجاً جديداً لمواجهة التطرف لعجزها على احلالها محل البدائل المطروحة فهي لم تكن قادرة على الاجابة على اسئلة الحاضر لكونها نصوص غارقة في الماضي. والصوفية بكل طرقها عبارة عن مريدين وتابعين وهي ليست نشاطا اجتماعيا جمعيا له اهداف ومصالح حياتية او مرامي سياسية كبقية الفرق الاسلامية التي تنشط سياسياً من اجل السلطة. لقد كانت الصوفية وربما ستبقى نشاطا فرديا لشيخ طريقة ويقف من حوله مئات وربما الاف التابعين المريدين.
علق الموسيقار العراقي نصير شمة على ما رمت له ورقة المحاضرة بان رحلة التصوف اكثر بكثير من كونها نشاط محكوم بقيم محددة انها تنظيم روحي وتدريب قاس يستغرق في بعض الاحيان العمر كله، فالصوفية حالة روحية سامية ولكنها صعبة للغاية فقد يضحي الفرد بكل ما لديه لكي يسكن هذه الحالة. لقد حاولت وما زلت احاول تقديم شكل من اشكال العزف الصوفي او الموسيقى الصوفية.
ومن ناحيته ذكر الدكتور صلاح فضل ان الصوفية اصبحت قضية محورية في السنوات الاخيرة فهي اولا نشاط فلسفي لدى المفكرين وهي ثانيا نشاط ادبي فني عبر عنه الشعراء الذي استعانوا بالصطلحات الصوفية وهي ثالثا التنظيمات الشعبية التي تطرح الطرق الصوفية كبديل على المستوى السياسي وعنصر مضاد للفكر السلفي المتطرف.
اما وزير الثقافة المصري الاسبق الدكتور جابر عصفور فقد وجد ان المرحلة الحالية تشهد حالة اشتباك ما بين الصوفية والسلفية وان الصوفية وان واجهت السلفية ولكنها لن تكون بديلا لها لان الصوفيين مثل جماعة الاخوان المسلمين في منهجهم الفكري القائم على السمع والطاعة فالصوفي مثل الاخواني لا يستطيع ان يعارض شيخه ونحن في العالم العربي نرمي الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تقدس فيها الحريات وتصون الحقوق.
وكان رأي الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المصري الاسبق ان الصوفية نشاط روحي خاص مابين الفرد وخالقه وربما يستعان بوسيط هو المريد ولكن هذا النشاط الروحي من المفترض ان لا يستجيب للمسائل المادية او المصالح السياسية.. والجدير بالذكر ان الصالون الثقافي استنادا الى ما ذكره أمينه العزاوي سيخصص ندوة خاصة عن فكر واعمال وسياسات الدكتور عصام شرف.
وقد ساهم في المناقشات كل من الفنان جلال الشرقاوي والدكتور كمال مغيث وخبير الامم المتحدة الاستاذ محمد الخولي ومؤسس حركة كفاية جورج اسحق والمفكر العراقي طارق الاعسم والمؤرخ ياسر شحاتة استاذ التاريخ في جامعةالقاهرة الدكتور محمد عفيفي وعدد من الصحفيين والاعلاميين.