الشارقة.. أيام من تراث

آخر تحديث : الجمعة 13 أبريل 2018 - 4:35 مساءً
بقلم: حاتم عبد القادر
بقلم: حاتم عبد القادر

لم تكن “أيام الشارقة التراثية” والتي انطلقت فعاليات دورتها السادسة عشرة، الأحد الماضي، مجرد أيام اعتاد معهد الشارقة للتراث تنظيمها سنويا لمجرد أنه ضمن أنشطته السنوية، وإن كان هو الحدث الأبرز والأهم له، ولكني وجدت أن “الإمارة المثقفة” تعيش أياما مرسومة بالبهجة، متطلعة بشوق وحنين إلى عبق الماضي وتاريخ يحمل إرثا هائلا من حياة أمتها وحياة الشعوب كافة، إن لم يجد من يحافظ عليه، ضاع واندثر.

ولم يكن بخلدي أن أرى حاكما يحرص أن يكون في طليعة حاضري “الأيام” كما يفعل الشيخ الدكتور سلطان القاسمي والذي يفتتح “أيام الشارقة التراثية”، منذ انطلاقتها الأولى في العام 2003، ولكن لأننا نعرف من هو سلطان القاسمي، فلا عجب في ذلك؛ لأنه رجل سكن العلم قلبه وعقله قبل أن يسكنهما الحكم.

كان من نصيب إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية أن وهبها الله حاكما عكف على أن يجعل من إمارته العاصمة الثقافية لكل العرب.

لقد أخذ الشيخ سلطان القاسمي على عاتقه أن يجعل السمة الرئيسية لإمارته هي الثقافة، فالمتطلع على أنشطة الشارقة على مدار العام سيجد أن الثقافة تقع على رأس أحداثها.. فقد استطاع “القاسمي” أن يجعل من الثقافة زادا للعقل ورافدا جاذبا للسياحة وداعما لاقتصاد إمارته.. فليست مشروعات الصناعة والمصارف والعقارات هي التي تجلب المال وتضع من فوائضها في خزانة الدول.

نعم، فأنشطة الشارقة الثقافية التي يتطلع إليها روادها من كل مكان في العالم هي تعد ركيزة أساسية للدخل إذا ما انتبهت الدول وفطنت إلى استثمار تراثها وحضارتها.. فهل من مستثمر ومُسَوِق لتراثنا؟!!

إن الأجمل في “أيام الشارقة التراثية” هو حرص الأسرة الإماراتية على الخروج للذهاب إلى مقار “الأيام” المنتشرة في مختلف مناطق الشارقة للتعرف على أهم ما يميز التراث الإماراتي من ناحية، وتراث الدول العربية والأجنبية المشاركة من ناحية أخرى.

فجميل أن ترى الأب والأم مصطحبان أبناءهما في خروجة خاصة لـ”الأيام”، وكأنهما ذاهبين للتنزه، والأمر في حقيقته نزهة بالفعل، تجمع بين التثقيف والترويح، فالأماكن بها كافة المأكولات والمشروبات التراثية والحديثة، وهناك الأجنحة الخاصة بكل نشاط تراثي من الحرف والصناعات اليدوية والفنون الشعبية والعروض المسرحية والغنائية.

وفي لافتة جميلة تشارك مؤسسات إمارة الشارقة ببعض أدواتها ومعداتها التي صارت تراثا مثل دائرة شرطة الشارقة والدفاع المدني وهيئة البيئة وغيرها.

أما الأهم والذي تحرص عليه “الأيام” هو تسجيل التراث من ذاكرة “الراوي”، فقد شاهدت فتيات نشيطات يسجلن الأحاديث مع أجيال الأجداد سواء كانوا أصحاب حرفة أم شهود على حقبة الماضي؛ ليسجلن ما تحتويه ذاكرتهم من تاريخ وتراث تحتاجه الأجيال القادمة.. تصورت أن الفتاة صحفية وتجري حوار صحفي مع هذا الرجل الحرفي، إلا أن الفتاة أفادتني بأنها تعمل في معهد الشارقة للتراث، وتقوم بالتسجيل هي وزميلاتها مع هؤلاء الكبار ويفرغون هذه الأحاديث ويحفظونها في قسم المعلومات للتوثيق وللباحثين الأكاديميين في مجال التراث.

إن الأيام كما أنها حاضر ومستقبل، فهي في الأساس ماضٍ لكل الناس والأمم، ومن لا ماضٍ له فلن تجد له حاضرا أو مستقبل.

رابط مختصر
2018-04-13 2018-04-13
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر