“التراثية”، ليست مجرد نشرة إخبارية تصدر كل يومين لرصد أنشطة وفعاليات “أيام الشارقة التراثية” في دورتها السادسة عشرة، والتي انطلقت هذا العام في الفترة من 8 إلى 21 أبريل تحت شعار “بالتراث نسمو”، وإنما تعد عملا توثيقيا، إذ رصدت بمنهجية ثابتة أعمال الدورة الـ(16) لأيام الشارقة التراثية والتي التئمت فعالياتها مساء اليوم، ما يمكننا ان نطلق عليها “النشرة الوثيقة”؛ لما فيها من معلومات ودلالات قيمة للجيال المحبة للتراث.
فقد حرص القائمون على أمر النشرة التوثيقية على متابعة الأيام وتقديم كل صغيرة وكبيرة وردت خلال أسبوعين هي عمر الأيام هذا العام. ولعل ما يؤكد أن “التراثية” جاءت كعمل توثيقي أن أعدادا وردت في 20 صفحة، وأخرى وردت في 16 صفحة، ما يؤكد أن العمل كان على أساس الكيف لا الكم، بالرغم من المهارات المهنية التي تؤهل لتثبيت صفحات النشرة أو زيادة صفحاتها دون داع.
و”التراثية” التي ظهرت في شكل أنيق من حيث الطباعة الفاخرة وكامل صفحاتها بالألوان، حرص الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، على كتابة الافتتاحية، فكان مقال الافتتاحية على الرغم من إيجازه إلا أنه كان يغوص في عمق المقصد، كما كشفت مقالات “المسلم” عن سلاسة قلمه وفصاحة لسانه ودقة بيانه، وهي مهارات الكاتب التي تهب لكتاباته عشق قراءه، فكانت افتتاحيات “المسلم”، العنصر الجاذب والمشوق للتعرف على “أيام الشارقة التراثية”.
كما كان هناك مقالين ثابتين لكل من مريم إسحاق المازمي، رئيس قسم المطبوعات والنشر والدكتور منّي بونعامة مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث، يتناولان فيهما مظاهر “الأيام” مرحبين بالرواد، موضحين أهم ما تتميز به أنشطة هذا العام، كما كانت في المقالات موضوعات لتأصيل مفهوم ومعنى “التراث” وما ضرورة إرثه للأجيال القادمة.
وإذا انتقلنا إلى التغطية الخاصة بالأيام داخل النشرة من التقارير والأخبار التي قدمت وجبة دسمة في المعنى، خفيفة في هضمه، إنما نرى أنفسنا أمام عمل صحفي باحتراف ضم مجموعة نوعية من فنون العمل الصحفي المتميز.
وفي “التراثية” لعبت الصورة عنصرا في غاية الأهمية، حيث أظهرت الوجه الكامل للأيام طوال انعقادها، فكانت كل صورة موضوع في حد ذاته و لايحتاج إلى شرح أو تحليل، فيكفي الإشارة إلى الدولة صاحبة الصورة التي تترجم على الفور ما يقدمه أصحاب الصورة من فنون تراثية تعبر عن ثقافة وتاريخ دولتهم.
إن أجمل ما في “أيام الشارقة التراثية” أنها رسالة لكل الشعوب وكل الحكومات بأن الأمم لا تحيا ولا يقدر لها واقع أو مستقبل إذا لم يكن لديها تراث يتحدث عن ماضٍ عريق.
وأجمل ما في ختام “الأيام” أنه حمل لقاءات الود والتعارف بين مختلف الجنسيات على أن يواصلوا العلاقات بينهم وأن يقتبسوا من “أيام الشارقة التراثية” أفكارا لمشروعات ثقافية في أوطانهم.
إن “الأيام” قد تكون انتهت في مدتها الزمنية، ولكن بقيت آثارها في نفوس محبي التراث وعشاقه.
وفي نهاية “الأيام” ليس أمام كل زائر إلا أن يرسل تحية تقدير لكل القائمين على هذا العمل الذي يعد، عملا فريدا، تتميز به إمارة الشارقة عن غيرها في الوطن العربي، وما كانت هذه الميزة إلا بوجود حاكم كالشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، المولع بحب العلم والدين والثقافة، الأمر الذي جعل الثقافة عنوان إمارته، فارتفعت سموا؛ حتى تُحقق معنى “بالتراث نسمو”، والذي اتخذ شعارا لـ”أيام الشارقة التراثية” هذا العام.