أنشئ أول جيش نظامي في العالم في مصر حوالي سنة 3400 ق.م. بعد توحيد الملك مينا لمصر وجلوسه على عرشها. وأصبح أقوى جيش في العالم وبفضله أنشأ المصريون أول إمبراطورية في العالم الممتدة من تركيا شمالاً إلى الصومال جنوباً ومن العراق شرقاً إلى ليبيا غرباً، وقد كان ذلك هو العصر الذهبي للجيش المصري. وقدمت العسكرية المصرية القديمة العديد من القادة العظام، وكان نقطة قوة الجيش المصري أن قوامه الرئيسي كان من المصريين وليس المرتزقة الأجانب، وذلك من خلال نظام الخدمة الإلزامية والاستدعاء للخدمة أثناء الحرب. وكان الجيش يتكون من المشاة والعربات التي تجرها الخيول الرماحين وجنود الحراب والفروع الأخرى والأسطول الذي كان يحمى سواحل مصر البحرية كلها إضافة إلى نهر النيل.
في عهد سيزوستريس الثالث حوالي عام 1871 ق.م. استطاع الجيش المصري هزيمة قبائل الكوش وزنوج شرق النيل التي أغارت على مصر. وفي عام 1675 ق.م. غزا مصر قوم من آسيا واستوطنوا فيها عرفوا بالهكسوس، وظلوا محتلين للبلاد حتي استطاع أحمس الأول طردهم منها. وقضى عليهم نهائياً وأباد امبراطوريتهم تحتمس الثالث اكمل ، خلال تسعة عشر سنة ،بسبعة عشر حملة أشهرها معركة مجدو التي هزم فيها الآسيويين هزيمة منكرة قرابة عام 1479 ق.م، وفي عهده بلغ الجيش المصري من القوة بحيث أرسلت له الممالك المجاورة مثل الحيثيين وقبرص وأمراء بلاد النهرين الهدايا والرسل الخاصة لطلب رضاءه. وفي عهد رمسيس الثاني حارب الجيش المصري الحيثيين ببسالة وشدة، أرغمت متلا مَلِك الحيثيين على طلب الصلح، فوافق رمسيس الثاني، وعاد إلى مصر منتصرا،، إلا أنه ثابر خمسة عشر سنة على حروب آسيا، ثم توفي متلا ملك الحيثيين في معركة حربية، فتبوأ أخوه خيتاسار المُلْك وعقد مع رمسيس الثاني أول معاهدة سلام في التاريخ. ——— استرجع ذلك من التاريخ المصري القديم العظيم ،والتأكيد علي ان قواتنا المسلحة عبر التاريخ هي قوات وطنية مخلصة وتأكد علي ان ولائها لمصر قبل اي شئ وقبل اي فرد ، والعقيدة المصرية الراسخة من فجر التاريخ ان يكون قوامها الجندي المصري النقي الجنسية ،والذي لا يتبع أي حزب او أيديولوجية سياسية او مذهبية ، ورأينا صحة هذا المبدأ حاليا وايضا أثبتته تجارب التاريخ.
فجيش يحتوي علي أفراد يتبعون مذاهب مختلفة او جماعات سياسية مختلفة من السهل جدا وقت الأزمات والثورات والفوضى ان ينقسمون علي بعض ويحاربوا بعض وطبعا الخاسر هو البلد ،كما شاهدنا في العديد من البلدان حولنا .
ان ما يحدث لجيش مصر الآن من تطوير في العتاد الحديث المتقدم ،وتنويع مصادر الأسلحة خاصة في هذا التوقيت من عمر البشرية ،والذي اختلطت فيه الكثير من الاوراق وتتبدل فيه الكثير من التحالفات ويظهر بوضوح علي المسرح الدولي من جديد صراع الهيمنة والسيطرة من القوي العظمي علي دول العالم وخاصة الغنية منها بالمصادر الطبيعية وذات المواقع الجغرافية المهمة.
ونجد أن منطقتنا العربية في قلب الشرق الأوسط والعالم هدف دائم للقوي العالمية علي مر الزمن ،وان زادت أهمية بعض الدول العربية في العقود الأخيرة لوجود مخزون هائل من البترول والغاز بها والذي يمثل عنصرا حيويا للطاقة والذي تحتاجه هذه القوي لاستمرار مسيرتها الاقتصادية والعسكرية للاستمرار اطول فترة ممكنه في الهيمنة علي العالم سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
من هنا تبرز سياسة الرئيس السيسي في دابة المستمر علي تسليح جيشنا باعلي المستويات القتالية للجهوزية الدائمة للتطورات السياسية العالمية حتي لا يكون مصيرنا مثل بعض الدول الشقيقة التي انزلقت مرغمة المصير الدول الفاشلة كما تصنفها العلوم السياسية .
أحدث اقرنائ الإيطاليين عندما نتحدث عن الوضع السياسي العالمي ومصر والربيع العربي ،اقول لهم ان مصر تعدادها حوالي المائة مليون ،ولو كانت مصر دخلت في نفس مستنقع اقرانها من دول الربيع العربي لاستقبلت أوروبا الملايين منهم كمهاجريين ولاجئين لديهم هربا من جحيم الحرب الأهلية المفترضة والتي كان مخطط لها ،وليس من قبيل الأحاديث الصحفية المرسلة ،بل أكد علية واثبته الكثير من الساسة العالميين ،والذي ياكدون فيه علي استهداف المنطقة بالعديد من الحروب الداخلية والحدودية المتشعبة لانهاك هذه الدول لمصلحة التبعية والهيمنة علي مقدراتها وثرواتها.
ولا يغيب عنا نظرية كونداليسا رايس مسؤلة الأمن القومي الأمريكي في ولايتي بوش الابن والتي نشرتها وتحدثت بها وتناولها الإعلام والسياسين والمحللين ،والتي سميت بنظرية الشرق الأوسط الجديد او نظرية الفوضي الخلافة
وفيها يتم إشعال الحروب الداخلية الصغيرة داخل دول المنطقة لتسهيل تقسيم كل دولة لدويلات صغيرة تجمعها روابط دينية او عرقية أو مذهبية ،مسلمة ،مسيحية ،شيعية ،علوية ،كردية … وطبعا اليهودية …
الأهداف متعددة وكلها مكاسب
طبعا الولايات المتحدة لمزيد من السيطرة علي الذهب الأسود وفرض الهيمنة علي السياسات العامة لهذة الدول ، وطبعا إسرائيل في الخلفية وفي المقدمة للاستفادة القصوي بأضعاف اكبر عدد من أعدائها وان كانت تمد يد السلام أمام العالم وخاصة الدول العربية المؤثرة ،وطبعا سيكون من المنطقي مستقبلا تقبل الدولة اليهودية علي أساس ديني في المنطقة علي غرار ما سيحدث الدول المجاورة ،والذي لو حدث في يوم من الأيام ستكون نتائجة كارثية علي كل العالم .
وكانت الأدوات والسيناريوهات لتنفيذ النظرية السابقة بأكثر من طريقة وأسلوب ومنهج وكلها للتقاطع لتنفيذ وتحقيق النظرية ويستمر تنفيذها حتي الآن بتعاقب الإدارات والرؤساء الأمريكان مع وجود مساحة لكل ادارة او رئيس لتنفيذ الهدف او جزء منه علي حسب التغيرات والأحداث الدولية .
فبدانا بالحرب علي أفغانستان كهدف بعيد لايمس المنطقة العربية مباشرة وايضا لانه كان مسرح مهم وجاهز لتكملة سيناريو بداية لصق صفة الإرهاب بالإسلام والمسلمين لتكون الحجه الجاهزة والمناهج للعالم بشن حروب هنا وهناك والتدخل بالقوة الغاشمة الامريكية ومعها الدولية لتنفيذ أهداف غير معلنة ،فقط استخدام الدين ستار لتنفيذ هذه الأهداف ، فتم تحويل المجاهدين في أفغانستان والذين قاموا بالنيابة عن أميركا في هزيمة الروس ايام الحرب الباردة وكانوا سببا في اعتلاء امريكا لقمة العالم وأصبحت القطب الأوحد عالميا بعد انحسار الاتحاد السوفيتي وتفكك لاحقا.
نعم المجاهدين الأفغان الذين أصبحوا فيما بعد القاعدة ،هم من حاربوا الروس علي مدار 10 أعوام بالنيابة ،وسمعت لهم هوليود الأفلام لتمجيدهم .نذكر رامبو.
بعد خروج الاتحاد السوفيتي مهزوما في أفغانستان في فبراير 1989 حدث وفي نفس العام في نوفمبر سقوط سور برلين رمز الشيوعية وبداية انهيار الاتحاد السوفيتي وانهيار الأيديولوجية الاشتراكية الشيوعية وانفراد الرأسمالية الديموقراطية الامريكية بالعالم ، تدمير برج التجارة العالميين والذي ألصق بالقاعدة وكان الذريعة لبداية سلسلة الحروب علي العالم الإسلامي والعربي وتغذية الإرهاب وتدريبة لتنفيذ مهام بالوكالة مع ترسيخ وتأكيد فكرة الإرهاب الإسلامي بل وتغذيته بين الجماعات الإسلامية المتطرفة وامدادها بالمال والسلاح والمعلومات.
ثم الحرب علي العراق بحجة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والتي بكي بوش وبلير بعد خروجهم من السلطة بخطأ هذه الحرب وان لم يثبت امتلاك العراق هذه الأسلحة واعتذارهم لما سببوه فقط في تدمير العراق وقلت وتشريد الملايين.
واستمر المسلسل مع ثورات الربيع العربي الحقيقية علي الظلم والتخلف باستغلالها وتحويل مسارها لصالح أهداف التقسيم والهيمنة، ومازالت السيناريوهات مستمرة ومازال المصريون المخلصون متاهبون مستعدون لما يحاك لها وحولها ، وانا ان نشعر بالفخر والاطمئنان ان هناك من يسهر علينا ويدعم مسيرة القادة العظام في تاريخ مصر ،وقد يبدأ البعض يعي الآن لماذا هذا الإصرار المصري علي التسلح النوعي والكيفي لنصبح من العشرة جيوش الكبري في العالم والأولي في منطقتنا.
ليس وجودنا ضمن عدد مميز من الجيوش هو الهدف ،إنما الهدف حماية هذا الشعب وهذا البلد صانع التاريخ والحضارة فعلا وليس كلاما. تحيا مصر.. تحيا بلادي.