انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي. الأمر الذي أصاب حكم النظام الإيراني بتوتر وصدمة يرافقهما الهلع والجزع. وفي هذا الشأن بدأ وزير الخارجية للنظام جواد ظريف يوم 12أيار/ مايو 2018 جولة مكوكية للصين وثم روسيا وبروكسل معلنا أنها تهدف إلى «أخذ الضمانات».
وفي غضون ذلك كتبت صحيفة شرق الحكومية بتأريخ 13أيار/ مايو تقول: «لا ننسى أنه وفي الجبهة الخارجية يقدر الصف الأوروبي المتحد وروسيا والصين على إحباط شوكة ترامب ونتنياهو».
ولكن سؤالا يطرح نفسه وهو ما «الضمان» وما أعلن عنه النظام بمثابة هدفه جراء مساعيه الدبلوماسية في هذه المرحلة حقيقة؟
وفي الحقيقة هناك تناقض في الكلام. وواقع المشهد الدبلوماسي هو أن الأطراف الأوروبية طرحت 3شروط أمام النظام فضلا عن إصلاح نواقص الاتفاق النووي بل هم الذين طلبوا «الضمان» من النظام في هذا الشأن.
والشروط هي التنازل عن البرنامج الصاروخي والحد من التدخلات المزعزعة للأمن والاستقرار وإثارة الأزمات وفي بلدان المنطقة من خلال دعم المجموعات الإرهابية وقضية حقوق الإنسان كذلك.
وفي هذا الشأن قال الحرسي جعفري قائد قوات الحرس: «أعلنت المستشارة الألمانية مركيل ينبغي عدم التوقع من مواجهة الولايات المتحدة من قبل أوروبا، وأعلن الأوروبيون مرارا وتكرارا أنهم لا يقدرون على الوقوف في وجه العقوبات الأميركية. وبأية حالة من الأحوال، تتاح فرصة لأوروبا ولكن يجب عليها أن تضمن وأنا أستبعد ذلك …».
وكتبت صحيفة جوان المحسوبة على قوات التعبئة (الباسيج) التابعة لقوات الحرس تقول: أثبتت القضية النووية بوضوح أن معارضة الغرب لنا سوف تعتمد على إستراتيجية «فتح الخنادق» وأية حالة من التواضع أي التنازل سوف تجعلهم يقتربون خطوة من إزالة هويتنا… وإبداء العجز والرضوخ يعني الانتحار خوفا من الموت أو الهروب إلى تحت السقف خوفا من المطر.
وبإلقاء نظرة عابرة على المشهد الإيراني الراهن يتبين بسهولة أنه كما لا يمكن أن يكون التذرع بأوروبا مفرا للنظام حتى يخرج من المأزق الراهن، لا يجدي خوض المفاوضة مع هذا النظام حول قضايا كالبرنامج الصاروخي وإثارة الأزمات الإقليمية وحتى أخذ امتيازات من النظام في هذه المجالات لأوروبا والولايات المتحدة والمجتمع الدولي نفعا ليزيل ذلك الخطر النووي وإرهاب النظام.
وأكدت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية في هذا الشأن بكل صراحة: «أن الخلاص من الخطر النووي والإرهاب الناجمين عن النظام الإيراني مرهون بالخلاص من النظام برمته. نظام ولاية الفقيه لا وجود له دون الإرهاب والقمع وأسلحة الدمار الشامل.
وأن أي رهان على هذا النظام في المستقبل سيكون عقيما ومحكوما عليه بالفشل كما كان سابقا، ومثلما قالت المقاومة الإيرانية دوما، فإنه بمثابة الوقوف بجانب الملالي مصاصي الدماء وتعزيز الآمرين والمنفذين لقتل خيرة أبناء الشعب الإيراني وتشجيع نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين على إثارة الحروب وتصدير التطرف والإرهاب». ويبين هذا الكلام حقيقة مؤلمة ومجربة في المنطقة والعالم طيلة السنوات وذلك يوما بعد آخر.
ومنذ تطبيق الاتفاق النووي وخلال هذه السنوات، تزايد تصدير الإرهاب وتمويل الجماعات الإرهابية من قبل النظام في المنطقة بشكل متزايد. وعلى سبيل المثال تمويل وتعزيز الإرهاب والجماعات الإرهابية لحزبالله اللبناني وتمرير الحرب في سوريا وتعزيز الحشد الشعبي في العراق وتمويل الحوثيين في اليمن و… لأن المبالغ الناجمة عن الاتفاق النووي والتي كانت تصب في جيوب النظام وكبار المسؤولين في الحكومة كانت تصرف جملة وتفصيلا من أجل إثارة الحروب في الشرق الأوسط.
ومن جانب آخر وفي داخل إيران تتسبب هذه السياسة المدمرة القائمة على سلب ثروات المواطنين في ارتفاع سعر الدولار والتضخم المتزايد وانكماش العملة والضغط على العمال والشرائح الكادحة في المجتمع وتعليق اقتصاد البلاد جراء الاستيراد غير المنتظم للسلع وعدم دورة النظام المالي والمصرفي في البلاد. مما أدى إلى إفراغ موائد المواطنين وفي نهاية المطاف انتهى إلى شق طرقهم لتنظيم الاحتجاجات على هذا الاضطهاد والظلم في إطار العصيان الاجتماعي في الشوارع.
وأعلنت الجماهير الغفيرة التي أوصلت «الصرخة الإيرانية» في الأيام الأخيرة لعام 2017 في الشوارع إلى مسامع العالم أن أبناء الشعب لا يرضون إلا بإسقاط هذا النظام الفاسد والنهاب. وكان المواطنون يهتفون بـ«أيها الإصلاحي أيها الأصولي انتهت لعبتكما» وهكذا أكدوا على عدم شرعية هذا النظام برمته.
ومنذ ذلك التأريخ ترفرف راية «الحرية» فوق إيران وكما عزم الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية العزم، أنهم يحملون هذه الراية على أكتافهم في كل شارع وفي كل مدينة حتى النصر المؤزر.
*كاتبة ايرانية