دروس من بوتسوانا يمكن الاستفادة منها

آخر تحديث : الإثنين 21 مايو 2018 - 10:51 صباحًا
بقلم: عبد الحكيم نجم الدين
بقلم: عبد الحكيم نجم الدين

تعتبر بوتسوانا إحدى قصص النجاح الأفريقية حتى وإن كانت من الدول التي غالبا ما يتم تجاهلها أو يُهتم بما أحرزتها من التقدم – سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ومن الخطإ أن يجعل البعض تقارير النزاعات والصراعات الجارية في دول أفريقية محددة معيار الحكم على جميع دول القارة البالغة 54 دولة.

وفيما يلي دروس من بوتسونا يمكن للدول الأخرى تعلّمها والاستفادة منها:

1- إشراك الشباب في المناصب الإدارية العليا:

في الشهر الماضي, عيّن الرئيس البوتسواني الجديد موكجاليسي ماسيسي, شابّة تبلغ من العمر 30 عاما – وهي بوغولو جوي كينويندو – كوزيرة الاستثمار والتجارة والصناعة في البلاد. وبغض النظر عن أهمية الحقيبة والمهام الوزارية الموكلة إليها, فإن ما يدهش الكثيرون هو سنها.. لندرة تعيين من هم في سنها لمثل هذه المناصب في قارة تحكمها العُجُز وكبار السن الذين لا يريدون منح الشباب فرصة المشاركة في إدارة البلاد.

فالرئيس الحالي في بوتسوانا تسلم زمام الأمور في أبريل 2018 وعمره 55 عاما, بينما تنحى الرئيس السابق عن الحكم وعمره 65 عاما.. وهذا يختلف كثيرا عن دول إفريقية يستعدّ رؤساؤها لفترة ولايات جديدة وأعمارهم تتراوح بين 74 و 90 عاما.

2- الحكامة الرشيدة والقيادة المسؤولة:

لم تكن القيادة المسؤولة التي تتمتع بها بوتسوانا وليدة اليوم, إذ هي عملية ممتدة من فترة الرئيس المؤسس لبوتسوانا، سيرتسي خاما، مرورا إلى عهد الرئيس الأسبق فيستوس موغاي, ثم الرئيس السابق إيان خاما الذي وفّى بعهده – وهو أنه سيتنازل عن المنصب الرئاسي بعد انتهاء فترته. وبالفعل تنازل بدون أي تنديد أو تدخل عسكري أو أجنبي, وأدى خليفته, موكغاليسي ماسيسي اليمين الدستورية بدون ضجة إعلامية.

فلا غرابة إذا أن كانت البلاد دائما ما تُصنف في الدرجات العليا من حيث الحكامة الرشيدة والإدارة الفعالة. ففي حين صنفتها مؤسسة “مو إبراهيم” ضمن أفضل دول أفريقية من حيث الحكامة. فإن مؤسسات استثمارية دولية أخرى تضعها جنبا إلى جنب مع بولندا, وتارة توضع فوق هنغاريا وتركيا.

3- الشفافية والقضاء على الفساد:

لا تزال بوتسوانا تتربع على عرش إحدى الدول الأفريقية الأكثر نجاحاً في تنفيذ مختلف تدابير مكافحة الفساد والشفافية في الأعمال والنفقات. وقد أكدت باستمرار نتائج الدراسات الاستقصائية التي أجراها البنك الدولي ومنظمة الشفافية الدولية والمنتدى الاقتصادي العالمي أن سجل بوتسوانا معتدل في مكافحة الفساد – لتكون ضمن أقل الدول فسادا في القارة.

4- تنويع الاقتصاد وتفادي لعنة الموارد:

إذا كان البعض يرون بوتسوانا منذ عقود منبراً لـ”الديمقراطية الأفريقية”, فإنها أيضا منارة للإدارة الاقتصادية السليمة في القارة بفضل الماس. وقد اكتُشف أول ماس في بوتسوانا عام 1967 ، أي بعد عام من حصولها على الاستقلال من المملكة المتحدة. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 15.1 مليار دولار من 1.2 مليار دولار على مدى العقدين الماضيين مع توسع قطاع الصناعة. ويبلغ دخل الفرد 7123 دولار في في هذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 2.2 مليون نسمة، لتكون في المرتبة الخامسة أفريقيًّا، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي.

ورغم الأرباح والمكاسب من الماس، فقد اعتمد اقتصاد بوتسوانا على قطاعات أخرى, وخصوصا وأن البلاد تنتج أيضا النيكل والنحاس والفحم والحديد الخام. وسجل برنامج حكومي للحد من اعتماد البلاد على التعدين دخول أكثر من 1000 شركة جديدة وإنشاء حوالي 28،000 وظيفة منذ عام 2010. وشكّل التعدين 23 في المائة من اقتصاد البلاد في عام 2014، أي أقلّ من 34 في المائة لعام 2000، و 39 في المائة كانت من عائدات الضرائب – وفق بيانات رسمية.

5- تركيز الاستثمار في المشاريع التنموية الاجتماعية:

في 12 أكتوبر 2015، أعلن الرئيس السابق إيان خاما عن خطط للاستفادة من احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي والتي تبلغ 8.3 مليار دولار, لتسريع تقديم الخدمات إلى 37،000 قطعة أرض وبناء منازل جديدة وفصول دراسية وطرق. وقد انتهج العديد من منتجي السلع الأساسية الآخرين استراتيجية مماثلة لتحفيز النمو – بما فيهم النرويج. وعلى عكس العديد من قريناتها الأفريقية اللائي أهدرن ثرواتهن المعدنية ، فقد أنفقت بوتسوانا الأموال على التعليم وعقاقير الإيدز والبني التحتية.

فإذا نجحت بوتسوانا رغم أنها لم تكن في السابق جنة – وذلك بعد التمسك الصارم بحكم القانون وغياب الفساد والاهتمام بالمشاريع التنموية والحكم الرشيد, فإن بإمكان بقية القارة التعلم من تجربتها والاستفادة من نجاحاتها.

رابط مختصر
2018-05-21 2018-05-21
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر