قال المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، إن تدفق عشرات الآلاف من المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى سوريا والعراق، كان ظاهرة غير مسبوقة على الصعيد العالمي، سواء بأعداد هؤلاء أو أعداد الدول التي خرجوا منها باتجاه سوريا والعراق.
وشدد الجعفري، في بيان بالجلسة المخصصة لبحث قضية مكافحة الخطر المتغير الأشكال الذي يمثله المقاتلون الإرهابيون الأجانب، على أن أي جهد دولي جماعي للتصدي لظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب ولمخاطر عودتهم إلى دول الموطن والإقامة أو إلى دولة ثالثة، يجب أن يستند أولا إلى الاعتراف بأن نشوء هذه الظاهرة الخطيرة وتمددها كان نتيجة تقصير المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته منذ البداية.
وأشار الجعفري إلى التقارير الأممية التي أثبتت أن عشرات الآلاف من المقاتلين الإرهابيين الأجانب قد تدفقوا إلى سورية والعراق من 101 دولة من الدول الأعضاء، حيث بلغت أعداد المقاتلين الإرهابيين الأجانب ممن يحملون الجنسيات الأوروبية فقط، والذين قاتلوا في سورية، أكثر من 12 ألف إرهابي وجلهم من بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وإسبانيا.
وأضاف الجعفري، أنه لو فعلت حكومات الدول الأعضاء، أنظمة الإنذار المبكر وتبادل المعلومات في مجال رصد هؤلاء المتطرفين، لما كنا نجلس اليوم في هذه القاعة نعالج ما بات يعرف بـ”خطر عودة هؤلاء المقاتلين الإرهابيين الأجانب”. ونوه إلى إن الحكومة السورية تملك معلومات واعترافات تتقاطع مع تقارير أممية سرية أو علنية تؤكد أن هناك حكومات وأجهزة استخبارات أجنبية تورطت في تسهيل عمليات اجتذاب وتجنيد وتمويل وتسليح وتدريب مقاتلين إرهابيين أجانب.
وأكد الجعفري، أن الحكومة السورية تدرك من خلال حربها الممتدة لعقود على الإرهاب، أن هناك مجتمعات محلية حاضنة أو منتجة لفكر المتطرف والنزوع نحو العنف، وتملك سياسات وخطط وطنية لمواجهة تمدد هذا الخطر والقضاء عليه، إلا أن الخبراء في مجال مكافحة الإرهاب ووفود الدول الأعضاء المشاركين في هذا المؤتمر يدركون في الوقت ذاته أن عالمنا يشهد منذ عدة أعوام، موجة من التفجيرات والعمليات الإرهابية التي يرتكبها إرهابيون أجانب عائدون من سورية ومن العراق، أو متطرفون مرتبطون فكرياً وعقائديا بتنظيمي “داعش” و”القاعدة”.
وتابع المندوب الدائم لسوريا: “كذلك هناك ذئاب منفردة تحمل ذات الفكر المتطرف والعقيدة الدموية، وهو الأمر الذي يؤكد حقيقة أن مواجهة الإرهاب والتطرف هي مهمة دولية جماعية تفترض وجود إرادة سياسية حقيقية لدى جميع حكومات العالم للقضاء على هذا التهديد، ومن هذا المنطلق، نطرح خطوات محددة للتصدي للإرهاب بشكل عام ولظاهرة “المقاتلين الإرهابيين الأجانب” بشكل خاص هي:
وأكد الجعفري أن الحكومة السورية، وكل أجهزتها المتخصصة بمكافحة الإرهاب، منفتحة على تبادل المعلومات وتقديم الخبرات اللازمة في هذا المجال، غير أن ذلك لن يتم إلا مع حكومات الدول التي تحترم سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها، وتلك التي تقيم معها علاقات سياسية ودبلوماسية تستند إلى مبادئ القانون الدولي، ولا سيما التي تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام الخيارات والأولويات والخصوصيات الوطنية.
وردا على مزاعم وإدعاءات مساعد وزير الخارجية التركي خلال الجلسة وفق البيان، أكد الجعفري أن كل عمل عسكري تركي داخل الأراضي السورية هو عدوان عسكري موصوف وأن كل قوات عسكرية تركية على الأراضي السورية هي أراض محتلة.
وأضاف أن آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب لا سيما من تم استجلابهم من آسيا الوسطى وأوروبا لم يهبطوا في سورية بالمظلات، ولم يأتوا بمركبات فضائية من كواكب أخرى، بل دخلوا من الأراضي التركية وعبر حدود مسؤولة عنها قوات الحكومة التركية وأجهزتها الأمنية.
وختم المندوب الدائم لسوريا رده على المزاعم التركية وفقا للبيان بالقول: “لو أنكم كنتم جادين في محاربة الإرهاب كما تزعمون، لما بقيت حدودكم مفتوحة عبر السنوات الماضية لهؤلاء الإرهابيين الذين تدربوا وتسلحوا في معسكرات على أراضيكم ثم دفعتم بهم بالتنسيق مع حكومات دول أخرى معروفة للقاصي والداني، إلى أراضي جارتكم سورية ليعيثوا فيها فسادا وليسفكوا دماء السوريين، إن من يستثمر في الإرهاب ضد جيرانه ليس في موقع سياسي ولا أخلاقي كي يتحدث عن مكافحة خطر الإرهاب”.
وانطلقت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك صباح اليوم الخميس 28 يونيو/حزيران 2018، أعمال المؤتمر الأممي رفيع المستوى لرؤساء أجهزة مكافحة الإرهاب في الدول الأعضاء، وذلك تحت عنوان “تعزيز التعاون الدولي من أجل مكافحة خطر الإرهاب المتغير الأشكال”.
ويتضمن المؤتمر رفيع المستوى بالإضافة للجلسة الافتتاحية، جلسات مواضيعية تتناول: “الفرص السانحة والتحديات الماثلة في مجال تعزيز التعاون الدولي عن طريق تبادل المعلومات والخبرات والموارد” و”مكافحة الخطر المتغير الأشكال الذي يمثله المقاتلون الإرهابيون الأجانب” و”تعزيز التحرك العالمي لمنع التطرف العنيف، بما في ذلك عن طريق إشراك الشباب ومنع الإرهابيين من إساءة استخدام التكنولوجيات الجديدة وشبكة الإنترنت” و”تعزيز دور الأمم المتحدة وقدراتها لدعم الدول الأعضاء في تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب”.