جدل حول «منح الجنسية بوديعة»: تطبق في عدة دول.. وغير كافية لتنشيط الاستثمار

آخر تحديث : الأربعاء 18 يوليو 2018 - 4:13 مساءً
جدل حول «منح الجنسية بوديعة»: تطبق في عدة دول.. وغير كافية لتنشيط الاستثمار

أقر مجلس النواب تعديلات قانوني الإقامة ومنح الجنسية، في جلسته العامة، الأحد، ومنح وزير الداخلية «سلطة منح الجنسية المصرية للفئة الجديدة من المقيمين بوديعة قيمتها 7 ملايين جنيه، بعد نصف المدة المنصوص عليها سابقا، 5 سنوات بدلًا من 10 سنوات، شريطة أن تؤول قيمة الوديعة للخزانة العامة للدولة».

لجأت الحكومة إلى تعديل قانوني الإقامة والجنسية، منتصف عام 2016؛ مدفوعة برغبتها في تنشيط الاستثمار وتقديرًا منها لـ«دور الأجانب في المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني، وإقامتهم في مصر لمدة لا تقل عن 5 سنوات، ما يشكل نوعًا من الوفاء والانتماء إلى الدولة المصرية».

تمرير التعديلات أثار جدلًا وردود أفعال متباينة، ما دفع الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس، إلى القول بأن «هناك منظومة قانونية لإجراءات منح الجنسية، وقانون الجنسية الحالي منقول من القانون الفرنسي وبعض القوانين الوضعية التي تجيز منح الجنسية بعد قضاء إقامة طويلة في البلاد».

وأضاف «عبدالعال»، في الجلسة العامة للبرلمان، الأحد، أن «الجنسية المصرية عزيزة علينا ولا تباع ولا تشترى، ولكن كل العالم بدأ يأخذ بهذا المنطق في منح الجنسيات مقابل وديعة، بضوابط محددة على رأسها عدم الخلل بأمن الدولة أو أن يعرض نظامها العام للخطر»، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن «كثيرًا من الدول تمنحها دون مقابل».

ويقسم القانون الأجانب من حيث الإقامة إلى 3 فئات؛ أجانب ذوو إقامة خاصة، أجانب ذوو إقامة عادية وأجانب ذوو إقامة مؤقتة، قبل أن يضيف القانون الذي أقره البرلمان فئة جديدة وهي «أجانب ذوو إقامة بوديعة».

وتضمنت التعديلات إضافة مادة جديدة برقم 4 مكرر إلى قانون الجنسية المصرية، تضمنت أنه «يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية لكل أجنبي أقام في مصر إقامة بوديعة مدة 5 سنوات متتالية على الأقل سابقة على تقديم طلب التجنس متى كان بالغًا سن الرشد».

الدكتور محمد معيط، وزير المالية، قال إن «مفيش حاجة اسمها بيع الجنسية، ولا يوجد دولة في العالم تبيع جنسيتها للمواطنين الأجانب». وأضاف، في حوار تليفزيوني، مساء الاثنين، أن «الجنسيات تُمنح فقط، والدولة من حقها أن تأخذها منهم مرة أخرى. الجنسية سيتم منحها للمستثمرين تشجيعًا وحافزًا للاستثمار في مصر، وذلك في إطار معايير عدة، أهمها حماية الأمن القومي».

وقال النائب خالد حنفي، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، إن «تعديلات القانون تطبق في العديد من دول العالم، مشيرًا إلى وجود ضوابط عديدة لمنح الجنسية، منها موافقة مجلس الوزراء، فالأمر ليس متروكًا بيد وزير الداخلية فقط».

وأضاف، في الجلسة العامة للبرلمان، الأحد، أن وضع 7 ملايين جنيه وديعة في البنك نظير الحصول على الإقامة مقابل «كبير جدًا»، وفي حالة منح الجنسية تؤول الوديعة للخزانة العامة للدولة، بما يفيد الاقتصاد بزيادة احتياطي العملة الأجنبية.

سامح صدقى، الخبير الاقتصادي، الذي تقدم بمشروع قانون تعديلات أحكام الجنسية إلى الحكومة، قال في حوار سابق لـ«المصري اليوم» إنه يحقق دخلًا لمصر قيمته 150 مليار دولار خلال 3 سنوات، مشيرًا إلى أن الحكومة «أجرت بعض التعديلات السلبية عليه».

وأضاف أن تعديلات الحكومة «قد تعوق المكاسب المتوقعة منها، بعدما رهنت منح الجنسية بمرور 5 سنوات، الأمر الذي سيؤدى لهروب الراغبين في الحصول على الجنسية إلى بلدان أوروبية أخرى تسهل إجراءاتها».

ورأى أن القانون يكفل «انتقاء الأشخاص الذين ستفخر بهم مصر، وسيغلق الباب أمام أي شخص قد يضر بالمجتمع المصري»، مشيرًا إلى أن «الدولة بمقدورها القيام بالكشف الأمني على أي شخص، ومن حقها رفض منح الجنسية لأي شخص، وأن العائق الوحيد أمام القانون هو المعارضة التي تردد شعارات دون أن تفهم بنوده».

لكن مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، يرى عكس ذلك، وكتب عبر «تويتر»، الثلاثاء، أن «مصر بلد مستهدف ومعرّض لمخاطر شديدة، والمتآمرون ليسوا قلة، وملايين الدنيا كلها لا تساوي شيئًا. تحيا مصر بأبنائها الشرفاء. مصر للمصريين، والجنسية المصرية ليست سلعة».

الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، رأى أن تعديلات قانوني الإقامة ومنح الجنسية «لن تسهم بشئ» في تنشيط الاستثمار، مؤكدًا أن «الجنسية المصرية ستكون جنسية من ليس لهم جنسية».

وتوقع، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، الثلاثاء، أن يتقدم «البدون»، الذين لا يتمتعون بأي جنسية، خاصة في دولة الكويت، للحصول على الجنسية المصرية؛ نظرًا لثرائهم الملحوظ.

في المقابل، رأى اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان، إن الجنسية المصرية تمنح الأجانب المتقدمين إليها عدة ميزات، منها مباشرة الحقوق السياسية، شريطة مرور 10 سنوات، وتولي المناصب النيابية والوزارية، فضلًا عن الحصول على فرص التعليم والصحة المجانية.

وأضاف، في الجلسة العامة للبرلمان، الأحد، أن «الأجانب الذين يحصلون على الجنسية لن يتمتعوا بحقوق سياسية إلا بعد 5 سنوات من الحصول عليها، ولن يكونوا مؤهلين للمشاركة في الانتخابات أو التعيين في هيئة نيابية إلا بعد 10 سنوات، أما الأزواج والأبناء فلن يكونوا مؤهلين للحصول على الجنسية ما لم يقيموا في مصر».

عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، يقول إن الإقامة بالوديعة تضمن الحق في شراء وتملك الأراضي، وحق التوسع في إقامة المشروعات عن طريق إتاحة الفرصة أمام المستثمرين بالمساواة مع رجال الأعمال والمستثمرين المصريين.

ويرى، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أن وديعة الـ7 ملايين جنيه «غير كافية لضمان تنشيط الاستثمار المصري»، ويفضّل أن يتم تسليم الوديعة بما يوازي قيمتها بالعملة الأجنبية، مشيرًا إلى أن هذه التجرية متبعة في عديد من الدول مثل البرتغال واليونان.

ويقترح أيضًا أن يلزم القانون الراغبين في الحصول على إقامة الوديعة بالاستثمار بقيمة المبلغ في السوق العقاري، أو أي استثمار مباشر آخر، شريطة أن يكون بالعملة الأجنبية، وقال إنه قصد الاستثمار العقاري لأنه يخلق أفقًا جديدًا لعديد من الصناعات مثل مواد البناء، فضلًا عن تشغيل البطالة.

الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، ندد بتعديلات القانون، وشدد على أنه «لن يسهم بشئ في تنشيط الاستثمار»، مستحضرًا التجربة اللبنانية في منح جنسيتها للغرض ذاته، وهي التجربة التي يقول لـ«المصري اليوم»، إنها «باءت بالفشل».

يعتبر الدكتور مصطفى النحاس أن «الاستثمار في مصر بجنسية أجنبية أقوى من الاستثمار فيها بجنسية مصرية»، مشيرًا إلى أنه «لو مستثمر من سيراليون لديه استثمارت في مصر يمكنه مقاضاة الحكومة دوليًا».

ورأى «النحاس» أن «مصر تواجه تحديات في حماية المستثمرين، ومنح الجنسية لا يعود على المتقدم إليها بأية امتيازات؛ لماذا سيتقدم المستثمر للحصول على الجنسية؟ هل لإلحاق ابنه بمدرسة مصرية؟»، وقال إن «البنك المركزي المصري، في حال نشوب منازعات بين المستثمر المتمتع بجنسية مصرية في بلده الأصلي، فإنه لن يستطيع محاصرة بنك مركزي في أي دولة أجنبية».

أنيس أكليمندوس، رئيس الغرفة التجارية الأمريكية في القاهرة سابقًا، رفض تعديلات قانون الإقامة، ورأى أنها «عديمة الجدوى من الناحية الاقتصادية»، مشددًا في الوقت ذاته على أن «الجنسية المصرية لا تباع ولا تشترى».

يقول «أكليمندوس»، لـ«المصري اليوم»، إن «منح الإقامة لن يجدي في دفع الاستثمار، الأمر في نهايته مجرد ودائع سنكون مطالبين بسدادها ولو بعد حين، وهناك دول مثل أمريكا تمنح جنسيتها للمهاجرين ولا تجد مقابل ذلك أي عائد استثماري»، وتساءل: «هل تمنح الإمارات المستثمرين الأجانب جنسيتها لأنهم يضخون المال في اقتصادها؟».

وأضاف: «أنا أرفض أن تكون الجنسية المصرية للبيع بأي ثمن. نحن مواطنون مصريون علينا واجبات وطنية، هل المستثمر الأجنبي بعد حصوله على الإقامة أو الجنسية سيخدم في الجيش المصري؟».

مقترح تعديل أحكام منح الجنسية قدمه إلى مجلس الدولة المستشار مجدي العجاتي، وزير الدولة للشؤون القانونية ومجلس النواب، منتصف 2016، وقضى بـ«منح الحق في طلب التجنس بالجنسية المصرية وفقًا للقواعد التي يصدر بها قرار من وزير الداخلية، بعد موافقة مجلس الوزراء».

وجاء في المذكرة الإيضاحية أن التعديل يأتي «انطلاقًا من السياسة التي تنتهجها الدولة في تشجيع استثمار الأموال العربية والأجنبية في المشروعات الاقتصادية، وتيسيرًا على الأجانب ذوي الارتباط الطويل والقوي بمصر، والعمل عل خلق جو من الثقة والاستقرار ليطمئن المستثمرون على أموالهم ومشروعاتهما وتحقيقًا للاستقرار العائلي لهم».

المصدر - المصري اليوم
رابط مختصر
2018-07-18 2018-07-18
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر