يستضيف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الـ27 من الشهر الجاري بمدينة إسطنبول قمة تضم كلا من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، سيبحثون خلالها الوضع في إدلب وسبل تفعيل العملية السياسية في سوريا.
وهذه المرة الأولى التي تجمع قمة الرئيسين التركي والروسي مع أقوى دولتين في الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا.
واللافت أن القمة استثنت كلا من الولايات المتحدة وإيران، مع أنهما فاعلان أساسيان في الصراع الدائر هناك. ولا يتوقع أن يتم التوصل إلى تسوية فعلية له في حال لم يتم إيجاد حل لمعضلة الوجود الإيراني في هذا البلد، وهو شرط واشنطن.
وكان أردوغان أعلن في الصيف أنه يعتزم عقد قمة رباعية في أوائل سبتمبر، لكنها لم تلتئم واجتمع مسؤولون من الدول الأربع في إسطنبول في 14 سبتمبر للتحضير لها.
وأكد الكرملين، أمس الجمعة، مشاركة الرئيس فلاديمير بوتين وقال إنه “سيتم (في هذه القمة) تبادل الآراء حول القضية السورية، بما في ذلك تحريك العملية السياسية، وخلق الظروف لعودة اللاجئين، وإعادة الإعمار”.
ومن جهتها أكدت برلين مشاركة المستشارة أنجيلا ميركل، وأوضحت المتحدثة باسم ميركل مارتينا فيتز أنه سيتم خلالها بحث “الوضع في إدلب، وستتم متابعة العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة ولا سيما بداية أعمال لجنة الدستور”.
القمة الرباعية لها أهمية استثنائية، لجهة نوعية الحضور وتوقيتها، في ظل انحسار العمليات العسكرية ما يأذن بفصل جديد للأزمة عنوانه هذه المرة سياسي
وأضح الإليزيه أن “فرنسا تعتزم بالدرجة الأولى دعم الحفاظ على وقف إطلاق النار بإدلب، وإطلاق عملية سياسية شاملة”.
وتشكل القمة أهمية استثنائية بالنظر للحضور وأيضا لتوقيتها في ظل تراجع العمليات العسكرية على الأرض بعد سيطرة النظام السوري بفضل الدعم الروسي على معظم أنحاء البلاد، وتوصلت تركيا وروسيا إلى اتفاق مهم بشأن إدلب جنب المنطقة عملية عسكرية للنظام كان يمكن لو حصلت أن تضع تركيا وأوروبا في موقف صعب جراء ما سينجر عنها من موجة نزوح غير مسبوقة، حيث تحتضن المحافظة نحو 3 ملايين نسمة فضلا عن الآلاف من المقاتلين بينهم جهاديون.
ووقعت روسيا وتركيا اتفاقا في 17 سبتمبر ينص على إقامة منطقة منزوعة السلاح حول إدلب. ولئن تم تنفيذ البند الأول من الاتفاق بتسليم الفصائل المسلحة لأسلحتها الثقيلة، بيد أن المجموعات الجهادية وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام لم تبد حتى الآن أي مؤشر على انسحابها من المنطقة العازلة، رغم مرور نحو خمسة أيام عن انتهاء المهلة المحددة. ويرى مراقبون أن موقف الهيئة الرافض للانسحاب يضع تركيا في موقف صعب بين المغامرة بشن عملية عسكرية ضدها، أو ترك الأمر للنظام السوري وحليفته روسيا، التي أبدت مرونة لجهة منح مهلة إضافية لأنقرة للتعاطي مع هذا الوضع.
ويقول محللون إن القمة المنتظرة ستشكل فرصة لبوتين من أجل إقناع فرنسا وألمانيا بتبني وجهة نظره حيال التسوية السورية، والأهم المشاركة في إعادة الإعمار في سوريا، في ضوء تهديدات أميركية بأنها وحلفائها لن يشاركوا في الأمر في حال لم تتم الاستجابة لشروطهم ومنها انسحاب القوات الإيرانية.
وكان بوتين قد صرح الخميس في منتدى “فالداي” أن الوجود الإيراني في سوريا ليس مشكلة روسيا، وأنه لحلها يجب أن يكون هناك حوار بين إيران وسوريا والولايات المتحدة وأن بلاده مستعدة للمشاركة به.
وردت الخارجية الأميركية بأنه لا بد على إيران الخروج من هناك دون أي شروط.
ومتوقع أن يطرح بوتين رعاية الحوار خلال لقائه مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الذي من المقرر أن يزور موسكو يومي 22 و23 أكتوبر الجاري. ويلفت مراقبون إلى أنه رغم عدم مشاركة واشنطن في القمة الرباعية، بيد أنها لن تكون بعيدة عنها وزيارة بولتون لموسكو قبل أيام من انعقادها خير دلالة على ذلك، ويؤكد هؤلاء بأن كل المؤشرات توحي بأنه حان الوقت لعملية سياسية جدية وأن ما يحصل من عمليات شد وجذب تندرج في سياق تحسين شروط التفاوض الجارية خلف الأبواب المغلقة.