“سوار الذهب”.. رئيس انحاز لشعبه وختم حياته بخدمة دينه

آخر تحديث : الأحد 21 أكتوبر 2018 - 11:33 صباحًا
“سوار الذهب”.. رئيس انحاز لشعبه وختم حياته بخدمة دينه

>> الفقيد ساهم في إنشاء أكثر من 200 مدرسة و2000 مسجدا في أفريقيا وشرق أوروبا

توفي صباح يوم الخميس الثامن عشر من الشهر الجاري، الرئيس السوداني الأسبق المشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب، رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية وعضو الهيئة الاستشارية بمجلة قراءات إفريقية ، عن عمر يناهز الـ 83 عاماً، بالمملكة العربية السعودية حيث كان يتلقي العلاج، بعد عملية جراحية أجريت له هناك.

وحياة سوار الذهب ستظل محفورة في كُتب التاريخ والذاكرة كونه الرئيس العربي الوحيد الذى انحاز لثورة بلاده حين كان قائدًا للجيش السوداني، وتنازل عن السلطة طواعية، للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء آنذاك الصادق المهدي. يرسم التقرير التالي مشاهد من سيرة الجنرال عبد الرحمن سوار الذهب، وأبرز محطّاته التي بدأها طالبًا في الكلية الحربية وأنهاها في مجال الدعوة الإسلامية.

النشأة والتكوين:

ولد سوار الذهب في مدينة الأبيض – الواقعة شمال كردفان وسط السودان – عام 1935، وتلقى تعليمه الابتدائي في الأبيض، ثم الثانوي في مدرسة خور طقت الثانوية، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية “الدفعة السابعة”. وحصل على الماجستير في العلوم العسكرية من جامعة مسلم العسكرية، وزمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا بالقاهرة.

التجربة العسكرية

تخرج سوار الذهب ضابطا في القوات المسلحة السودانية يوم 8 أكتوبر 1955، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة فريق أول بالقوات المسلحة السودانية ثم رتبة المشير.

وشارك في عدد من الدورات الدراسية العسكرية في بريطانيا والولايات المتحدة والأردن.

اشتهر سوار الذهب بكونه ضابطا عسكريا محترفا وعلى قدر عال من الكفاءة، لكنه عرف بتدينه الشديد دون أن يعرف له أي انتماء سياسي لأي فصيل أو جماعة سياسية أو طائفة بالسودان.

في عام 1971وأثناء انقلاب العسكري السوداني الرائد، هاشم العطا، رفض تسليم حامية مدينة الأبيض العسكرية عندما كان قائدا لها، حتى استعاد الرئيس الخامس للسودان جعفر نميري مقاليد الحكم بعد أيام قليلة.

أهلته كفاءته لشغل منصب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، ثم ما لبث أن اختير وزيرا للدفاع في عهد الرئيس جعفر النميري عام 1985.

وفي العام ذاته، عين قائدا أعلى للقوات المسلحة السودانية مع تمديد فترة عمله بالجيش لمدة سنة حسب قرار من رئيس الجمهورية.

الانحياز للشعب

خلال سنوات حُكم النميري؛ توسعت قاعدة الغضب تجاهه إثر الإعدامات السياسية ضدّ معارضيه، والظروف الاقتصادية بالغة السوء التي مرت بها البلاد، وارتفاع الديون الخارجية حتى وقعت انتفاضة شعبية سنة 1985 لإسقاط حُكمه، حسم فيها سوار الذهب مسألة نجاحها عبر تدخل الجيش لإسقاط النميري والانحياز للشعب.

تزامن وجود النميري في زيارة خارج البلاد خلال وقوع التظاهرات، قبل أن يقطع زيارته للعودة إلى بلاده حتى جاءه خبر دعم الجيش لتظاهرات بلاده؛ فما كان من نميري إلا أن عدل عن العودة واضطر إلى تغيير وجهته إلى القاهرة التي اتخذ منها منفى دائمًا له.

صنع المشير سوار الذهب استثناءً في قادة الجيوش الذين يستلمون السُلطة بعد الانتفاضات والثورات، والذين سُرعان ما يُسيطرون على كُرسي الحُكم ويرفضون الرحيل، وقدّم درسًا فريدًا في الديمقراطيّة حين قاد البلاد لعامٍ واحد رئيسًا للحكومة الانتقالية بعد الإطاحة بالنميري؛ وأجرى بعدها انتخابات عامة في العام 1986 فاز بها رئيس الوزراء الصادق المهدي 1986،

وما تزال تجربة سوار الذهب في الحكم وتفضيله الاعتزال على التمسك بالسلطة مثار إشادة من مختلف السياسيين والمثقفين باعتبارها خطوة نادرة في الثقافة العربية، خاصة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي وإصرار بعض الحكام العرب على الاحتفاظ بكراسيهم ولو بحرق البلاد كلها.

التفرغ للدعوة الإسلامية

وبعد الاعتزال، تفرغ سوار الذهب لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس أمنائها.

فقد ترأس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي كان من إنجازاتها تشييد أكثر من 55 مدرسة ثانوية، و150 مدرسة ابتدائية ومتوسطة، وتشييد أكثر من 2000 مسجد في أفريقيا وشرق أوروبا، إلى جانب حفر أكثر من 1000 بئر للمياه، وتشييد 6 ملاجئ للأيتام والإشراف عليها في أفريقيا.

اختير نائباً لرئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة في القاهرة، ثم نائبا لرئيس الهيئة الإسلامية العالمية في الكويت، ونائبا لرئيس “ائتلاف الخير” في لبنان. كما اختير نائباً لرئيس أمناء مؤسسة القدس الدولية، وعضوا ضمن الوفد العالمي للسلام بين العراق وإيران.

مهام أخرى:

واختير سوار الذهب سفيراً دولياً للمسؤولية الاجتماعية عام 2014م، وهو عضو في عدد من المؤسسات الإقليمية والدولية ، يذكر أن الفقيد كان عضوا بالهيئة الاستشارية بمجلة قراءات إفريقية.

تكريمه

في عام 2004 فاز سوار الذهب بجائزة الملك فيصل السنوية المخصصة لمن قدم خدمات جليلة للدين الإسلامي. واختير سوار الذهب من بين 13 شخصية إسلامية عامة رشحت للجائزة في ذلك العام. وقد جاء الاختيار حسب اللجنة المنظمة للجائزة بناء على “العمل النبيل الذي كان محل افتخار للعالمين الإسلامي والعربي”.

وفاته:

توفي صباح يوم الخميس ، الثاني عشر من شهر صفر 1440هـ الموافق الثامن عشر من شهر أكتوبر في المستشفى العسكري بمدينة الرياض ، عاصمة المملكة العربية السعودية، حيث كان يتلقي العلاج، بعد عملية جراحية أجريت له هناك. وقد نقل جثمانه بطائرة خاصة إلى المدينة المنورة حيث دفن هناك تنفيذا لوصيته.

رابط مختصر
2018-10-21
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر