٨ نوفمبر هو ذكرى مقتل ستار بهشتي ذاك الشاب الذي يبلغ من العمر ٣٥ عاما والذي قتل على يد مجرمي نظام الملالي بتهمة زائفة وهي العمل ضد الأمن. اعتبر حكام الشريعة في نظام الملالي هذا القتل في عام 2012 على أنه “موت مشبوه” ولكن في الظروف الحالية في ظل انتشار الشبكات الاجتماعية ومع وجود تهديدات عوائل الضحايا فإن عمليات ” الانتحار” لايمكن أن تبقى خلف الستار وكما أن إخفاء المخططين والمرتكبين لعمليات القتل الصامتة هذه قد أضحى صعبا أكثر.
ستار بهشتى كان أحد تلك الأمثلة ومدونته الشهيرة المعروفة باسم “روحي فداء لإيران” تحدت ما يسمى الحكومة الإسلامية البغيضة في إيران وضحى بنفسه فدءا لإيران.
وكالة انباء رويترز كانت قد كتبت في أحد تقاريرها حول ستار بهشتي : ” لقد كان يسكن في أحد الأحياء الفقيرة في رباط كريم في طهران وهذا العامل البالغ من العمر ٣٥ عاما هو كبقية العديد من اقرانه الذين يعيشون مع أمهاتهم في بيت واحد. بدأ ستار انتقاداته المباشرة ضد الحكومة وضد المرشد الأعلى في إيران وحتى أنه في أحد بوستاته المنشورة انتقد حديث خامنئي في قمة حركة عدم الانحياز في طهران وقال أن كلام خامنئي هو كذب وافتراء. وفي بوستاته الأخرى هاجم دعم إيران لحزب الله اللبناني وكان قد انتقد انتهاك حقوق الإنسان في إيران.
هناك تقارير أخرى نقلا عن الطب الشرعي تتحدث عن أن ستار بهشتي توفي نتيجة نزيف حاد في الرئة والكبد والكلية والمخيخ خلال فترة اعتقاله.
الموت والتعذيب الوحشي الواضح على ستار بهشتي لم يكن من الممكن إخفائه أو التستر عليه أو تبسيطه.
وكما قدمت مجموعة من السجناء السياسيين الموجودين في العنبر ٣٥٠ من سجن ايفين الذي تم فيه التحفظ على ستار بهشتي هناك قبل موته شهادة تقول أنهم رأووا آثار التعذيب على جسده كما أن ستار بهشتى أخبر رفاقه في سجن ايفين قبل نقله مرة ثانية إلى مركز اعتقال الشرطة وقال لهم: ” هؤولاء يريدون قتلي”.
لقد قبل ستار بهشتي بوعي تام التصريح الشجاع الذي أدى لمقتله في النهاية، حيث كتب في آخر بوستاته على مدونته:
“الأشخاص أمثالي من عشاق أمتهم… أقول بصفني إيرانيا لا يمكنني السكوت عن كل هذه المآسي.. أنا لن اسكت حتى لو أفضى ذلك لموتي.. التهديد من اي جهة او شخص كان بالنسبة لي لم يعد مهما. فتهديداتكم لا تخيفنا لأن الخوف لم يعد في قلوبنا.. ولم يبقى مكان للخوف فيه.. الجلد والتعذيب لن يمنعنا عن إيصال المعلومات والحقائق….شعارنا هو : لقد خطونا نحو الساحة في هذة المعركة فإما نتحرر من قفصكم أو سوف سنقوم بكسر قفص ظلمكم”.
وفي أحد كتاباته قال مخاطبا خامنئي: “٣٣ عاما مضت على تشكيل نظام الجمهورية الإسلامية وياللعجب كم من المصائب والكوارث السمائية سقطت فوق إيران والشعب الإيراني! خلال هذه الفترة لم تتوان الأجهزة الأمنية في نظامكم عن القيام بأي عمل ظالم من أجل تهديد وإرعاب الشعب في المجتمع….حتى قطع اليد والرجل و الإعدامات التي نفذت من قبل الجهاز القضائي. حقا حتى اسم المسلخ لا يليق بهذه الجهاز القضائي.
ستار بهشني لم يكن أول وآخر موت مشبوه في الحكومة الدينية الفاسدة فمنذ ذاك العام وحتى الآن جميع الوفيات وعمليات الموت المشبوهة لها مكان وعنوان واحد لا أكثر هو سجون نظام الملالي ومن بينها يمكن ضرب مثال يعود للسنوات الأولى من الثورة أي نوفمبر ١٩٨١ وهو موت آيت الله لاهوتي وابنه في ظروف غامضة.
رجل الدين الشريف ذاك الذي اعترض على طريقة تعامل الحكومة مع أعضاء منظمة مجاهدي خلق عندما وصلت الاشتباكات في الشوارع بين القوات الحكومية ومنظمة مجاهدي خلق لذروتها. في نفس ذاك الوقت أي بعد اسبوع تم اعتقال وحيد لاهوتي ابنه وبعد يومين أيضا تم اعتقال حسن لاهوتي حيث وصل خبر وفاته على أثر سكته قلبية بعد ٢٤ ساعة!! . بعد أكثر من عشرين عاما تم فضح هذا الموضوع في الجريدة الأسبوعية الحكومية المسماة ” المواطن اليوم” خلال فترة الصراعات ما بين العصابات الداخلية في الحكومة وهذا الموضوع الذي تم فضحه هو أن السيد حسن لاهوتي وابنه وحيد قد تم قتلهم على يد جلاد سجن ايفين المسمى اسد الله لاجوردي.
رفسنجاني المجرم طالب أبناء السيد لاهوتي في ذاك الوقت السكوت عن طريقة وفاة والدهم من أجل ماسماه” الحفاظ على مصالح النظام”.
ومن الحالات الأخرى لعمليات القتل هذه يمكن ذكر موت سينا قنبري و وحيد حيدري من معتقلي احتجاجات شهر ديسمبر ٢٠١٧ . حالات القتل تلك حدثت في سجن ايفين ومعتقل الشرطة في مدينة اراك على الترتيب. كما أن موتهم بقي يلتفه هالة من الغموض ، على الرغم من سعي بعض الممثلين.
ومن الأمثلة الأخرى يمكن الإشارة إلى الموت المشبوه و المبهم لكاووس سيد امامي استاذ جامعي وناشط بيئي يبلغ من العمر ٦٤ سنة. حيث توفي نتيجة التعذيب بعد اسبوعين من اعتقاله في سجن ايفين في تاريخ ٢٤ يناير ٢٠١٨ ولكن النظام ادعى بشكل غبي أنه قام بالانتحار.
وأيضا آخر أمثلتها كان فرشيد هكي المحامي والناشط البيئي والذي قتل في يوم ١٧ اكتوبر ٢٠١٨ قرب منزله في حديقة فيض طهران بشكل مشبوه وتم حرق جثته. تلك الحادثة التي هرع النظام فورا لتسميتها تحت عنوان “الانتحار”.
الوفيات الغامضة أو اذا أردنا التوضيح بشكل أدق المشبوهة للسجناء في نظام ولاية الفقيه لها تاريخ طويل بعمر هذا النظام.
في هذه الأيام وفي ظل توسع الشبكات الإجتماعية وتهديد عوائل الضحايا لا يمكن أن تبقى عمليات ” الانتحار” هذه متخفية خلف الستار كما أن عمل تبريرها قد أصبح أمرا صعبا جدا بالنسبة لمسؤولي هذه الوفيات.
إن قبول المسؤولية عن حياة أولئك الذين تم اعتقالهم وشرح الظروف التي أدت إلى “الانتحار” في حال قبول صحة هذا الإدعاء وتقديم مسؤولي عمليات القتل هذه للمحاكمة هي المطالب ذاتها التي تأتي من مختلف مستويات المجتمع في الشبكات الاجتماعية حتى يتم متابعتها في المشهد الدولي.
دعت هيومن رايتس ووتش المجتمع الدولي إلى ممارسة عمليات ضغط على الحكومة الدينية لإجراء تحقيقات مستقلة في الوفيات الأخيرة.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنه “لدينا وثائق موثقة منذ فترة طويلة للظروف الوخيمة للمعتقلات في إيران، بما في ذلك استخدام التعذيب”. حيث قالت : يجب تعليق مناصب الأشخاص المشتبه بهم أنهم ارتكبوا أعمالا أدت لموت المعتقلين فوراً ومحاكمتهم بشكل عادل ومعاقبتهم استناداً إلى المعايير الدولية.
لقد دعت المقاومة الإيرانية وتحديداً السيدة مريم رجوي منذ أكثر من ثلاثة عقود لإحالة قضية انتهاك حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. الأمر الذي يستوجب الوقوف لجانب الشعب الإيراني وإخراج وطرد هذا النظام الدموي والمنتهك لحقوق الإنسان من المجتمع الدولي.
*كاتبة ايرانية