أولت القيادة السياسية اهتماما كبيرا بإصلاح وتطوير قطاع الصحة، من أجل تقديم خدمة صحية جيدة والنهوض بمستوى الرعاية الصحية لضمان بناء مجتمع صحي قادر على المشاركة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وانطلاقاً مما سبق، خُصص العدد (52) من دورية “الملف المصري”، ديسمبر 2018، لتناول “أزمة قطاع الصحة في مصر”، والذي تم التطرق خلاله للأوضاع الراهنة للقطاع، إلى جانب طرح ما يعانيه القطاع من تحديات، لاسيما ضعف مصادر التمويل، مع توضيح أهم السياسات التى اتخذتها الحكومة المصرية لتطوير القطاع والنهوض به، خاصة إطلاق حملة “100 مليون صحة” كخطوة مهمة نحو تعزيز وسائل مكافحة فيروس “سى”. ويسعى العدد من خلال كتابه إلى تقديم عدد من التوصيات من أجل النهوض بهذا القطاع، والتصدى للتحديات التى تواجه هذا الهدف.
وقد استهلت الدكتورة إيمان مرعي، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، العدد بمقالة تحت عنوان “سياسات الصحة في مصر.. خطوات جادة نحو الإصلاح”، والتى تناولت خلالها طبيعة الوضع الراهن لقطاع الصحة في مصر، بدءاً من معدل الإنفاق على قطاع الصحة، والذي تصدره القطاع العائلي الخاص بنسبة 72% من أصل 95%، مقابل 1.5% من حجم الإنفاق العام، انتهاءً بنظام التأمين الصحى ذي الأُطر القانونية المتعددة، والتى تسببت في بناء أنظمة صحية غير متماسكة كنظام العلاج بالمجان، ونظام العلاج على نفقة الدولة.
ونظرا لتحدى توفير التمويل اللازم وزيادة الإنفاق على قطاع الصحة، جاءت مقالة الباحثة بالمجال الاقتصادي أسماء الخولي تحت عنوان “الموازنة العامة وتحديات تمويل قطاع الصحة”، والتي استهلتها بطرح الملامح الرئيسية للموازنة العامة للدولة خلال العام المالي 2018/2019، وطبيعة السياسات التى اتخذتها الحكومة لتحقيق أهداف الموازنة، ثم تم التركيز على موازنة قطاع الصحة، والتى بلغت 61,8 مليار جنيه بزيادة نحو 7 مليار جنيه عن موازنة العام الماضي لم تترجم في معدل الإنفاق الحكومى على القطاع، والذي لا يتعدى نسبة 1,7% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع للعام المالي القادم (2018- 2019)، وهي نسبة أقل من نصف نسبة الاستحقاق الدستورى البالغ 3%.
ولكون حال المستشفيات ووضع الأطباء بمثابة مرآة معبرة عن حال قطاع الصحة في مصر، فقد تناولت الباحثة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية سنية الفقي في مقالتها: “أوضاع المستشفيات الحكومية وأطباء الصحة في مصر” المؤشرات العامة للقطاع الصحي في مصر لاسيما الحكومية منها، من خلال تناول حجم مساهمة القطاع الحكومى في بناء المستشفيات مقارنة بنظيره الخاص خلال الفترة (2006-2016) والتى شهدت انخفاض عدد المستشفيات الحكومية بنسبة 51.8%، إلى جانب طبيعة التوزيع الجغرافي للمستشفيات الحكومية في كافة أنحاء الجمهورية، والذي عكس تردي الخدمة الطبية المقدمة في الأقاليم لاسيما في محافظات الصعيد المختلفة، فضلاً عن التطرق لأعداد الأطباء والممرضات بالقطاع الطبي الحكومي، وإلى أي مدى تتناسب أعدادهم مع الزيادة السكانية التى يشهدها المجتمع.
أما على المستوى التشريعي، فقد جاء إصدار قانون التأمين الصحي الشامل رقم 2 لسنة 2018 بالعديد من الامتيازات، والتى تناولها مهاب عادل، الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، في مقالته “قانون التأمين الصحي الشامل: الفرص والتحديات”، حيث قدم قراءة شاملة للقانون وما يقوم عليه من مرتكزات، أبرزها الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة، ودعم نظام لامركزية القرار داخل المنظومة العلاجية، إلى جانب توفير مصادر تمويلية مستدامة للمنظومة الجديدة.
وقد كانت مبادرة رئيس الجمهورية بإطلاق حملة “100 مليون صحة” للقضاء على فيروس “سي” والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية كالسكري والسمنة وضغط الدم، من أبرز وأهم السياسات الحكومية التى اتخذتها القيادة السياسية مؤخراً، لذا ناقشت جهاد عمر، الباحثة المساعدة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، فى مقالة بعنوان “مكافحة فيروس “سي” في مصر.. الآليات والتحديات”، معدلات انتشار فيروس “سي” في مصر، وأبرز التقديرات الرسمية والعالمية الصادرة في هذا الشأن، ثم تطرقت للجهود الحكومية المبذولة لمكافحة الفيروس منذ بداية الألفية الجديدة، والتى شملت ثلاث آليات؛ أولها إجراء المسوح وتجهيز قوافل طبية للكشف عن الفيروس، وثانيها طرح برامج وتدشين لجان لمكافحة الفيروس، وثالثها توفير الدواء للفيروس بأسعار منخفضة، والعمل على صناعته محلياً.