تهذيب العقل أولاً

آخر تحديث : الجمعة 15 فبراير 2019 - 5:03 مساءً
بقلم: نادر عكو
بقلم: نادر عكو

في سياق الارتقاء بالوعي المجتمعي الشامل لابد من التركيز على رفع سوية كفاءة الانسان العربي ليتمكن من أعادة بناء دولته وفق فكر مستنير ينتجه العقل السليم …

ومن هنا تأتي أهمية تهذيب العقل… تهذيب العقل يشير الى تربيته واصلاحه وتطهيره وجعلة منسقاُ خالياُ من العيوب والاخطاء

والمعاصي والذنوب والابتعاد عن الهوى قال الله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)…

وقال رسول الله (ص): (الكَيِّسُ مَن دان نفسَه وعمِل لما بعدَ المَوتِ، والعاجِزُ مَن أتبَعَ نفسَه هواها وتمنَّى على اللهِ) ومنه نستمد قيمة مُراقبة النّفس وتهذيبها …

الاهداف السامية تتطلب أدوات سامية لتحقيقها….وغير ذلك فيكون عملاُ عبثياُ نبدد فيه جهدنا وأموالنا ….

حتى نصل الى السعادة والحرية والكرامة الانسانية فلابد من تهذيب عقولنا ورفع مستوى أدراكها ووعيها وصولاُ الى أنتاج الفكر المستنير وبناء دولتنا الوطنية العقلانية التي نضمن من خلالها السعادة والحرية والكرامة الانسانية باعتبارهم أهدافاُ سامية والعقل المستنير هو الاداة السامية والقادرة على تحقيق الاهداف السامية ….

فما هو مفهوم تهذيب العقل ؟

أولاٌ : في قضية التفاعل مع الانماط المحيطة بعقولنا نقول :

للقيام بعملية تهذيب العقل لابد من التفاعل مع أنماط التفكير الحديثه والاخذ بالمناسب منها وفق أصالتنا ومعتقداتنا , مع التأكيد على عدم المواجهة مع المتطرفين فمواجهتهم ليست من مسؤوليتنا كجماهيرشعبية فلهم متخصصون بمواجهتهم , أضافة الى الابتعاد عن التطرف والتسرع بأعطاء الاحكام فالحقيقة ليست بيد أحد الا الله الخالق وفق ذلك فلا بد من أخذ فرصة من الوقت لسماع ما لدى الاخرين من معارف قد توصلنا الى ما نحتاجه حتى نصل الى الحقيقة التي على أساسها تبنى الاحكام وتتخذ القرارات التي تتطلبها حركة الحياة .

وتتطلب عملية تهذيب العقل التعرف :

– على طبيعة المعرفة وأنواعها والسبل المناسبة لتحقيق الفهم الصحيح الذي يؤدي بنا الى خير البشرية, فالمعرفه هي قدرة الانسان على استيعاب وإدراك ما يدور من حقائق في محيطه البيئي من حقائق، والوعي بالمعلومات واكتسابها من خلال تجاربه وتجارب الاخرين أضافة الى متابعة و ملاحظة والتأمل باستنتاجات الاخلرين

ويرتبط مقدار المعرفة المختزنه بسرعة البديهة والسعي الحثيث في البحث عن الأشياء المجهولة واكتشافها وكشف أسرارها، وتنمية القدرات الفردية بالاعتماد على الاستنتاجات.

وفق ذلك فيمكن أن نعرف المعرفة على أنها هي مجموعة الخبرات والمهارات المكتسبه والتي تقوم أساساً على التجربة والتعلّم المتمثلة بالفهم بشقيّه النظري والعملي لأي فكرة أو موضوع.

وللمعرفة أنواع ثلاثة :

1- المعرفة الشخصية: معرفة ذاتية مؤسسة على الخبرة الذاتية واكتسابها، من خلال الاطلاع والتجربة

2- المعرفة الإجرائيّة: هي القدرة على أداء عمل من خلال فهم نظرياته الكامنة لكن دون القدرة على تطبيقه على أرض الواقع، وحتى تكون المعرفة فعلية يجب القيام بالتجربة والتطبيق.

3- المعرفة الافتراضيّة: من خلال التعمّق بالحقائق والوقائع ومعرفتها عن قرب ، وتعتمد على الافتراضات، ويمكن وصفها بأنها المعرفة الحقيقية للوقائع.

كما يوجد طرق عديده للحصول على المعرفة :

– الطريقة التجريبية: من خلال الملاحظة التجريبية بواسطة الحواس البشرية.

– الطريقة العقلانية: من خلال توظيف المنطق للوصول إلى استنتاجات , و التفكير بالافتراضات، واستخلاص الحقائق من الحجج والخلافات، وبناء نظم المنطق المتوافقة مع الطبيعة.

– التاريخ الكبير: من خلال التاريخ الذي يمكن الاعتماد عليه للحصول على معلومات حول حياة البشر منذ بداية الخليقة.

ثانياُ في قضية علاج العقل وتطهيره نقول :

كما يتطلب الامر علاج الانسان التائه من الاوهام والفكر المتخلف وصولا الى تطهيره من خلال أتباع نهج صحيح قادر الى توصيله الى حالة التمييز الفعلي بين الافكار الغامضة والواضحة , كما تتطلب أثبات وحدة العقل والطبيعة التي تتمثل بوجود أجوبة في الطبيعه على تساؤلات الانسان أضافة الى التأكيد على عدم وجود تناقض بين الروح والجسم والفكر والمادة ….

ثالثا في قضية ثلاثية الثروة والشهره واللذه نقول :

الثروة والشهره واللذه هي وسائل مادية دونية ليس الا …فلا تحقق أهدافاً سامية لانها لايمكن أن ترقى بأي حال من الاحوال الى أن تكون أهدافاُ سامية أنسانية حقيقية يسعى اليها الانسان الصالح لتحقيق الى السعاده أو البناء عليها الامم والدول والحضارات ….

فهذه الوسائل المادية لا توصل الانسان الى السعاده الحقيقية والفضيلة …

حتى يصل الانسان الى ثلاثية السعاده والفضيلة والكرامة الانسانية فلا بد من البحث عن بديل لهذه الادوات لتتناسب مع جوهر السعادة والفضيله والكرامه الانسانية فلا يجوز للانسان أن يحقق أهدافه السامية (السعادة والفضيلة )من خلال أداوت تختلف في جوهرها عن جوهر أهدافه السامية …

الوسيلة الوحيده التي يتوافق جوهرها مع جوهر الاهداف السامية للانسان ( السعاده والفضيلة والحياة الكريمه ) هو العقل البشري المستنير فهو القادر على تحقيقها وهي أيضاُ في حقيقتها تمثل العقلانية المتحققه في حياة الانسان .

ويمكن أن نقول أذا كان الهدف عقلانياُ فلا بد أن تكون الوسيلة عقلانية وبالتالي فأن العقلانية هي الهدف السامي للانسان في الحياة وعليها يجب أن تبنى وتؤسس الامم والدول الوطنية وتكون هدفها السامي في حركة بنائها وأدارة مفاصلها وحمايتها ….

وفق ذلك فلا بد من اصلاح وتهذيب العقل أولاُ ….

رابعاٌ في قضية الفلسفة والايمان تكمن حرية الانسان :

ثلاثة أعتبارات يجب أن تؤخذ بالاعتبار لزيادة الفائده :

– الفسلفة عبر تاريخها تأسست على أعمده متعدده من الافكار المشتركه والمباديء الحاكمه للاشياء.

– القوانين الثابته التي تحكم حركة الطبيعه فيمكن أستخلاصها من راستنا للطبيعية وحدها.

– أساسيات الايمان نستمدها من الكتب السماوية ونستسلم لحقيقة الوحي والالهامي الالهي للانسان .

وفق ذلك فيمكننا القول :

– أن مجال الفلسفة أمر مختلف عن مجال الايمان بالخالق .

– أن عملية التفلسف (التَّحَدُّثَ فِي مَوَاضِيعَ فَلْسَفِيَّةٍ ، أَوِ التَّحَدُّثَ بِلُغَةِ الفَلْسَفَةِ وَالحِكْمَةِ ) لا تضر بالايمان بشيء لوجود ضوابط لها .

– عدم وجود خطر من اللسفة ضد الايمان الذي يعتمد بالدرجة الاولى على التسليم بالوحي والالهام للانسان وبالكتب السماوية أي أن الايمان في جوهره يعطي للانسان العاقل الحرية بالتفلسف.

– أن الهدف الاساسي للايمان هو تهذيب الاخلاق ورفع مستواها من خلال تحفيز الجماهير لاطاعة أوامر الخالق , بوالتالي فأن الايمان لا يتضرر من الفلسفة الا في حالة الدعوة الى العصيان أو الكراهية أو التعصب في المجتمع ( وجود ضوابط).

– المؤمنون الحقيقيون يدعوون الجماهير الشعبية الى ثقافة العدل والاحسان بدون اللجوء الى براهين لاثبات وجود الخالق والأديان السماوية لان الجماهير لا تطلب هذه الاثباتات بشكل عام وليست على مستوى من العلم لتدقيق الاثباتات .

– على المستوى الانساني الواسع فأن الشعوب لهاعقائد مختلفه ومتنوعه , شعوب تتطور وتتغير .

– الايمان( التقوى والطاعه والعدل والاحسان ) ثابت لا يتغير مع الزمان والمكان .

وفق ذلك فمن الافضل أن لا يدخل العقل في أثبات وجود الخالق والاديان السماوية لانه مجال غير مجاله فوظيفته هو أكتشاف القوانين الطبيعية وأدراك وفهم الظواهر الطبيعية .

وفق ذلك يمكن أن نقول أن الغاية من الحياة الانسانية هي السعادة والفضيلة والكرامة الانسانية والاديان السماوية تقدم للبشرية طريقاُ مختصراُ وبسيطاُ للوصول الى هذه الغاية السامية من خلال الخضوع للاله الخالق العظيم الذي أوحى للمرسلين وألهم الطريق الى السعاده والفضيله والكرامة الانسانية . وفي هذا الخضوع تتمثل حرية الانسان المخلوق المطلقه .

رابط مختصر
2019-02-15
أترك تعليقك
0 تعليق
*الاسم
*البريد الالكترونى
الحقول المطلوبة*

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شروط التعليق : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

ان كل ما يندرج ضمن تعليقات القرّاء لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن آراء اسرة العربي الأفريقي الالكترونية وهي تلزم بمضمونها كاتبها حصرياً.

حاتم عبدالقادر