فشلت بريطانيا التي تقدمت بمشروع قرار يطالب بوقف فوري للقتال في غرب ليبيا على اثر عملية عسكرية واسعة أطلقتها مؤخرا قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لـ”تحرير العاصمة من جماعات متطرفة” وفرض الأمن في كل أرجاء البلاد.
والحملة العسكرية التي أثارت انقساما دوليا أشبه بتلك التي قادها حفتر في شرق البلاد وأفضت إلى تطهير المنطقة من جماعات وفصائل متشددة ولاقت ترحيبا دوليا حينها.
ولم تحظ عملية طرابلس حتى الآن بإجماع دولي لاعتبارات منها وجود حكومة مدعومة من الأمم المتحدة بقيادة فايز السراج وهو رجل أعمال ليبي يحمل الجنسية البريطانية ويسعى منذ مارس/اذار 2016 لتثبيت سلطته المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في ديسمبر/كانون الأول 2015.
وفي المقابل أيضا لم تتفق الأسرة الدولية بالإجماع على قرار بإيقافها ما يسلط الضوء على حجم الانقسامات بين مؤيد ومعارض ومتحفظ.
وتدرك المجموعة الدولية بما في ذلك القوى التي تعارض هجوم قوات حفتر على طرابلس، أن العاصمة الليبية أصبحت رهينة ميليشيات مسلحة بعض منها متشددة وأخرى متهمة من قبل الجيش الليبي بالتورط في أنشطة إجرامية مثل تهريب البشر.
وتأخذ تلك القوى الدولية على السراج اعتماده على ولاء ميليشيات منفلتة ومتشددة لتحصين سلطته وسط وضع أمني وسياسي هشّ، في الوقت الذي أفادت فيه تقارير متطابقة وبيانات صادرة عن الجيش الوطني الليبي بأن مقاتلين من تنظيم القاعدة انضموا لقوات حكومة الوفاق الوطني.
وتنشط في غرب ليبيا ميليشيات مسلحة تدين بالولاء لتنظيم القاعدة ولجماعة الإخوان المسلمين.
وذكر دبلوماسيون في الأمم المتحدة اليوم الأربعاء أن مشروع قرار حول ليبيا عرضته بريطانيا على الدول الـ14 الأخرى الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ويطالب بوقف لإطلاق النار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق القتال بالقرب من طرابلس بلا شروط، لم يلق إجماعا بعد.
ومنذ بدء عمليتها في الرابع من ابريل/نيسان، تراوح قوات الجيش الوطني الليبي مكانها في جنوب العاصمة وإن كانت تعلن اختراقات يوميا.
وأسفرت المعارك عن سقوط 174 قتيلا على الأقل و816 جريحا ونزوح 18 ألف شخص خلال أسبوعين، بحسب الأمم المتحدة.
وبينما كان مجلس الأمن يعقد اجتماعا مساء الثلاثاء في نيويورك، استهدفت العاصمة الليبية صواريخ هز انفجارها وسط المدينة.
وقالت فرق الإنقاذ إن ستة أشخاص بينهم ثلاث نساء قتلوا وجرح 11 آخرون في حيي أبوسليم والانتصار السكنيين في جنوب العاصمة.
وأكد رئيس بلدية حي أبوسليم عبدالرحمن الحمدي حصيلة القتلى، موضحا أن 35 شخصا آخرين جرحوا. وكانت حصيلة سابقة لفرق الإسعاف تحدثت عن سقوط ثلاثة قتلى وثمانية جرحى.
ونفت القيادة العامة لقوات الجيش الوطني الليبي نفت وقوفها وراء إطلاق الصواريخ وأكدت إدانتها لهذه “الأعمال الإرهابية”.
واتهمت في بيان “الميليشيات الإرهابية التي تسيطر على العاصمة بالرماية العشوائية بصواريخ غراد والراجمات على ضواحي المدينة”.
وتفقد رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا فايز السرّاج المكان ليل الثلاثاء الأربعاء. كما أدان الهجوم بشدّة وحمل قوات حفتر المسؤولية عنه.
وفي نيويورك ما زالت المفاوضات جارية حول مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف إطلاق النار. وقال دبلوماسي في الأمم المتحدة إن روسيا التي عرقلت الأسبوع الماضي مشروع بيان يدعو الجيش الوطني الليبي إلى وقف هجومه، ما زالت تعترض على العبارات التي تنتقد حفتر.
وحتى الآن لا يريد المشير حفتر الحديث عن أي وقف لإطلاق النار. أما السراج، فيرفض مسبقا أي عملية سياسية قبل وقف لإطلاق النار وانسحاب إلى خطوط ما قبل بدء الهجوم. وقال دبلوماسي إنها “مواقف لا يمكن التوفيق بينها”.
وذكر دبلوماسي آخر أنه في مجلس الأمن “الجميع يريدون تجنب حرب أهلية بعدد كبير من الضحايا المدنيين”. ومع انزلاق الوضع على كل الجبهات، يلوح خطر سعي الأطراف المتحاربة إلى التسلح مجددا من داعميها لإحداث فرق على الأرض.
ويؤكد الجيش الوطني الليبي أن هجومه يكتسب شرعيته من كونه حربا معلنة على الإرهاب. وقال الناطق باسمه العقيد أحمد المسماري مساء الثلاثاء “نقاتل من أجل كل الإنسانية، ليس فقط من أجل ليبيا. نريد تخليص العاصمة من الإرهابيين”.
ونفت حكومة الوفاق الوطني أن تكون تضم في صفوفها أشخاصا متهمين بالإرهاب، متهمة حفتر بالسعي إلى “بيع عدوانه” للأسرة الدولية عبر تقديمها على أنها حرب على الإرهاب.
ويبدو أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة لديه الرأي نفسه. وقال في مقابلة الاثنين مع شبكة “بي بي سي” البريطانية إن هجوم حفتر “يشبه انقلابا أكثر منه مكافحة للإرهاب”.
وفي الأيام القليلة الماضية بثت قنوات ليبية صورا لأشخاص على جبهات القتال مع قوات حكومة الوفاق وقدمتهم بالأسماء بوصفهم إرهابيين ومجرمين متورطين في قضايا إرهاب وبعضهم ملاحق دوليا.