استطاعت أفريقيا أن تقطع شوطاً طويلاً للتغلب على العديد من العقبات المتعلقة بتحقيق السلم والأمن، إلا أنه تظل الحاجة للمزيد من العمل الأفريقي المشترك بين دول القارة لترسيخ مقومات السلام والأمن والاستقرار في القارة، حيث تعي مصر جيداً حجم المسئولية الكبيرة التي تقع على عاتقها خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي لتنسيق العمل الأفريقي المُشترك، خاصة على ضوء تبني مبدأ “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية” كأحد أهم السُبل للتعامل مع التحديات المُشتركة التي تواجه القارة.
تسعى مصر سوياً مع دول القارة لإسكات البنادق في كافة أرجاء القارة بحلول عام 2020، وإنهاء الاقتتال في أفريقيا. كما تسعى القارة أيضاً لتفعيل السياسة الأفريقية الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، حيث تقرر خلال القمة الأفريقية في يوليو 2018 استضافة مصر لمقر مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، وذلك في إطار دور مصر لدفع الجهود المبذولة لمنع النزاعات والوقاية منها والوساطة في النزاعات، وليكون بمثابة منصة تنسيق جامعة وعقل مفكر يعكف على إعداد برامج مُخصصة للدول الخارجة من النزاعات، تراعي خصوصية الدولة وتحمي حقها في ملكية مسار إعادة الإعمار والتنمية. هذا، وانطلاقاً من مبدأ العمل الأفريقي المشترك لترسيخ السلم والأمن فقد استضافت مصر منذ توليها رئاسة الاتحاد الأفريقي عدة فعاليات، أبرزها دورة للمدربين الأفارقة حول “منع الاستغلال والاعتداء الجنسي في عمليات حفظ السلام”، واجتماع القمة التشاورية للشركاء الإقليميين للسودان الذي خرج بنتائج إيجابية للحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة وتماسك السودان، بالإضافة إلى عقد اجتماع قمة الترويكا ورئاسة لجنة ليبيا بالاتحاد الأفريقي لاستعراض التطورات على الساحة الليبية وسُبل احتواء الأزمة وإحياء العملية السياسية والقضاء على الإرهاب في ليبيا.
وفي ضوء أن عمليات حفظ السلام تمثل أحد أهم الوسائل لتعزيز وحفظ السلام والأمن خاصة في أفريقيا التي يوجد بها عدد من أهم وأكبر تلك البعثات، وانطلاقا من إيمان مصر بضرورة تعزيز فاعلية بعثات حفظ السلام بما يمكنها من مواجهة التحديات المتنامية التي باتت تواجهها وتنفيذ المهام التي تكلف بها، فقد قامت مصر من خلال مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ السلام بعقد “مؤتمر القاهرة الإقليمي رفيع المستوى حول تعزيز أداء عمليات حفظ السلام: من صياغة الولاية وحتى خروج المهمة” يومي 18 و19 نوفمبر 2018 بمشاركة الفاعلين الرئيسيين ولاسيما كبريات الدول الأفريقية المساهمة بقوات في عمليات حفظ السلام، والدول الأفريقية المستضيفة لتلك البعثات، فضلاً عن أعضاء مجلس الأمن وكبار الممولين وسكرتارية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وتعكس “خارطة طريق القاهرة”، التي تمثل المخرج الرئيسي للمؤتمر، رؤية الفاعلين الرئيسيين ولاسيما من أفريقيا لمسألة تعزيز فاعلية أداء عمليات حفظ السلام، وتنفيذ مبادرة سكرتير عام الأمم المتحدة “العمل من أجل حفظ السلام”، بأسلوب شامل ومتوازن يؤكد على مسئولية كافة الأطراف في العمل على تطوير أداء عمليات حفظ السلام.