عقد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس الثلاثاء، مباحثات على مستوى القمة مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاتشينكو بمقر القصر الجمهوري بمينسك، في ثاني أيام زيارته الرسمية لبيلاروسيا، وأقيمت للرئيس مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وصرح السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأنّ الرئيس البيلاروسي استهل اللقاء بالترحيب بالرئيس ضيفا عزيزا في بيلاروسيا، معربا عن تقدير بلاده لمصر قيادةً وشعبا، ومشيدا بالعلاقات الثنائية الوثيقة التي تربط بين مصر وبيلاروسيا، مع تأكيد حرص بلاده على مواصلة الارتقاء بتلك العلاقات وتعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين على جميع المستويات، لا سيما في ضوء دور مصر المحوري كركيزة للاستقرار والأمن والسلام في الشرق الأوسط وأفريقيا.
من جانبه؛ وجّه السيسي الشكر للرئيس “لوكاتشينكو” على دعوته لزيارة بيلاروسيا وحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مشيدا بمتانة العلاقات الممتدة بين مصر وبيلاروسيا ومدى تميزها، والتي ظهرت بشكل خاص خلال الزيارة الأخيرة للرئيس لوكاشينكو إلى مصر في يناير 2017، كما أعرب عن اهتمام مصر بتطوير العلاقات والارتقاء بها في المجالات كافة، واستمرار التنسيق والتشاور السياسي بين البلدين واستكشاف أوجه التعاون بينهما، فضلا عن تعويل مصر على بيلاروسيا في إطار تعميق العلاقات المصرية مع الاتحاد الاقتصادي الأورو-آسيوي.
وتابع المتحدث الرسمي أنّ المباحثات شهدت تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، إذ أشاد لوكاتشينكو في هذا الصدد بالإصلاحات الاقتصادية الشاملة في مصر، والتي كان مؤداها التحسن الملحوظ في مؤشرات الاقتصاد المصري، كما أكد الجانبان أهمية العمل على تفعيل مجلس الأعمال المصري البيلاروسي المشترك، ليمثل ركيزة أساسية لتعزيز الاستثمارات المتبادلة في العديد من القطاعات، وتعظيم حجم التبادل التجاري بين البلدين وإحداث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية المصرية البيلاروسية، خاصةً بمشاركة الشركات البيلاروسية في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة في مصر كمشروع المحور الاقتصادي لمنطقة قناة السويس.
من ناحيةٍ أخرى، شهد اللقاء مناقشة تعزيز التعاون بين الجانبين في عدد من المجالات، مثل التصنيع العسكري والصناعات الثقيلة التي تتمتع فيها بيلاروسيا بمزايا كبيرة، والصناعات الدوائية، والزراعة والإنتاج الغذائي والحيواني، والسياحة والثقافة، علاوةً على تبادل الخبرات في المجال الأكاديمي والبحثي في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز التعاون بين بيلاروسيا والقارة الأفريقية في ضوء الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي.
وفيما يتعلق بدعم العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، اتفق الرئيسان على أنّ تبدأ مصر تمثيلا دبلوماسيا معتمدا في العاصمة مينسك أسوةً بالسفارة البيلاروسية بالقاهرة، انعكاسا للزخم المتنامي بين الجانبين، كما تم التوافق على ترفيع مستوى اللجنة المشتركة بين مصر وبيلاروسيا لتصبح على المستوى السياسي.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أنّ المباحثات تطرقت كذلك إلى مختلف تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إذ أشاد الرئيس البيلاروسي في هذا الصدد بالدور الإيجابي لمصر في إطار العمل على التسوية السياسية لمجمل الأزمات القائمة في محيطها الإقليمي.
وتوافقت وجهات نظر البلدين في هذا السياق بشأن أهمية دعم جهود التسوية السياسية في سوريا، ومواصلة العمل على إعادة إعمار البلاد، والقضاء على الجماعات الإرهابية، ودعم مؤسسات الدولة، بما يحافظ على وحدة الأراضي السورية ويلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري الشقيق وينهي معاناته الإنسانية.
وعلى صعيد مستجدات الأوضاع الليبية، استعرض السيسي رؤية مصر للحل السياسي في ليبيا وجهودها من أجل توحيد ودعم المؤسسة العسكرية الليبية، بهدف تمكينها من القيام بمهامها، لا سيما في إطار حملتها للقضاء على العناصر والتنظيمات الإرهابية.
وأوضح المتحدث الرسمي أنّ اللقاء تناول كذلك ملف مكافحة الإتجار في البشر، إذ أشاد الجانبان بالتنسيق القائم في هذا الخصوص بين البلدين في المحافل الدولية للدفع بتلك القضية، وذلك في ظل عضوية مصر وبيلاروسيا في مجموعة الأصدقاء المتحدين ضد الاتجار في البشر داخل الأمم المتحدة، واقتناع الجانبين بخطورة وتداعيات ظاهرة الاتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود تشكل تهديدا حقيقيا لأمن المجتمع الدولي.
كما شهدت المباحثات مناقشة جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، في ضوء ما تمثله الظاهرة من تهديد حقيقي على مساعي تحقيق التنمية في المنطقة والعالم، إذ أكد السيسي ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لحصار تلك الآفة على كافة المستويات، سواء فيما يتعلق بتمويل الجماعات الإرهابية وتزويدها بالسلاح والعناصر الإرهابية، مستعرضا نتائج العملية الشاملة “سيناء 2018” والنجاحات التي حققتها في مواجهة الجماعات الإرهابية.
وأشاد الرئيس لوكاتشينكو بالمقاربة الشاملة التي اتبعتها مصر في الحرب على الإرهاب، من خلال علاج جذور المشكلة عبر دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفكر المتطرف الذى يؤدي إلى الإرهاب.
وأضاف السفير بسام راضي أنّ السيسي والرئيس البيلاروسي وقعا في ختام المباحثات على الإعلان المشترك الصادر عنها، كما شهدا التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة بين الجهات الحكومية المعنية في البلدين للتعاون في مجالي التقييس ودعم المعلومات وسياسة الشباب، وخارطة طريق للتعاون التجاري بين البلدين للعامين 2019/2020، وكذا مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس الأعمال المشترك، وأعقب ذلك انعقاد المؤتمر الصحفي المشترك بين الجانبين، ثم تقليد السيسي وسام صداقة الشعوب من الرئيس البيلاروسي.