أثناء حضوري الشهر الماضي مؤتمر المدن الأفريقية والذي استضافته القاهرة تحت عنوان “المدن الأفريقية قاطرة التنمية المستدامة” لفت انتباهي تجربة رواندا في التخلص من المواد البلاستيكية المستخدمة في تعبئة وتغليف المنتجات الغذائية؛ بهدف الحفاظ على الصحة العامة والبيئة، وهو ما أكده إينوسنت أويمانا رئيس جمعية رواندا لسلطات الحكم المحلي، حيث أعلن أن رواندا خالية من البلاستيك بنسبة 99%، وأن اتجاه بلاده الحالي هو العودة إلى المواد الورقية بدلا من البلاستيك، ليس هذا فحسب، بل أعلن “أويمانا” أن حكومة رواندا أصدرت قانونا يقضي بالتخلص من الأدوات البلاستيكية ذات الاستخدام لمرة واحدة.
ولم يكتفي “أويمانا” بهذا، بل انتقل لسرد تجربة أخرى هي “يوم من أجل الوطن”، والتجربة عملا مجتمعيا يشارك فيه الجميع في مختلف الدولة، حيث يتم تحديد يوم السبت من كل شهر لعمل مجتمعي يشارك فيه الجميع بدأ من الرئيس حت أصغر مسؤول ومواطن، وهذه التجربة، كما قال “أويمانا”، ساعدتهم في تنظيف العاصمة “كيجالي”، كما أن هذا العمل المجتمعي ساهم في توفير ملايين الدولارات؛ حيث يعطي كل مواطن يوم في الشهر من وقته لوطنه.
وينتقل”أويمانا” لعرض تجربة أخرى وهي “عقد الآداء” ويعني أن يوقع عمدة المدينة والمحافظ على عقد لعمل معين ثم يجلسون مع الوزير المختص لوضع مجموعة من الأنشطة وفق الرؤية الاستراتيجية للبلاد، ويضعون جميع الأنشطة في عقد الأداء، ويتم التوقيع على هذا العقد مع رئيس رواندا في بداية السنة المالية. ويقوم المعهد الاستراتيجي الوطني بإعلان أفضل نتيجة للأداء، وأفضل نتيجة للأداء تحصل على جائزة من الرئيس.
لم يقف “أويمانا” عند هذا الحد، بل استرسل في عرض تجربة أخرى نجحت فيها رواندا وهي الحد من الهجرة الداخلية، بهدف تقليص النازحين إلى العاصمة “كيجالي” بعد وصول معدل نمو الزيادة السكانية لها إلى 2.6%، حيث تم تطوير عدة مدن وقرى في المناطق الغربية والشرقية والشمالية بما يقلص هجرة المواطنين إلى العاصمة “كيجالي”.
رواندا، تلك الدولة الواقعة في شرق أفريقيا سجلت العديد من قصص النجاح المبهرة وخاصة في مجالي التعليم والاقتصاد، فمنذ ما يقرب من عامين طالعتنا وسائل إعلام أفريقية بأن المدارس الخاصة أصبحت مهددة بالإغلاق بسبب ارتفاع جودة التعليم الحكومي، حتى أن أصحاب المدارس الخاصة عرضوا على الحكومة تعليم الطلاب بنفس الأسعار الحكومية إلا أن الحكومة رفضت!! ووقتها قيل إن أكثر من 30 مدرسة خاصة قد أغلقت أبوابها إلى أجل غير مسمى في حين أن مدارس أخرى تكافح من أجل البقاء واقفة على قدميها بعد أن فقدت الطلاب لصالح المدارس العامة.
وقد حددت رواندا هدفا لنموها الاقتصادي لتنتقل من بلد منخفض الدخل إلى بلد متوسط الدخل، وحققت في ذلك نموا في المجال الصناعي في مجال التعدين لتحقق العام العام الماضي نموا صناعيا بنسبة 4%.
أتمنى أن تعم تجربة رواندا “يوم من أجل الوطن” جميع ربوع مصر، وأن ينقلها جميع المحافظين والمسؤولين، كل في مجاله، وينفذوها بما يتلائم مع الظروف المتاحة، فهناك مبادرات في النظافة، والتجميل والسلوك الحضاري، والتعليم، والصحة، والثقافة، والفنون وغيرها.
فمن المدارس ومراكز الشباب يمكن استغلال طاقات الشباب في تلك المبادرات والتي في هدفها الأسمى تغرس قيمة الانتماء للوطن والسعي من أجل رفعة شأنه، فـ”يوم من أجل الوطن” ليس بكثر على مصر الأم والوطن.
