رغم التقدم المحرز في الاستراتيجيات الوطنية للدول في الحد من حالات حدوثه، ما زال “العالم يشهد حالة انتحار واحدة كل 40 ثانية” حسبما أورد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية اليوم الاثنين، مسلطا الضوء على خلاصات آخر تقرير للوكالة حول تقديرات الانتحار العالمية.
وقال المدير العام للمنظمة، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريوسيس إن “كل وفاة هي مأساة لأصدقاء المتوفين وأفراد أسرتهم” مضيفا أنه من الممكن منع المزيد من حالات الانتحار. وقال الدكتور غيبريوسيس في حديث للصحفيين، قبل يوم واحد من اليوم العالمي المخصص لمكافحته، إنه ينبغي على جميع البلدان “دمج استراتيجيات منع الانتحار التي أثبتت فعاليتها في برامجها الوطنية للصحة والتعليم بطريقة مستدامة”.
ومنذ صدور التقرير الأول لمنظمة الصحة العالمية عام 2014 الذي يدرس هذه القضية، تبنت مزيد من بلدان العالم استراتيجيات وطنية خاصة بها لمنع الانتحار، ليبلغ عددها الآن 38 دولة. ومع ذلك، فإن هذا العدد “لا يزال متدنيا جدا”، حسبما قال الدكتور غيبريوسيس، مضيفا أن العديد من الحكومات بحاجة إلى الالتزام بتأسيس مثل هذه السياسات.
الانتحار: السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الشباب ويموت ما يقرب من 800 ألف شخص نتيجة الانتحار كل عام، ويقابل كل حالة موت أكثر من 20 “محاولة” انتحار، حسب التقرير الأخير. ويورد التقرير حقيقة أن “الانتحار يؤدي إلى وفاة أعداد من الناس، أكثر من ضحايا الحرب وجرائم القتل مجتمعة”، كما أنه يمثل السبب الرئيسي الثاني للوفاة، بعد حوادث الطرق، بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و 29 عاما.
على الصعيد العالمي، تحدث 79% من حالات الانتحار في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل؛ غير أن بلدان الدخل المرتفع لديها أعلى معدلات للانتحار بين سكانها. أيضا حسب التقرير، جاءت حوادث الانتحار بين الرجال بدرجات أعلى بثلاثة أضعاف من النساء في الدول الأغنى، بينما تبدو المعدلات أكثر تساويا بين الجنسين في الدول الفقيرة.
وفي ملاحظاته عن معالجة الأسباب، يقول التقرير إن الصلة بين الانتحار والصحة العقلية في البلدان ذات الدخل المرتفع تم إثباتها بالفعل. ومع ذلك، فإن “العديد من حالات الانتحار تحدث باندفاعية في لحظات الأزمات”.
تقرير منظمة الصحة العالمية يربط بشكل وثيق بين التعرض لتجارب “النزاعات والكوارث والعنف وسوء المعاملة أو الفقد والشعور بالعزلة” بالسلوك والنزوع الانتحاري. كما يلاحظ التقرير أن المجموعات الضعيفة التي تعاني من التمييز تظهر معدلات مرتفعة من حالات الانتحار.
وتتطلب هذه القضية المعقدة، حسب توصيات التقرير، التنسيق عبر قطاعات متعددة لتعزيز الوقاية. ظواهر عامة (مثل الوصمة الشائعة حول أمراض الاضطرابات النفسية، وعدم الوعي الكافي بالانتحار كمشكلة صحية كبيرة، وغياب المناقشة المفتوحة في المجتمعات) يعني أن الكثير ممن ينزعون لفكرة الانتحار لا يحصلون على المساعدة الكافية.
وتوصي منظمة الصحة العالمية البلدان بتدريب أفضل للعاملين الصحيين وغير المتخصصين أيضا ليتمكنوا من “تقييم السلوك الانتحاري والتعامل معه”. كما توصي بالعلاج المبكر لاضطرابات الصحة العقلية، وبالرصد الفعال لتعاطي الكحول والمخدرات، وبالتوجيه المسؤول من قبل وسائل الإعلام، بالإضافة إلى الحد من الوصول إلى وسائل الانتحار.
وتعترف منظمة الصحة العالمية بالانتحار باعتباره “أولوية في مجال الصحة العامة”، وقد حددت خطة عمل المنظمة للفترة 2013-2020 هدفا عالميا لخفض معدلات الانتحار بنسبة 10% بحلول عام 2020، تمشيا مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتي تحدد هدف خفض معدلات الانتحار بمقدار الثلث حتى عام 2030.
وستطلق منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي لمنع الانتحار غدا الثلاثاء، حملة 40 ثانية الإعلامية لزيادة الوعي بالانتحار حول العالم وطرق الوقاية منه. وتستمر جهود هذه الحملة حتى 10 أكتوبر، الذي يصادف اليوم العالمي للصحة النفسية.