>> الوطنية والحرية المسؤولة وجهان لعملة واحدة هي “الوطن”
>> عودة وزير الإعلام تزيد من عملية الاتصال بين الجهات السيادية.. والإعلام القوي هو الذي ينجح في إدارة الأزمات
>> إعلامنا يعاني من غياب الرؤية فأصبحت الفوضى سيدة الموقف
>> الإعلام الموجه ليس عيبا.. واستقلالية الإعلام تعني الحرية في وضع السياسات التحريرية وفق مواثيق الشرف والقيم المهنية
>> محتوى الفضائح والجنس والشعوذة ساهم في غياب قيم المجتمع
>> من العيب ألا نملك قناة وثائقية حتى الآن
تكرار المحتوى والتأخر في تغطية الأحداث أدى لانصراف المتلقي عن إعلامه الوطني
انتقد إبراهيم الصياد، رئيس قطاع الأخبار الأسبق بالتليفزيون المصري، المشهد الإعلامي الحالي، معتبرا غياب الرؤية لدى صانع القرار وغياب متخذ القرار الإعلامي من داخله هو السبب الرئيسي في انفلات المشهد الإعلامي، ما خلق حالة من عدم الثقة بين المتلقي وإعلامه الوطني، باحثا عن إعلام بديل تمثل، للأسف، في الإعلام المعارض للدولة المصرية وبشكل رئيسي قناة الجزيرة القطرية وقنوات تنظيم “الإخوان المسلمون” التي تبث من خارج مصر، مستغلين بعض الأحداث أو الأزمات المكتومة كارتفاع الأسعار ورفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والمياه للعب على وتر الوجع لدى المواطن في وقت لم يستطع فيه الإعلام الوطني من الدعاية الكافية للمشروعات الكبرى التي يقوم بها النظام وإصلاحات اقتصادية كبرى في وقت قياسي كان من المفترض القيام بها منذ سنوات بعيدة.
كما فشل الإعلام الوطني (الرسمي والخاص) في توضيح أثر النفع مستقبلا على حياة المواطنين والعائد المثمر جراء القيام بعمليات الإصلاح الاقتصادي التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وغياب رموز ووجوه لها وجهات نظر بناءة حتى وإن كانت مخالفة في الطرح لوجهة نظر النظام.. كل هذا أدى إلى حالى من الفوضى الإعلامية، علاوة على غياب وزير للإعلام كان ينسق مع دوائر صنع القرار ومؤسسات الإعلام المختلفة طبقا لرؤية تحافظ على مصلحة الدولة وأمنها القومي وفي نفس الوقت مقدما لإعلام موضوعي يحترم عقلية المتلقي ويحتوي كل الاتجاهات.
حول المشهد الإعلامي وتداعياته في المرحلة الحالية كان لنا هذا الحوار مع الإعلامي الكبير إبراهيم الصياد.. والتفاصيل في السطور التالية:
• كيف تقرأ المشهد الإعلامي الحالي وترى تداعياته؟
_ المشهد الحالي يشير إلى وجود قصور في الأداء في الإعلام العام والخاص على السواء ويرجع ذلك لعدم وجود رؤية يتم التخطيط على أساسها، وغياب الرؤية أدى الى ضياع الجهد والمال وأصبحت العشوائية هي سيدة الموقف.
• من المنوط بوضع هذه الرؤية ؟ وهل تحول هذه الرؤية الإعلام إلى إعلام موجه وتعود بنا إلى العبارة الشهيرة (الإعلام الموجه غير مستقل)؟
يجب أن يكون متخذ القرار صاحب هذه الرؤية واقصد القيادات، وكلمة “موجه” ليست عيبا، فمثلا عدم وجود (دركسيون) للسيارة سيجعلها تصطدم في أول حائط، ولا يوجد في العالم كله إعلام غير موجه إلا اذا كان إعلاما يبث من تحت السلم، ولا تعارض بين حرية الرأي وتغطية الخبر والتوجيه المهني، واستقلالية الإعلام تعني حريته في أن يضع سياسته التحريرية وفق مواثيق الشرف والقيم المهنية .
• إلى أين وصل تأثير الإعلام على الواقع الاجتماعي والسياسي ومدى تأثيره على الذوق العام؟
بدلا من انتشار برامج الفضائح والجنس والشعوذة علينا إنتاج برامج تقدم إعلاما راقيا نستعيد من خلالها قيما غابت عن مجتمعنا ، وما يقال عن البرامج يقال عن الدراما والأخبار، هل يعقل أن مصر بتاريخها الذي يرجع إلى أكثر من 7الاف عام وهي مركز للحداثة والتنوير والإشعاع الفكري لا يوجد بها قناة وثائقية حتى الآن وسبقنا من ليس لديهم تاريخ أو حضارة .
• هل ما ذكرته سبب انصراف الناس عن الإعلام المحلى والهرولة نحو إعلام المعارضة الخارجى؟
تكرار المحتوى ورتابة التقديم والتأخر في تغطية الأحداث أدى إلى انصراف المشاهد عن إعلامه الوطني باحثا عن الإعلام الخارجي الذي يقدم بعض الأجزاء الصحيحة عن أوضاع وطنه ولكن في قوالب إعلامية لها أهداف خبيثة.
• بناء على ما سبق أصبح المواطن في حيرة بين إعلام يصدر صورة سوداوية مركزا على السلبيات ويطالب بالفوضى كما يرى البعض في قنوات المعارضة الخارجية، وإعلام محلي يهلل ويغفل عن معاناة المواطن كما يصفه كثيرون.. كيف ترى ذلك؟
يجب أن يكون الإعلام مرآة صادقة للمجتمع والعشوائية لا أن يؤدي إلى الفوضى وهو ما يتعارض مع وظيفة الإعلام التي عظم من شانها الرئيس السيسي حين قال إن الإعلام لا يقل أهمية عن القوات المسلحة والشرطة والقضاء.. ما نحتاجه إعلام لا يطبل ولا يهدم.
• الإعلام يطالب السلطة بمزيد من الحرية والسلطة تطالب الإعلام بمزيد من الوطنية ،كيف تحل هذه المعادلة ؟
وهل هناك تعارض بين الحرية والوطنية؟!.. إن قمة الوطنية عندما تعبر عن رأيك الذي يبني الوطن، نحن نرى أن الحرية تظل طوق النجاة للخروج من نفق التخلف والجهل والمرض إنها ليست معادلة صعبة، الوطنية والحرية المسؤولة وجهان لعملة واحدة هي الوطن .
• ما هي أزمة الإعلام الحقيقية وكيف يمكن حلها ؟
في الإعلام لدينا كوادر قادرة على العطاء بلا حدود، وشباب يمتلك الكثير من الطاقات الإبداعية يجب تمكينه وتشجيعه، والأزمة في غياب هؤلاء.
• البعض ينادى بحرية الإعلام وحرية التعبير والرؤى، والبعض الآخر يرى أولوية الحفاظ على هيبة الدولة وأمنها القومي ؟
لا يوجد أي تعارض بين حرية الرأي ومصلحة الدولة وأمنها القومي إذا التزمنا بالأطر المهنية السليمة ودائما أقول الرأي والرأي الآخر ينجم عنهما رأي أقوى يصب في الصالح العام ،وهيبة الدولة مصونة بوجود معارضة وطنية والنظام السياسي القوي هو الذي يتسع صدره لتقبل النقد طالما كان بناء .
• هل تتطلب المرحلة الحالية وجود وزيرا للإعلام ؟ وماذا ستكون صلاحياته وسلطاته في ظل وجود المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة ؟
وزارة الإعلام لم يلغها دستور 2014 كما يعتقد البعض “خطأ”، وبالتالي عودة وزارة الإعلام ولو مؤقتا ستقوم بالاتي:
أولا: إزالة التعارض بين الهيئات الإعلامية والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والتنسيق بين المؤسسات الإعلامية خاصة التلفزيون المصري الرسمي ومؤسسات الدولة بوجود صوت للإعلام في الحكومة ويسهل عملية الاتصال مع الجهات السيادية ومنها مؤسسة الرئاسة ، فمنصب وزير الإعلام هو منصب سياسي، والإعلام رغم أهميته وخطورته لا يوجد من داخله من يتخذ القرار السياسي؛ ولهذا وقعنا في مشكلات عديدة في السنوات الأخيرة وعجزنا عن اقامة نظام إعلامي جديد، وعندما يصبح الإعلام قويا وقادرا على مواجهة الإعلام المعادي وينجح في إدارة الأزمات باحترافية ويفتح منابره لكل الاتجاهات ويسترد متابعيه.. عندها يمكن التفكير مجددا في إلغاء وزارة الإعلام .