شكل الهجوم على كنيس يهودي في هاله بشرق ألمانيا صدمة للمسلمين في البلاد أيضا، حيث أعلن المجلس المركزي لمسلمي ألمانيا تضامنه مع الجالية اليهودية ضد اليمين المتطرف، فيما يتحدث أعضائه عن تعاظم روح العداء ضد المسلمين أيضا.
لا، الاعتداء على الكنيس في هاله لم يكن مفاجئا. لقد تم توقع هذا الشيء منذ مدة طويلة، كما يقول أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا. فالاعتداء الذي استهدف الجالية اليهودية في مدينة هاله، كان بإمكانه أن يضرب أيضا الجالية المسلمة في المدينة، إذ أن اليهود والمسلمين مستهدفون على حد سواء من قبل الجناة. وبالتالي يدعم بعضهم البعض. وقال مزيك بأنه زار الجالية اليهودية في هاله.
ومنذ مدة يشهد أعضاء الاتحادات المنضوية تحت المجلس المركزي هجمات على دور عبادتهم. فالجالية المسلمة وحدها في هاله مثلا شكلت منذ سنوات هدفا لاعتداءات، إذ تم كسر زجاج النوافذ ورش عبارات نازية. وأثناء الاعتداءين الأخيرين تم إطلاق النار من مسدس على مؤمنين. لقد حصل تغير في الأجواء السائدة، كما يلخص رئيس المجلس المركزي الوضع.
ونشأت أجواء تشجع الجناة ليس فقط على الكلام، بل أيضا على الفعل. “السلوك يعكس ما يدونه بعض الإرهابيين اليمينيين ـ مثلا ذلك الذي كان في نيوزيلاندا ـ في بياناتهم، إذ ان نصوصهم تحرك مقلدين للقيام بنفس الشيء. ولذلك هي كارثة معلنة. وهذا ما يصدم”.
وحسب وزارة الداخلية تم رصد 910 جنحة ذات خلفية معادية للمسلمين في عام 2018. وهذا تراجع خفيف بالمقارنة مع عام 2017 حيث تم تسجيل 1075 جنحة. في المقابل ارتفع عدد الهجمات ضد أشخاص، إذ أصيب في عام 2018 في هجمات معادية للمسلمين 40 شخصا بجروح في الوقت الذي وصل عددهم في السنة قبلها إلى 32 شخصا.
والمجلس المركزي للمسلمين ينطلق من أن الإحصائيات لا ترصد جميع التجاوزات ولا تعكس إلا جزئيا الوقائع. فهناك فجوة كبيرة، لأن المعنيين يتخلون في الغالب عن رفع شكوى.
معاداة المسلمين أيضا في وسط المجتمع
وتفيد بحوث خبير العلوم الإسلامية، كاي حافظ بجامعة إرفورت أن أكثر من 50 في المائة من الألمان يحملون ميولا معادية للمسلمين. وفي بعض المناطق في ألمانيا مثل تورينغن وساكسونيا ترتفع تلك النسبة إلى 70 في المائة وأكثر. والتحفظات القوية ضد الاسلام لا توجد في ألمانيا فقط على هامش المجتمع، بل هي متوغلة في وسطه.
وحتى بيرته فايس، عضو رئاسة اتحاد مكافحة التمييز في ألمانيا تلاحظ تحفظات متزايدة تجاه المسلمين. وفي الغالب يتعلق الأمر ببساطة بتحفظ واضح مثل: “مسلم وذكر يساوي عنيف”، كما قالت لصحيفة “هاندلسبلات”. وتقول فايس بأن العنصرية المعادية للمسلمين تزداد في الحياة اليومية.
عنصرية يومية متزايدة
ويقول أيمن مزيك في حديث مع دويتشه فيله إن العنصرية اليومية ارتفعت بشكل ملفت. “البصق والنظرات القبيحة ما هي إلا تجارب يومية عادية لا تذكر. نحن نعيش في الشارع عنفا خطابيا وجسديا مفتوحا”. وأكد أن الرادع ضعف بحيث أن الإهانة العنصرية والشتم ازدادت بقوة. وفي الأثناء تغيرت الأجواء إلى حد أن الذين كانت لهم دوما تحفظات أو اشمئزاز ضد المسلمين يعبرون عن ذلك بكل انفتاح. “في السابق لم يجرؤوا على ذلك، لكن الآن يفعلون ذلك”. وهذا ينطبق على اليهود والمسلمين على حد سواء وعلى غرار الأشخاص الذين لهم بشرة مختلفة عن غالبية المجتمع.
وبعض أعضاء الاتحادات المنضوية تحت المجلس المركزي استنتجوا العبر من هذا العنف، كما يضيف مزيك. “الأطفال والنساء بوجه خاص في جاليتنا يشعرون بالخوف عند الذهاب إلى المسجد. فهم يتوجهون بنوع من الإرباك لصلاة الجمعة. والبعض الآخر لا يتوجه إلى الجماعة، لأنه ببساطة يخاف أو هو غير آمن. ويؤكد مزيك أن هذا لا يحق أن يحصل في دولة القانون وبلاد الحرية، وبالتالي فإن الاعتداء ضد الكنيس يشكل نقطة فاصلة.
فما الذي يجب فعله ضد اليمين المتطرف؟ مزيك يفكر في تعيين مفوض ضد معاداة المسلمين. “وفي آن واحد وجب تقوية الحوار والاستثمار في الأمن. فمن يريد مكافحة الراديكالية اليمينية، يجب عليه بدون تحفظ مكافحة معاداة المسلمين”.