منذ الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لم تجف الدماء في الشارع العراقي، والتي تطالب برحيل الحكومة والقضاء على الفساد وفقا للشعارات التي حملها المتظاهرون، ورغم سقوط الآلاف ما بين قتيل وجريج إلا أن العراقيين خرجوا للشارع بالأمس وواجهوا مجددا القتل والسحل.
ويؤكد نشطاء سياسيين أن رصيد الحكومة لدى الشارع لم يعد كبيرا، وأن دماء المتظاهرين التي سالت مجددا في ميادين العراق ستكون دافعا لاستكمال المسيرة، وفي الوقت الذي يطالب فيه المتظاهرين بالقصاص من القتلة، تتبرأ الداخلية من دمائهم.
تدبير مسبق قال السياسي العراقي، الشيخ ثآئر البياتي لـ”سبوتنيك” إن “كل ما بحدث في العراق هو بتدبير مسبق لقمع وقتل أكبر عدد من العراقيين، وأن جميع القيادات الأمنية أو السياسية المسؤولة مرتبطة مع إيران وتعمل وفق توجيهات قاسم سليماني”.
وأضاف السياسي العراقي: “المفاجأة لدى البعض هي دفع مجاميع لاستغلال المظاهرات، وتمسك إيران بعادل عبد المهدي، وذلك لدفع الجماهير تتعنت أكثر وتزيد في مطالبها لأن الفوضى تصب في مصلحة طهران”.
وأشار “البياتي” إلى أن أمريكا تتفرج وقرارها السياسي متخوف من التدخل بالعراق كونهم على عتبة انتخابات، كما أن العرب بعيدين عن الشعب العراقي ويريدون بقاء حكومه في العراق، وسوف يتصاعد الموقف يوم غدا الأحد فهناك تسهيلات لتحرك المجاميع الخاصة.
ليس غريبا على الحكومة
وأكد الدكتور قحطان الخفاجي، أستاذ الاستراتيجية في جامعة النهرين العراقية لـ”سبوتنيك”، أن ما حدث في تظاهرات الجمعة ليس غريبا على الحكومة التي “تقتل القتيل وتتباكى عليه”، الحكومة الحالية هي جزء من مآسي العراق، ولعل وجود هذا العدد من القتلى والمصابين بين صفوف المتظاهرين يعني أن الحكومة أصبحت اليوم بين طريقين لا ثالث لهما، فإما هي القاتلة الوحيدة، والثانية أنها غير قادرة على إدارة الملف الأمني، وهذا هو السبب الأساسي لخروج الجماهير عندما أدركوا أن حكومة عبد المهدي ما هى إلا واجهة لمافيات أخرى.
وأضاف “الخفاجي”، أن تلك الإجراءات توقعها جيدا المتظاهرون، كما توقعوا في كل تصريحاتهم أن عمليات قتل هي “إجرام وعجز حكومي، والحل الأهم والصحيح والأنجع للعراق هو رحيل تلك الحكومة وتجنيب البلاد مزيدا من القتل والتدمير والخراب والتبعية لأطراق إقليمية ودولية”.
أجندات خارجية
وأوضح أستاذ الاستراتيجية بجامعة النهرين، أن سقوط ضحايا ومصابين في تظاهرات أمس الجمعة، قلص رصيد الحكومة وزاد من فرص رحيلها، وأعطى للمتظاهرين مصداقية أكبر وبرهن على صحة ومصداقية مواقفهم الأساسية التي تحركوا من أجلها، وأن الحكومة ما هي إلا مجموعة أدوات لتحقيق أجندات خارجية أكثر منها داخلية، لأن الحكومة الحقيقية والوطنية هي التي تعمل على خروج العراق مما يعانيه وبعبشه، وما تقوم به من إجراءات هي في الاتجاه والتكوين الخاطئين.
ونفى الخفاجي أن تكون أي من دول المنطقة أو الإقليم وراء تحريك التظاهرات، وتلك الشائعات تهدف إلى إفراغ الحراك الشعبي من مضمونه الحقيقي، وتلك العملية مدروسة من جانب جهات معينة لإعطاء صورة مشوهة عن الحراك.
ثورة كرامة
ومن جانبها، قالت الناشطة السياسية رتاج الحمداني لـ”سبوتنيك” إن المظاهرات مستمرة في معظم المحافظات وأن الخطوات القادمة هى التوجة إلى العاصمة بغداد من أجل الاعتصام مع المتواجدين في الميادين.
وأكدت الناشطة العراقية على دعم القبائل للمتظاهرين وحمايتهم، مشيرة إلى أن الثورة العراقية هى ثورة كرامة وليست ثورة جياع كما تصفها بعض الوسائل الإعلامية التابعة للمنطقة الخضراء.
الداخلية العراقية
وأكدت وزارة الداخلية العراقية، اليوم السبت، أن القوات الأمنية لم تستخدم السلاح الناري أو القوة المفرطة تجاه المتظاهرين إطلاقا، وذلك عقب احتجاجات واسعة شهدها العراق أمس الجمعة، وأسفرت عن نحو 30 قتيلا وعشرات المصابين. وقالت وزارة الداخلية، في بيانها، إن “القوات الأمنية قامت بتأمين حماية المتظاهرين ومواقع التظاهرات بكل مسؤولية وضبط عال للنفس، وذلك بعدم استخدام السلاح الناري أو القوة المفرطة اتجاه المتظاهرين إطلاقا”.
وأضاف البيان “القوات الأمنية تعرضت إلى عدد كبير من الإصابات في صفوفها ما أدى إلى استشهاد وجرح العديد منهم نتيجة استغلال البعض للمظاهرات السلمية بالاعتداء على القوات الأمنية بالأسلحة النارية والرمانات اليدوية ووسائل أخرى كالحجارة من خلال حرف التظاهرة عن مسارها السلمي”.
وتابع البيان: “سقوط عدد من الشهداء والجرحى نتيجة صدامات مع حمايات المؤسسات ومقرات القوى السياسية بالتراشق مع المهاجمين الذين قاموا باقتحام وحرق مقرات تلك القوى”، موضحا “سجلت حالات كثيرة من الاعتداءات على المباني الحكومية والمدارس والممتلكات العامة والخاصة ومقرات الحركات السياسية، لذا تم إصدار العديد من أوامر القبض القضائية ضد العابثين”.
وكانت مفوضية حقوق الإنسان بالعراق، قالت إن أعداد القتلى بلغت 24 قتيلا في مواجهات مع الأمن، أما عدد المصابين فقد ارتفع إلى أكثر من 2000 مصاب من المتظاهرين والقوات الأمنية.
كما أفاد مصدر طبي عراقي لـ”سبوتنيك”، أمس الجمعة بانتشال 10 جثث متفحمة لمتظاهرين من داخل مبنى حزب منظمة بدر، بعد إحراقه في محافظة الديوانية، جنوبي البلاد.