لقد كشف مقتل الجنرال الإيراني، قاسم سليماني في غارة أمريكية بمطار بغداد, عن حدوث تحولات في السياسات الخارجية لعدد من الدول الأفريقية وتغييرا (إيجابيا؟) في المواقف إيثارًا لمصلحتها – خلافا لما عهدناه في العقدين الأخيرين؛ فضّلت غالبية دول في المنطقة الصمت وعدم التسرّع في اتخاذ المواقف – رغم تزايد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران وتصاعد التهديدات بينهما.
وهناك دولٌ تحرّكت نحو استعداد للمتوقع من الأزمة, بينما انتقدتْ كياناتٌ أفريقية الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي يوم السبت, أصدر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي (ANC) الحاكم في جنوب إفريقيا بيانًا انتقد فيه الغارةَ الجوية الأمريكية التي قتلت سليماني ووصفها بـ”اللاإنسانية”. ودعا البيان الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات ضد “هذا العمل الإرهابي الدولي” وضرورة ضبط النفس بين البلدين.
وفي نظر الحزب الحاكم بجنوب أفريقيا؛ لم يكن هذا الاغتيال الذي نفّذته إدارة دونالد ترامب سوى “عدوان خام” على شعب وحكومة إيران، وباستطاعة مثل العمل أن “يغرق الشرق الأوسط والعالم في حرب واسعة النطاق”.
أما في نيجيريا؛ فالحكومة هناك أكثر دبلوماسية, ولم تصدر أيّ ييانٍ مهمّ منذ الغارة الأمريكية التي قتلت سليماني – وكأنّها فضّلت المتابعة بصمتٍ لكونها في مفترق الطريق؛ – انتقاد نيجيريا للولايات المتحدة الأمريكية قد يؤدّي إلى تكثيف الضغوطات على حكومة الرئيس”محمد بخاري” التي تواجه اتهامات بقمع المعارضين وتضييق مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان. – وانتقادها لإيران قد يزيد في المخاطر الأمنية وتأزّم الأوضاع في شمال البلاد – وعلى رأسها أزمة الاشتباكات الدموية بين القوات الأمنية وأعضاء الحركة الإسلامية الشيعية.
على أنّ شرطة نيجيريا أيضا أعلنت أمس الأحد عن حالة تأهب قصوى في جميع أنحاء البلاد, قائلة إن هذه الخطوة كانت بمثابة إجراء استباقي لإحباط مثيري الشغب والذين قد يتظاهرون بشأن مقتل سليماني.
ولكسب تأييد الحكومات الأفريقية؛ بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تربط قرار اغتيالها لسليماني مع أحداث ووقائع على أراضي أفريقية؛ فقد ادّعى نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس في تغريدة له على تويتر أنّ الجنرال الراحل, قاسم سليماني, كان إرهابيّا خطّط لشنّ هجمات في كينيا عام 2011 .
غير أنّ هذا الادعاء من مايك بينس قوبل بانتقاد من قبل المحللين والمراقبين في القرن الأفريقي؛ إذ غرّد المحلل الكيني “إبراهيم محمد موتاي” بأن الادعاء بعيد عن الحقيقة.
“أنت تتأكد من أننا ننجرّ إلى حروبك الغبية. صدّرت كينيا كمية كبيرة من الشاي إلى إيران في العام الماضي, وهذا وحده يجعلنا غير مبالين بحروبك. نحن حلفاء مع إيران ولا نريد أن نكون أعداء لمجرد أنك عدوّ لإيران”؛ يقول موتاي في ردّه على نائب الرئيس الأمريكي.
ومع ذلك, فإن الهجوم الأخير – لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة – على قاعدة عسكرية أمريكية-كينية في مقاطعة لامو بكينيا يدعو إلى ضرورة التيقط في منطقة القرن الأفريقي؛ حيث يرى البعض أن تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة قد يؤدي إلى التعاون بين إيران وحركة الشباب (وهو احتمال بعيد في رأي الآخرين).
أما عن التداعيات الاقتصادية في حال استمرار التوتر؛ فستكون في اقتصادات الدول الأفريقية التي تعتمد على النفط, والمصدرة/المستوردة للسلع الأساسية المرتبطة بالدولار الأمريكي. إضافة إلى قطاعات أخرى مثل الطاقة والخدمات المصرفية والسياحة.